صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا دَابَّةً لَا يَضْبِطُهَا مِثْلُهُمَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُتْلِفُهَا، وَمَا لَوْ كَانَ مَعَ دَوَابِّ رَاعٍ فَتَفَرَّقَتْ لِنَحْوِ هَيَجَانِ رِيحٍ أَوْ ظُلْمَةٍ لَا لِنَحْوِ نَوْمٍ وَأَفْسَدَتْ زَرْعًا فَلَا يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ نَدَّ بَعِيرُهُ أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْ يَدِهِ وَأَفْسَدَتْ شَيْئًا، لَكِنَّ هَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مَعَ دَابَّةٍ فَإِيرَادُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَمَا لَوْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ مُتَّسِعٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَمَا لَوْ حَفَرَ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِي الطَّرِيقِ مَثَلًا مَنْ دَخَلَ دَارًا بِهَا كَلْبٌ عَقُورٌ فَعَقَرَهُ أَوْ دَابَّةٌ فَرَفَسَتْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ صَاحِبُهُمَا إنْ عَلِمَ بِحَالِهِمَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَبِخِلَافِ الْخَارِجِ مِنْهُمَا عَنْ الدَّارِ وَلَوْ بِجَانِبِ بَابِهَا؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا رَبْطُهَا بِمَوَاتٍ أَوْ مِلْكِهِ فَلَا يَضْمَنُ بِهِ مُتْلِفُهَا بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ أَجَّرَهُ دَارًا إلَّا بَيْتًا مُعَيَّنًا فَأَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِيهِ، وَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتْ وَأَتْلَفَتْ مَالًا لِلْمُكْتَرِي لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَا يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ نَفْسًا وَمَالًا صَيْدُ الْحَرَمِ وَشَجَرُهُ وَصَيْدُ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْرُجَانِ عَنْهُمَا، وَلَوْ رَبَطَ فَرَسَهُ فِي خَانْ فَقَالَ لِصَغِيرٍ خُذْ مِنْ هَذَا التِّبْنِ وَاعْلِفْهَا فَفَعَلَ فَرَفَسَتْهُ فَمَاتَ وَهُوَ حَاضِرٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِيهِ لِتَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الدَّابَّةِ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ إحْكَامِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَضْبِطُهَا) وَلَك أَنْ تَقُولَ: يَنْبَغِي الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ يَضْبِطُهَا مِثْلَهُمَا إذْ لَا وِلَايَةَ وَلَا نَظَرَ لَهُ فِي مَصْلَحَتِهِمَا وَمُجَرَّدُ كَوْنِهِمَا يُضْبَطَانِ لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيَّ (قَوْلُهُ: أَوْ ظُلْمَةٍ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ ضَمَانِ السَّاقِطِ بِنَحْوِ رِيحٍ بِأَنَّ الْوُقُوعَ عَنْ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ لَهُ فَضَمِنَ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّهَا بِتَفَرُّقِهَا لِهَيَجَانِ الرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ خَرَجَتْ عَنْ يَدِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَا لِنَحْوِ نَوْمٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ رَاكِبَهَا ثُمَّ أَلْقَتْهُ بِجِمَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ وَفَرَّتْ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فِي انْصِرَافِهَا فَلَا يَضْمَنُهُ صَاحِبُهَا (قَوْلُهُ: فَإِيرَادُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ) قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارُ الْمَعِيَّةِ حَالَ الْإِتْلَافِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لَكِنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ وَهُوَ كَافٍ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ رَبَطَهَا) أَيْ فَلَا يَضْمَنُ، وَظَاهِرُهُ لَا نَهَارًا وَلَا لَيْلًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ دَابَّةٌ فَرَفَسَتْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ) ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا لَوْ دَخَلَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ فَإِنَّهُ عَرَّضَهُ لِإِتْلَافِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ضَمَانُهُ مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ لِصَغِيرٍ خُذْ مِنْ هَذَا التِّبْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إلَّا عَلَيْهِ، وَكَانَ أَعْمَى (قَوْلُهُ: فَأَدْخَلَ دَابَّتَهُ) أَيْ الْمُؤَجِّرُ (قَوْلُهُ وَأَتْلَفَتْ مَالًا لِلْمُكْتَرِي لَمْ يَضْمَنْهُ) لَعَلَّهُ لِنِسْبَةِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ إلَى التَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ: لَا يَخْرُجَانِ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ النَّفْسِ وَالْمَالِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ الصَّغِيرُ) هِيَ لِلتَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحَذِّرْهُ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا كَانَ غَائِبًا وَلَمْ يُحَذِّرْهُ وَهِيَ رَمُوحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا يَضْبِطُهَا مِثْلُهُمَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا يَضْبِطَانِهَا لَا يَضْمَنُ الْأَجْنَبِيُّ، وَأَنَّ الْوَلِيَّ إذَا أَرْكَبَهَا مَا لَا يَضْبِطَانِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَهُوَ خِلَافُ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ.
وَعِبَارَتُهُ: لَوْ أَرْكَبَ رَجُلٌ صَبِيًّا دَابَّةً فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، فَإِنْ أَرْكَبَهُ أَجْنَبِيٌّ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ أَوْ وَلِيُّهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّبِيِّ ضَمِنَ الصَّبِيُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَصْلَحَةٌ فِيهِ ضَمِنَ الْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ طِفْلًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَفِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا إشَارَةٌ إلَيْهِ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ، وَكَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الِاصْطِدَامِ يُوَافِقُهَا (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ مُتَّسِعٍ) أَيْ فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مِلْكِهِ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ مِنْ دَاخِلِ دَارٍ بِهَا كَلْبٌ عَقُورٌ أَوْ دَابَّةٌ، وَلَعَلَّ الدَّابَّةَ فِيمَا مَرَّ شَأْنُهَا الضَّرَاوَةُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَأَدْخَلَ دَابَّتَهُ) أَيْ الْمُؤَجَّرِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَاضِرٌ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ قَيْدٌ وَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute