للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ أَشْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ، وَرَغْمَ أَنَّهُمَا كَانَا خَارِجَهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ إذْ هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» فَضَعِيفٌ، وَاَلَّذِي فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَحَّ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ، وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا أَوْ عَلَى نُقْصَانِ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ يُنْصَرَفُ غَالِبًا عَنْهَا، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي الصَّحْرَاءِ يَحْضُرُ دَفْنَهَا غَالِبًا، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فَلَا أَجْرَ لَهُ كَامِلٌ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» أَمَّا إذَا خِيفَ مِنْ إدْخَالِهِ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ إدْخَالُهُ (وَيُسَنُّ جَعْلُ صُفُوفِهِمْ) أَيْ الْمُصَلِّينَ عَلَى الْمَيِّتِ (ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ) لِخَبَرِ «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ أَوْجَبَ: أَيْ حَصَلَتْ لَهُ الْمَغْفِرَةُ» وَلِهَذَا كَانَتْ الثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ.

نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ آكِدٌ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ مُحَافَظَةً عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَيَتَأَكَّدُ كَمَا فِي الْبَحْرِ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ مَاتَ فِي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ كَيَوْمِ عَرَفَةَ وَالْعِيدِ وَعَاشُورَاءَ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا (وَإِذَا صَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (فَحَضَرَ مَنْ) أَيْ شَخْصٌ (لَمْ يُصَلِّ) عَلَيْهِ (صَلَّى) عَلَيْهِ اسْتِحْبَابًا سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ دَفْنِهِ أَمْ بَعْدَهُ وَيَنْوِي لَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْفَرْضَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ عَلَى أَبِي الرَّبِيعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ هَشَّةَ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ أُحُدًا اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

لَكِنْ فِي الْإِصَابَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْدَهْ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى عَلَى سَهْلٍ وَأَخِيهِ سُهَيْلٍ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: وَزَعَمَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ سَهْلًا مُكَبَّرًا مَاتَ بَعْدَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: اسْمُ أَخِي سُهَيْلٍ صَفْوَانُ وَمَنْ سَمَّاهُ سَهْلًا فَقَدْ وُهِمَ كَذَا قَالَ، لَكِنْ ذَكَرَ فِيهَا أَيْضًا فِي تَرْجَمَةِ صَفْوَانَ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ اُسْتُشْهِدَ بِبَدْرٍ، وَجَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ، وَبِهِ جَزَمَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ تَبَعًا لِلْوَاقِدِيِّ، وَقِيلَ مَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ اهـ بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ: سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ وَاسْمُهُ سَهْلٌ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ) قَالَ حَجّ: وَلِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ: أَنَّ الظَّرْفَ بَعْدَ فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ الْحِسِّيَّيْنِ يَكُونُ لَهُمَا بِخِلَافِهِ بَعْدَ غَيْرِ الْحِسِّيَّيْنِ يَكُونُ لِلْفَاعِلِ فَقَطْ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ جَعْلُ صُفُوفِهِمْ) حَيْثُ كَانُوا سِتَّةً فَأَكْثَرَ اهـ حَجّ.

وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا دُونَ السِّتَّةِ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ، فَلَوْ حَضَرَ مَعَ الْإِمَامِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَقَفُوا خَلْفَهُ وَفِي كَلَامِ سم عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ: فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَقَطْ فَهَلْ يَقِفُ الزَّائِدُ عَلَى الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ صَفَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعَدَدِ الَّذِي طَلَبَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الصُّفُوفِ؛ وَلِأَنَّهُمْ يَصِيرُونَ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ بِالْإِمَامِ أَوْ صَفًّا وَاحِدًا لِعَدَمِ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ بَلْ هُوَ وَجِيهٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَقَفُوا خَلْفَ الْإِمَامِ، وَلَوْ قِيلَ يَقِفُ وَاحِدٌ مَعَ الْإِمَامِ وَاثْنَانِ صَفًّا لَمْ يَبْعُدْ لِقُرْبِهِ مِنْ الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ.

أَمَّا لَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَيَنْبَغِي وُقُوفُ كُلِّ اثْنَيْنِ صَفًّا خَلْفَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُرَاعَاةً لِمَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الثَّلَاثَةِ صُفُوفٍ أَيْضًا.

وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْحَاضِرُونَ ثَلَاثَةً فَقَطْ بِالْإِمَامِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْآخَرُ وَرَاءَ مَنْ هُوَ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقِفَ اثْنَانِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيَكُونُ الْإِمَامُ صَفًّا وَالِاثْنَانِ صَفًّا؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الصَّفِّ اثْنَانِ فَسَقَطَ طَلَبُ الثَّالِثِ لِتَعَذُّرِهِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ الثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ جَاءَ وَقَدْ اصْطَفَّ الثَّلَاثَةُ فَالْأَفْضَلُ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَتَحَرَّى الْأَوَّلَ.

لِأَنَّا إنَّمَا سَوَّيْنَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِئَلَّا يَتْرُكُوهَا بِتَقَدُّمِهِمْ كُلِّهِمْ لِلْأَوَّلِ وَهَذَا مُنْتَفٍ هَهُنَا، وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا سِتَّةٌ بِالْإِمَامِ وَقَفَ وَاحِدٌ مَعَهُ وَاثْنَانِ صَفًّا وَاثْنَانِ صَفًّا اهـ حَجّ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ أَقَلَّ الصَّفِّ اثْنَانِ وَإِلَّا لَجُعِلَتْ الْخَمْسَةُ صَفَّيْنِ وَالْإِمَامُ صَفًّا (قَوْلُهُ: فِي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَوْتَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة]

قَوْلُهُ: نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ آكَدُ) أَيْ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ شَخْصٌ) أَيْ أَوْ أَكْثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>