مُسْلِمًا.
وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي: لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَدْلٌ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ فِي تَوْرِيثِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ مِنْهُ وَلَا حِرْمَانِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ بِلَا خِلَافٍ، وَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ بِقَوْلِ عَدْلٍ وَاحِدٍ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ قَبُولِهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْجُمْهُورِ خِلَافَهُ
(وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ) زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ (تَقَدُّمُ غُسْلِهِ) أَيْ أَوْ تَيَمُّمِهِ بِشَرْطِهِ إذْ هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ صَلَاتِهِ لِنَفْسِهِ حَيًّا
(وَتُكْرَهُ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (قَبْلَ تَكْفِينِهِ) وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُصَلِّي؛ لِأَنَّ بَابَ التَّكْفِينِ أَوْسَعُ مِنْ الْغُسْلِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ نُبِشَ قَبْرُهُ لِيُغَسَّلَ بِخِلَافِ مَنْ دُفِنَ بِلَا تَكْفِينٍ، وَأَنَّ مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ بِلَا طُهْرٍ لِعَجْزِهِ عَمَّا يُتَطَهَّرُ بِهِ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ لِعَجْزِهِ عَمَّا يَسْتُرُهَا بِهِ (فَإِنْ مَاتَ بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ) كَوُقُوعِهِ فِي بِئْرٍ أَوْ بَحْرٍ عَمِيقٍ (وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ وَغُسْلُهُ أَوْ تَيَمُّمُهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِجَمْعٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِصِحَّةِ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ بَلْ وُجُوبُهَا، إذْ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا هُوَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّ الشَّارِعُ طَرَفَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ) إذَا صَلَّى عَلَيْهَا،
(وَ) أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى (الْقَبْرِ) إذَا صَلَّى عَلَيْهِ، (عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) اقْتِدَاءً بِمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ، وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ كَإِمَامٍ، وَالثَّانِي يَجُوزُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِإِمَامٍ مَتْبُوعٍ حَتَّى يَتَعَيَّنَ تَقْدِيمُهُ، بَلْ هُوَ كَعَبْدٍ جَاءَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ عِنْدَهُ سَيِّدَهُ، وَاحْتُرِزَ بِالْحَاضِرَةِ عَنْ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَتْ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَكَانٌ وَاحِدٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا تَنْزِيلًا لِلْمَيِّتِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ مُسَاوَاتِهِ، وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ ذَلِكَ
(وَتَجُوزُ) (الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (فِي الْمَسْجِدِ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، بَلْ تُسْتَحَبُّ فِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ فِيهَا كُفَّارٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ تَرْجِيحِ قَبُولِهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَجْزِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا يُعَلِّقُهَا
(قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ) أَيْ فَلَا تَحْرُمُ وَلَوْ بِدُونِ سِتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالْأَوَّلُ الْمُبَادَرَةُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا خِيفَ مِنْ تَأْخِيرِهَا إلَى تَمَامِ التَّكْفِينِ خُرُوجُ نَجِسٍ مِنْهُ كَدَمٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا) أَيْ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُحَدِّدْ لِصَلَاتِهِ وَقْتًا، وَوُجُوبُ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى الدَّفْنِ لَا يَسْتَدْعِي إلْحَاقَ ذَلِكَ بِالْوَقْتِ الْمَحْدُودِ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي تُيُقِّنَ كَوْنُ الْمَيِّتِ فِيهِ إنْ عُلِمَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْإِمَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) أَيْ فَإِنْ تَقَدَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَانْظُرْ بِمَاذَا يُعْتَبَرُ التَّقَدُّمُ بِهِ هُنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِالتَّقَدُّمِ بِالْعَقِبِ عَلَى رَأْسِ الْمَيِّتِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ) وَصَفَ أُمَّهُمَا وَاسْمُهَا دَعْدٌ، وَفِي تَكْمِلَةِ الصَّغَانِيِّ: إذَا قَالَتْ الْعَرَبُ فُلَانٌ أَبْيَضُ وَفُلَانَةُ بَيْضَاءُ فَالْمَعْنَى نَقَاءُ الْعِرْضِ مِنْ الدَّنَسِ وَالْعُيُوبِ اهـ مَحَلِّيٌّ.
وَمَا ذُكِرَ يُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ النُّورِ فِيمَا كَتَبَهُ عَلِيُّ بْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي الْوُفُودِ فِي وَفْدِ بَنِي سَعْدٍ هُذَيْمٍ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ: ثُمَّ خَرَجْنَا نَؤُمُّ الْمَسْجِدَ حَتَّى انْتَهَيْنَا إلَى بَابِهِ فَنَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ، صَاحِبُ هَذِهِ الْجِنَازَةِ لَا أَعْرِفُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سُهَيْلُ بْنُ الْبَيْضَاءِ، فَإِنَّ قُدُومَ هَذَا الْوَفْدِ سَنَةَ تِسْعٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلُهُ وَسُهَيْلٌ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ مَقْدِمَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ تَبُوكَ وَلَا أَعْلَمُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي كَوْنِ الْأَخِ سَهْلًا فِيهِ نَظَرٌ أَوْ صَفْوَانَ فِيهِ نَظَرٌ، وَتَلْخِيصُهُ أَنَّ سَهْلًا مُكَبَّرًا تُوُفِّيَ بَعْدَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَكَوْنُهُ صَفْوَانَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ صَفْوَانَ تُوُفِّيَ قَتِيلًا بِبَدْرٍ.
وَالصَّوَابُ حَدِيثُ عَبَّادِ بْنِ مُسْلِمٍ الَّذِي فِيهِ إفْرَادُ سُهَيْلٍ لَا الْحَدِيثُ الَّذِي بَعْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا فِي مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَلَكِنَّهُ صَلَّى
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .