بِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا أَخَذَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِقَاعِهِ هُوَ بِالْعَمَلِ فِيهَا لَا بِهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ.
(وَلَوْ) (اخْتَلَفَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ) أَهُوَ الرُّبُعُ أَمْ الثُّلُثُ مَثَلًا (تَحَالَفَا) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي عِوَضِ الْعَقْدِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى صِحَّتِهِ فَأَشْبَهَ اخْتِلَافَ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِتَعَذُّرِ رُجُوعِ عَمَلِهِ إلَيْهِ فَوَجَبَ لَهُ قِيمَتُهُ وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَلِلْمَالِكِ جَمِيعُ الرِّبْحِ، وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَلَوْ كَانَ الْقِرَاضُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَمُدَّعِي الْعَامِلِ دُونَ الْأُجْرَةِ فَلَا تَحَالُفَ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّدَاقِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ وَلَوْ ذِمِّيًّا مَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ كَخَمْرٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَسَلَّمَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ قَارَضَهُ لَيُجْلَبَ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ عَمَلٌ زَائِدٌ عَلَى التِّجَارَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ لِقَارِضَيْنِ لَهُ رَقِيقَيْنِ فَاشْتَبَهَا عَلَيْهِ وَقَعَا لَهُ وَغَرِمَ لَهُمَا الْأَلْفَيْنِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِفْرَادِ لَا قِيمَتَهُمَا، وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إذَا مِتُّ فَتَصَرَّفْ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ الرِّبْحِ لَغَا فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلتَّعْلِيقِ وَارْتِفَاعِ الْقِرَاضِ بِالْمَوْتِ لَوْ صَحَّ، وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ وَاشْتَبَهَ مَالُ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ فَكَالْوَدِيعِ بِمَوْتٍ وَعِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ وَاشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَإِنْ جَنَى عَبْدُ الْقِرَاضِ فَهَلْ يُفْدِيهِ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ.
كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ لَمَّا كَانَتْ شَبِيهَةً لِلْقِرَاضِ فِي الْعَمَلِ فِي شَيْءٍ بِبَعْضِ نَمَائِهِ وَجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَلِلْإِجَارَةِ فِي اللُّزُومِ وَالتَّأْقِيتِ جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا. وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّقْيِ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْقَافِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيهَا غَالِبًا، لَا سِيَّمَا بِالْحِجَازِ فَإِنَّهُمْ يَسْقُونَ مِنْ الْآبَارِ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ أَعْمَالِهَا وَأَكْثَرُهَا مُؤْنَةً، وَهِيَ مُعَامَلَةٌ عَلَى تَعَهُّدِ شَجَرٍ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ " مُعَامَلَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ جَمِيعُهُ.
(قَوْلُهُ: أَهُوَ الرُّبْعُ أَمْ الثُّلُثُ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. أَمَّا لَوْ قَارَضَهُ وَأَطْلَقَ ثُمَّ أَذِنَ فِي السَّفَرِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلْ بِالسَّفَرِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إلَخْ) هَذِهِ الصُّورَةُ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مُدَّةِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ لَهُمَا) أَيْ الْمُقَارِضَيْنِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا نَعَمْ) خِلَافًا لِشَرْحِ الرَّوْضِ، وَعَلَيْهِ فَيُحْسَبُ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ. .
كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ
(قَوْلُهُ: وَسُكُونِ الْقَافِ) ع، وَقِيلَ مِنْ السَّقِيِّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهِيَ صِغَارُ النَّخْلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَنْفَعُ أَعْمَالِهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّقْيِ. وَالْمُرَادُ أَنَّ فِعْلَ الْعَامِلِ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى السَّقْيِ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَنْفَعَ أَعْمَالِهَا أُخِذْت مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ اصْطِلَاحًا (قَوْلُهُ: عَلَى تَعَهُّدِ شَجَرٍ) عَبَّرَ بِهِ دُونَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهَا عَلَى غَيْرِهِمَا لِيَتَأَتَّى التَّعْرِيفُ عَلَى الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ الْآتِيَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا فُتِحَتْ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ، كَذَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ) أَيْ بَلْ يَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إذَا مِتّ فَتَصَرَّفْ إلَخْ) هَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِهِ. كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ
[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]
(قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَتْ شَبِيهَةً بِالْقِرَاضِ) تَقَدَّمَ هَذَا أَوَّلَ الْقِرَاضِ أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute