وَالثَّانِي تُقَاسُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا مِمَّا فِيهِ حَدٌّ فَيَنْقُصُ تَعْزِيرُ مُقَدِّمَةِ الزِّنَا عَنْ حَدِّهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ، وَتَعْزِيرُ السَّبِّ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ (وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ حَدٍّ فَلَا تَعْزِيرَ) يَجُوزُ (لِلْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ نَظَرِهِ فِيهِ (أَوْ) مُسْتَحِقُّ (تَعْزِيرٍ) (فَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ التَّعْزِيرُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَلُّقِهِ بِنَظَرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ مُسْتَحِقِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ بِالْعَفْوِ يَسْقُطُ فَيَبْقَى حَقُّ الْإِصْلَاحِ لِيَنْزَجِرَ عَنْ عَوْدِهِ لِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَبْلَ الطَّلَبِ الْإِصْلَاحُ مُنْتَظَرٌ، فَلَوْ أُقِيمَ لَفَاتَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ حَقُّ الطَّلَبِ وَحُصُولُ التَّشَفِّي، لَكِنْ لَوْ طَلَبَهُ لَزِمَ الْإِمَامُ إجَابَتَهُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْعَفْوُ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَبِعَهُ فُرُوعُهُ وَغَيْرُهُمْ وَإِنْ رَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي خِلَافَهُ.
أَمَّا الْعَفْوُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِ تَعَالَى فَيَجُوزُ لَهُ حَيْثُ يَرَاهُ مَصْلَحَةً.
كِتَابُ الصِّيَالِ هُوَ الِاسْتِطَالَةُ وَالْوُثُوبُ عَلَى الْغَيْرِ (ضَمَانُ الْوُلَاةِ) وَمِنْ مُتَعَلِّقِهِمْ ذِكْرُ الْخِتَانِ وَضَمَانِ الْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَخْتِنُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَمَنْ مَعَ الدَّابَّةِ وَلِيٌّ عَلَيْهَا.
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وَالِاعْتِدَاءُ لِلْمُشَاكَلَةِ، وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاسْتِسْلَامَ أَفْضَلُ كَمَا يَأْتِي، وَالْمِثْلِيَّةُ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ لَا الْإِفْرَادِ لِمَا يَأْتِي وَخَبَرُ «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» وَنَصْرُ الظَّالِمِ مَنْعُهُ مِنْ ظُلْمِهِ (لَهُ) أَيْ الشَّخْصِ (دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ) وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَدَابَّةً عِنْدَ غَلَبَةِ صِيَالِهِ (عَلَى) مَعْصُومٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ (نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ) أَوْ مَنْفَعَةٍ (أَوْ بُضْعٍ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهُوَ يُحْتَجُّ بِهِ إذَا اعْتَضَدَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا سَوَّغَ الِاسْتِدْلَال بِهِ وَمِنْ الْمُسَوِّغَاتِ عَدَمُ وُجُودِ غَيْرِهِ فِي الْبَابِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَرَاهُ مَصْلَحَةً) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ تَرْكُ التَّعْزِيرِ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِهِ تَسَلُّطُ أَعْوَانِ الْوُلَاةِ عَلَى الْمُعَزَّرِ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُعَزَّرِ اجْتِنَابُ مَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ وَيُعَزَّرُ بِغَيْرِهِ، بَلْ إنْ رَأَى تَرْكَهُ مَصْلَحَةً مُطْلَقًا تَرَكَهُ وُجُوبًا.
كِتَابُ الصِّيَالِ (قَوْلُهُ هُوَ) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ وَالْوُثُوبُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَمِنْ مُتَعَلِّقِهِمْ: أَيْ الْوُلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِدَاءُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: ١٩٤] (قَوْلُهُ وَإِشَارَةٍ) وَجْهُ الْإِشَارَةِ أَنَّ فِي تَسْمِيَتِهِ اعْتِدَاءً إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَتَرْكُهُ اسْتِسْلَامٌ اهـ عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ الشَّخْصِ هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ مَا يُشْتَرَطُ لِلْوُجُوبِ الْآتِي بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ إلَخْ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ اشْتِرَاطٍ حَيْثُ جَازَ الِاسْتِسْلَامُ لِلصَّائِلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ) قَالَ م ر: شَمَلَ قَوْلُهُ صَائِلٍ الْحَامِلَ فَلَهُ دَفْعُهَا وَلَا يَضْمَنُ حَمْلَهَا لَوْ أَدَّى الدَّفْعُ إلَى تَلَفِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّ صِيَالِهِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الدَّافِعِ تَلَبُّسُ الصَّائِلِ بِصِيَالِهِ حَقِيقَةً، وَلَا يَكْفِي لِجَوَازِ دَفْعِهِ تَوَهُّمُهُ بَلْ وَلَا الشَّكُّ فِيهِ أَوْ ظَنُّهُ ظَنًّا ضَعِيفًا عَلَى مَا أَفْهَمُهُ قَوْلُهُ غَلَبَةِ ظَنِّهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا الظَّنُّ الْقَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةٍ) قَدْ يُقَالُ الصَّائِلُ عَلَى الطَّرَفِ شَامِلٌ لِإِتْلَافِهِ نَفْسَهُ وَلِإِتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ، وَجَعَلَهُ خَارِجًا عَنْ الْمَتْنِ زَائِدًا عَلَيْهِ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ
[حاشية الرشيدي]
[كِتَابُ الصِّيَالِ]
ِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِدَاءُ لِلْمُشَاكَلَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: ١٩٤] (قَوْلُهُ: وَإِشَارَةٌ إلَى أَفْضَلِيَّةِ الِاسْتِسْلَامِ) وَجْهُ الْإِشَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute