للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتِهَامَةَ، فَتِهَامَةُ حَارَّةٌ يُسْرِعُ إدْرَاكُ ثَمَرِهَا وَنَجْدٌ بَارِدَةٌ، وَالْمُرَادُ بِالْعَامِ هَذَا اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً.

قَالَ الشَّيْخُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الضَّمِّ هُنَا بِإِطْلَاعِهِمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَطْعِ فَيُضَمُّ طَلْعُ نَخْلِهِ إلَى الْآخَرِ إنْ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ جِذَاذِ الْأَوَّلِ وَكَذَا بَعْدَهُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، (وَقِيلَ إنْ أَطْلَعَ الثَّانِي بَعْدَ جِذَاذِ الْأَوَّلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ وَإِعْجَامِهِمَا أَيْ قَطْعِهِ (لَمْ يُضَمَّ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ ثَمَرَ عَامَيْنِ، وَلَوْ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ الْأَوَّلِ ضُمَّ إلَيْهِ جَزْمًا (وَزَرْعَا الْعَامِ يُضَمَّانِ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ زِرَاعَتُهُ فِي الْفُصُولِ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الذُّرَةِ فَإِنَّهَا تُزْرَعُ فِي الرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ وَالصَّيْفِ (وَالْأَظْهَرُ) فِي الضَّمِّ (اعْتِبَارُ وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا فِي سَنَةٍ) وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ حَصْدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الزَّرْعَانِ فِي سَنَةٍ إذْ الْحَصَادُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَعِنْدَهُ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ.

وَالثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِوُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ فِي السَّنَةِ؛ لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ هِيَ الْأَصْلُ، وَدَاخِلَةٌ أَيْضًا تَحْتَ الْقُدْرَةِ، وَجُمْلَةُ مَا فِيهَا عَشَرَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ نَقْلٌ بَاطِلٌ يَطُولُ الْقَوْلُ بِتَفْصِيلِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهُ فَضْلًا عَنْ عَزْوِهِ إلَى الْأَكْثَرِينَ، بَلْ رَجَّحَ كَثِيرُونَ اعْتِبَارَ وُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ فِي عَامٍ مِنْهُمْ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ ابْنُ النَّقِيبِ.

قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ: وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي نَقْلِ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ: أَيْ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَامٌ عَلَى النَّافِي.

وَالْمُرَادُ بِالْحَصَادِ حُصُولُهُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ كَمَا أَفَادَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ، وَقَالَ: إنَّ تَعْلِيلَهُمْ يُرْشِدُ إلَيْهِ، وَلَوْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ مَعًا أَوْ عَلَى التَّوَاصُلِ الْمُعْتَادِ، ثُمَّ أُدْرِكَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ بَقْلٌ لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ فَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ فِيهِ بِالضَّمِّ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ زَرْعُ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ صُدِّقَ الْمَالِكُ فِي دَعْوَاهُ كَوْنَهُ فِي عَامَيْنِ، فَإِنْ اتَّهَمَهُ حَلَّفَهُ نَدْبًا؛ لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ غَيْرُ مُخَالَفٍ بِالظَّاهِرِ وَالْمُسْتَخْلَفُ مِنْ أَصْلٍ كَذُرَةٍ سَنْبَلَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي عَامٍ يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ؛ لِأَنَّهُمَا يُرَادَانِ لِلتَّأْبِيدِ فَجُعِلَ كُلُّ حَمْلٍ كَثَمَرَةِ عَامٍ، بِخِلَافِ الذُّرَةِ وَنَحْوِهَا فَأُلْحِقَ الْخَارِجُ مِنْهَا ثَانِيًا بِالْأَوَّلِ كَزَرْعٍ تُعُجِّلَ إدْرَاكُ بَعْضِهِ

(وَوَاجِبُ مَا شَرِبَ بِالْمَطَرِ) أَوْ مَاءٍ انْصَبَّ إلَيْهِ مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ سَاقِيَةٍ حُفِرَتْ مِنْ النَّهْرِ وَإِنْ احْتَاجَتْ لِمُؤْنَةٍ (أَوْ عُرُوقِهِ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ) وَهُوَ الْبَعْلُ (مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ الْعُشْرُ وَ) وَاجِبُ (مَا سُقِيَ) مِنْهُمَا (بِنَضْحٍ) مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ بِحَيَوَانٍ، وَيُسَمَّى الذَّكَرُ نَاضِحًا وَالْأُنْثَى نَاضِحَةً، وَيُسَمَّى هَذَا الْحَيَوَانُ أَيْضًا سَانِيَةً بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ وَمُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ (أَوْ دُولَابٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ، وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ، أَوْ دَالِيَةٌ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ، وَقِيلَ الْبَكْرَةُ أَوْ نَاعُورَةٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُ بَيْعٌ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَرَدُّ بَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا.

ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ غَيْرُ صَحِيحٍ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ مَا بَيْنَ إطْلَاعِ النَّخْلَةِ إلَى بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَمُنْتَهَى إدْرَاكِهَا ذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا فِي سَنَةٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ النَّخْلِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ اتِّحَادُ الْإِطْلَاعَيْنِ أَنَّ نَحْوَ النَّخْلِ بِمُجَرَّدِ الْإِطْلَاعِ صَلَحَ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ سَائِرُ أَنْوَاعِهِ، بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ لِلْآدَمِيِّينَ الْحَبُّ خَاصَّةً فَاعْتُبِرَ حَصَادُهُ (قَوْلُهُ يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَقَعْ حَصَادَاهُمَا فِي عَامٍ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُسْتَخْلَفًا مِنْ الْأَصْلِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]

(قَوْلُهُ: أَوْ دَالِيَةٍ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالدَّوَالِيبُ لَفْظُهَا جَمْعُ دُولَابٍ بِضَمِّ الدَّالِ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَيُقَالُ لَهُ الدَّالِيَةُ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ، وَقِيلَ الدَّالِيَةُ الْبَكَرَةُ انْتَهَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>