للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخَرِ حُكْمٌ، فَإِنْ بَالَ بِهِمَا عَلَى الِاسْتِوَاءِ فَهُمَا أَصْلِيَّانِ (وَلَا تَنْقُضُ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَمَا بَيْنَهَا) وَحَرْفُهَا وَحَرْفُ الْكَفِّ لِخُرُوجِهَا عَنْ سَمْتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى اللَّمْسِ بِهَا وَحْدَهَا مَنْ أَرَادَ لِينَ الْمَلْمُوسِ وَخُشُونَتِهِ وَقِيلَ تَنْقُضُ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ دُونَ مَا بَيْنَهَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي حَرْفِ الْكَفِّ وَيُنْتَقَضُ بِمَسِّ بَاطِنِ أُصْبُعٍ زَائِدٍ إنْ كَانَتْ عَلَى سُنَنِ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ فَلَا، وَالْمُرَادُ بِبَيْنِ الْأَصَابِعِ فِيمَا يَظْهَرُ النُّقَرُ الَّتِي بَيْنَهَا وَمَا حَاذَاهَا مِنْ أَعْلَى الْأَصَابِعِ إلَى أَسْفَلِهَا وَبِحَرْفِهَا جَوَانِبُهَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعَمَلِ وَالْمُسَامَتَةِ بِوَقْتِ الْمَسِّ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ

(وَيَحْرُمُ بِالْحَدَثِ الصَّلَاةُ) بِأَنْوَاعِهَا وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ، وَفِي مَعْنَاهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ.

وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا إجْمَاعًا مَحْمُولٌ عَلَى حَدَثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَهَذَا فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَدَائِمِ الْحَدَثِ، أَمَّا هُمَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: مَا يَفْعَلُهُ عَوَامُّ الْفُقَرَاءِ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ فَهُوَ مِنْ الْعَظَائِمِ وَلَوْ كَانَ بِطَهَارَةٍ وَإِلَى الْقِبْلَةِ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنْ الْتَبَسَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّقْضَ مَنُوطٌ بِهِمَا مَعًا لَا بِأَحَدِهِمَا. وَلَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ فَبَالَتْ وَحَاضَتْ بِهِمَا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ بِالْخَارِجِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ بَالَتْ وَحَاضَتْ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ، وَلَوْ بَالَتْ بِأَحَدِهِمَا وَحَاضَتْ بِالْآخَرِ فَالْوَجْهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا اهـ. وَهَلْ يَجْرِي هُنَا تَفْصِيلُهُ السَّابِقُ حَتَّى لَوْ كَانَ أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا اخْتَصَّ النَّقْضُ بِالْأَصْلِيِّ وَإِنْ بَالَتْ أَوْ حَاضَتْ بِهِمَا. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِهِمَا نَقَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا، بَلْ الْبَوْلُ بِهِمَا دَلِيلٌ عَلَى أَصَالَتِهِمَا م ر (قَوْلُهُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخَرِ حُكْمٌ) أَيْ وَإِنْ جَامَعَ بِهِ وَأَنْزَلَ (قَوْلُهُ: عَلَى سُنَنِ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ) أَيْ وَإِنْ نَبَتَتْ بِبَاطِنِ الْكَفِّ فَلَيْسَتْ كَالسِّلْعَةِ النَّاقِضَةِ بِجَمِيعِ جَوَانِبِهَا.

وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ كَذَا فِي الْعُبَابِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ سَامَتَتْ. وَنَازَعَ حَجّ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمُسَامَتَةِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ فَلَا) أَيْ أَوْ فِي بَاطِنِهِ وَلَيْسَتْ عَلَى سُنَنِ الْأَصَابِعِ بِأَنْ كَانَتْ كَالْعَمُودِ فَلَا تَنْقُضُ مُطْلَقًا لَا ظَاهِرُهَا وَلَا بَاطِنُهَا، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهَا كَالسِّلْعَةِ فَيَنْقُضُ ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُسَامَتَةُ بِوَقْتِ الْمَسِّ إلَخْ) وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ عَامِلَةً فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَصَالَتِهَا، فَإِذَا طَرَأَ عَدَمُ الْعَمَلِ عَلَيْهَا صَارَتْ أَصْلِيَّةً شَلَّاءَ، وَالشَّلَلُ لَا يَمْنَعُ مِنْ النَّقْضِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ قَصْدًا لِلرَّدِّ عَلَى الشَّعْبِيِّ حَيْثُ قَالَ بِجَوَازِهَا مَعَ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهَا دُعَاءٌ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى حَدَثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي الِجَوَابِ: إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَرُمَتْ الصَّلَاةُ بِمَاهِيَّةِ الْحَدَثِ إجْمَاعًا وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي جُزْئِيَّاتِهِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ) هَلْ مِثْلُهُ مَا يَقَعُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ الِانْحِنَاءِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ، أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَقْرَبُ إلَى السُّجُودِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مِثْلُهُ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ السُّجُودَ يُتَعَبَّدُ بِهِ وَحْدَهُ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَمَا قَارَبَهُ لَا يُتَعَبَّدُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ الْعَظَائِمِ) أَيْ الْكَبَائِرِ (قَوْلُهُ: وَأَخْشَى) إنَّمَا قَالَ وَأَخْشَى إلَخْ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ كُفْرًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ لَا يَقْتَضِي تَعْظِيمَ الشَّيْخِ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِحَيْثُ يَكُونُ مَعْبُودًا، وَالْكُفْرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[مَا يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ]

قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى حَدَثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ) أُجِيبُ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ تَحْرُمُ بِمُطْلَقِ الْحَدَثِ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمْ فِي تَعْيِينِهِ.

وَأَقُولُ: مَنْ صَلَّى بِحَدَثٍ عِنْدَهُ: أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ فَصَلَاتُهُ حَرَامٌ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ: إنَّمَا احْتَاجَ إلَى هَذَا لِتَفْسِيرِهِ الْحَدَثَ فِيمَا مَرَّ بِالْأَسْبَابِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ.

أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُرَخِّصِ كَمَا مَرَّ فِي تَعْرِيفِهِ وَهُنَا الْمُرَخِّصُ مَوْجُودٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>