للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَشَقَّةِ (وَقِيلَ) لِمَسَافَةِ (قَصْرٍ) لِذَلِكَ وَرُدَّ بِمَنْعِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوهَا فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ عَنْ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّوْكِيلُ بِلَا مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الْأَصْلِ هُنَا، وَمَرَّ فِي التَّزْكِيَةِ قَبُولُ شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ بِهَا عَنْ آخَرِينَ فِي الْبَلَدِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ فِي الْبَلَدِ لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ.

وَلَوْ حَضَرَ الْأَصْلُ قَبْلَ الْحُكْمِ تَعَيَّنَتْ شَهَادَتُهُ، وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ تَكْرَارًا مَعَ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّ نَحْوَ مَوْتِ الْأَصْلِيِّ وَجُنُونِهِ وَعَمَاهُ لَا يَمْنَعُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي بَيَانِ طَرَيَان الْعُذْرِ وَهَذَا فِي مُسَوِّغِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ هَذَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَأَنْ يُسَمِّيَ) الْفَرْعُ (الْأُصُولَ) لِيَعْرِفَ الْقَاضِي عَدَالَتَهُمْ أَوْ ضِدَّهَا وَيَتَمَكَّنَ الْخَصْمُ مِنْ الْجَرْحِ إنْ عَرَفَهُ، وَالْمُرَادُ تَسْمِيَةٌ تَحْصُلُ بِهَا الْمَعْرِفَةُ، وَصَوَّبَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ تَسْمِيَةِ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ لِمَا غَلَبَ عَلَى الْقُضَاةِ مِنْ الْجَهْلِ وَالْفِسْقِ (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تُزَكِّيهِمْ الْفُرُوعُ) وَلَا أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِصِدْقِهِمْ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ بَلْ لَهُمْ إطْلَاقُ الشَّهَادَةِ وَالْقَاضِي يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ (فَإِنْ زَكَّوْهُمْ قُبِلَ) ذَلِكَ مِنْهُمْ إنْ تَأَهَّلُوا لِلتَّعْلِيلِ لِانْتِفَاءِ تُهْمَتِهِمْ فِي تَعْدِيلِهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ تَزْكِيَةُ أَحَدِ شَاهِدَيْنِ فِي وَاقِعَةٍ لِلْآخَرِ لِأَنَّهُ قَامَ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَقُومُ بِالْآخَرِ، وَتَزْكِيَةُ الْفَرْعِ الْأَصْلَ مِنْ تَتِمَّةِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَلِذَا شُرِطَتْ عَلَى وَجْهٍ، وَتَفَنَّنِ هُنَا بِجَمْعِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ تَارَةً وَإِفْرَادِ كُلٍّ أُخْرَى (وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عُدُولٍ وَلَمْ يُسَمُّوهُمْ لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّهُ يَسُدُّ بَابَ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ شَاهِدَا فَرْعٍ وَشَاهِدَا أَصْلٍ قُدِّمَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ قَبْلَ شَهَادَةِ الْفَرْعِ كَمَا إذَا كَانَ مَعَهُ بَعْضُ مَاءٍ لَا يَكْفِيه يَسْتَعْمِلُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ.

(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ إذَا (رَجَعُوا) أَيْ الشُّهُودُ (عَنْ الشَّهَادَةِ) بَعْدَ الْأَدَاءِ وَ (قَبْلَ الْحُكْمِ) (امْتَنَعَ) الْحُكْمُ بِهَا لِزَوَالِ سَبَبِهِ، كَمَا لَوْ طَرَأَ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ قَبْلَهُ لِنَحْوِ فِسْقٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ انْتِقَالِ الْمَالِ الْمَشْهُودِ بِهِ لِلشَّاهِدِ بِإِرْثٍ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ لَا نَحْوِ مَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلِأَنَّهُ لَا يُدْرَى أَصَدَقُوا فِي الْأَوَّلِ أَمْ فِي الثَّانِي، وَيَفْسُقُونَ وَيُعَزَّرُونَ إنْ قَالُوا: تَعَمَّدْنَا، وَيُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ إنْ كَانَتْ بِزِنًا وَإِنْ ادَّعَوْا الْغَلَطَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ رُجُوعَهُمْ بَعْدَ الثُّبُوتِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ مُطْلَقًا، وَسَوَاءٌ أَصَرَّحَ الشَّاهِدُ بِالرُّجُوعِ أَمْ قَالَ: شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ أَمْ لَا شَهَادَةَ لِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ تَكْرَارًا) وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ عَادَهُ الْقَاضِي كَمَا لَوْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ، وَإِنْ فَرَّقَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ بِبَقَاءِ الْعُذْرِ هُنَا لَا ثَمَّ لِأَنَّهُ بِحُضُورِ الْقَاضِي عِنْدَهُ لَمْ يَبْقَ هُنَاكَ عُذْرٌ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ بَاقٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَ الْأَذْرَعِيُّ) مَسْأَلَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَشَاهِدُ أَصْلٍ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَتَحَمَّلَ اثْنَانِ عَلَى شَاهِدِ أَصْلٍ وَحَضَرَا عِنْدَ الْقَاضِي وَتَحَمَّلَ اثْنَانِ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ ثُمَّ قَامَ بِهِمَا عُذْرٌ فَتَحَمَّلَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا اثْنَانِ آخَرَانِ فَهَذَانِ شَاهِدَانِ عَنْ الْفَرْعِ وَذَانِكَ شَاهِدَانِ عَلَى الْأَصْلِ فَتُقَدَّمُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى شَهَادَةِ هَذَيْنِ لِيُحْكَمَ بِشَهَادَةِ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ) أَيْ وُجُوبًا حَتَّى لَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ.

(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَالْفُرُوعَ كَالْمَطَرِ وَالْوَحَلِ الشَّدِيدِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوهَا فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ) أَيْ فِي انْتِقَالِ الْوِلَايَةِ عَنْهُ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّوْكِيلُ) أَيْ إذَا كَانَ دُونَهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ تَسْمِيَةٌ تَحْصُلُ بِهَا الْمَعْرِفَةُ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا سَبَقَتْ لِلْقَاضِي مَعْرِفَةٌ بِهِمَا فَلْيُرَاجَعْ.

[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَشْهُودِ) لَعَلَّهُ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا انْتَقَلَ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ مِنْ غَيْرِ الْمَشْهُودِ لَهُ كَأَنْ بَاعَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ لِمُوَرِّثِ الشَّاهِدِ فَمَاتَ وَوَرِثَهُ الشَّاهِدُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِحُكْمٍ مُطْلَقًا) أَيْ لَيْسَ بِحُكْمٍ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>