للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَتَمَلَّكْتُ) أَوْ كِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ سَائِرِ الْأَبْوَابِ (وَنَحْوِهِ) كَأَخَذْتُهُ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَحَثَ النَّجْمُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاخْتِصَاصِ الَّذِي كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُلَهُ لِنَفْسِهِ (وَقِيلَ: تَكْفِي النِّيَّةُ) أَيْ تَجْدِيدُ قَصْدِ التَّمَلُّكِ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ وَالْإِيجَابِ (وَقِيلَ يَمْلِكُهَا بِمُضِيِّ السَّنَةِ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ اكْتِفَاءً بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ السَّابِقِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ دَائِمًا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ التَّعْرِيفِ وَعَرَّفَ سَنَةً فَبَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ لَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ، وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ فَعَرَّفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِمَا عَرَّفَ مِنْ قَبْلُ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ لَوْ عَرَّفَهُ مُدَّةً قَبْلَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ ثُمَّ قَصَدَهُ اعْتَدَّ بِمَا مَضَى، وَبَنَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ وَهُوَ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِئْنَافُ فِيهِ أَيْضًا (فَإِنْ تَمَلَّكَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يَظْهَرْ مَالِكُهَا فَلَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهَا مِنْ كَسْبِهِ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَوْ (فَظَهَرَ الْمَالِكُ) وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا (وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا) أَوْ بَدَلِهَا (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ إذْ الْحَقُّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا، وَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا إذَا عَلِمَهُ وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: كَتَمَلَّكْتُ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّمَلُّكِ مَعْرِفَتُهَا حَتَّى لَوْ جُهِلَتْ لَهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ وَهِيَ نَظِيرُ الْقَرْضِ بَلْ قَالُوا إنَّ مِلْكَهَا مِلْكُ قَرْضٍ فَلْيُنْظَرْ هَلْ يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ م ر.

[فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَلَدَ اللُّقَطَةِ كَاللُّقَطَةِ إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْتِقَاطِهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا وَيَمْلِكُهُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَمْلِكُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ لِأُمِّهِ: أَيْ وَيَتَمَلَّكُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: قَوْلُ سم وَلَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ قَدْ يُسْتَفَادُ الِاشْتِرَاطُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ أَمَّا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ مَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِهَا لَوْ ظَهَرَ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا هَلْ يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مِثْلِهِ مَعَ الْجَهْلِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَانْفَصَلَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا أَنَّهَا لَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِتَمَلُّكِ أُمِّهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَمَلُّكٍ لَهُ بِخُصُوصِهِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ مَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي التَّمَلُّكِ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ: كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُلَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ نَقَلْت الِاخْتِصَاصَ بِهِ إلَيَّ (قَوْلُهُ: فَلَا مُطَالَبَةَ إلَخْ) لَوْ تَمَلَّكَ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ ثُمَّ عَرَّفَهُ وَلَمْ يَتَمَلَّكْ الْقِيمَةَ هَلْ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ أَيْضًا فِي الْآخِرَةِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الثَّانِي اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا غَرِمَ عَلَى رَدِّهَا أَوْ رَدِّ بَدَلِهَا إذَا ظَهَرَ مَالِكُهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْرِيفِ وَتَمَلَّكَ صَارَتْ عَنْ جُمْلَةِ أَكْسَابِهِ، وَعَدَمُ نِيَّتِهِ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ، وَعَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ رَدًّا وَلَا عَدَمَهُ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا) لَوْ كَانَ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا ثُمَّ عَادَ فَالْمُتَّجِهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَزُلْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلِهَا) هَلْ يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ بِالْقِيَاسِ الِاشْتِرَاطُ إنْ كَانَ الْمِلْكُ يُنْتَقَضُ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْمَالِكِ، وَيَدُلُّ عَلَى انْتِقَاضِ الْمِلْكِ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْمَالِكِ وُجُوبُ الرَّدِّ لِلْمَالِكِ حَيْثُ عَلِمَ قَبْلَ طَلَبِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَدْ يُقَالُ: قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمِلْكُ يُنْتَقَضُ إلَخْ إنَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

إنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَدَلِهَا عِنْدَ ظُهُورِ مَالِكِهَا هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْقُلَهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ بِلَفْظٍ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ، وَبَحْثُ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاخْتِصَاصِ كَكَلْبٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَيْنِ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى نَقْلِ الِاخْتِصَاصِ، الَّذِي كَانَ لِغَيْرِهِ لِنَفْسِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ) يَعْنِي كَلَامَهُ الْأَخِيرَ حَيْثُ قَيَّدَ فِيهِ الْحُكْمَ بِمَا إذَا لَمْ نُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>