وَلَمْ يُحَذِّرْهُ مِنْهَا، وَكَانَتْ رَمُوحًا ضَمِنَهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الطَّيْرِ، أَمَّا هُوَ فَلَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مَا لَمْ يُرْسِلْ الْمُعَلَّمَ عَلَى مَا صَارَ إتْلَافُهُ لَهُ طَبْعًا، وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْلٍ قَتَلَ جَمَلًا بِأَنَّهُ هَدَرٌ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِهِ دُونَ صَاحِبِ النَّحْلِ، إذَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ
(وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ بِطَرِيقٍ فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ) وَإِلَّا لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ الْمُرُورِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ كَالرَّافِعِيِّ هُنَا، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ لَكِنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ زَعَمَ كَثِيرٌ أَنَّ نَصَّ الْأُمِّ وَالْأَصْحَابِ الضَّمَانُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمَا بِمُخَالَفَتِهِمَا لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ
(وَيَحْتَرِزُ) الْمَارُّ بِطَرِيقٍ (عَمَّا لَا يُعْتَادُ) فِيهَا (كَرَكْضٍ شَدِيدٍ فِي وَحَلٍ) أَوْ فِي مَجْمَعِ النَّاسِ (فَإِنْ خَالَفَ) (ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ) لِتَعَدِّيهِ كَمَا لَوْ سَاقَ الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ أَوْ الْبَقَرَ أَوْ الْغَنَمَ فِي السُّوقِ أَوْ رَكِبَ فِيهِ مَا لَا يُرْكَبُ مِثْلُهُ إلَّا فِي صَحْرَاءَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكْضٌ.
أَمَّا الرَّكْضُ الْمُعْتَادُ فَلَا يُضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ
(وَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ بَهِيمَةٍ) وَهُوَ مَعَهَا، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا لَوْ أَرْسَلَهَا (فَحَكَّ بِنَاءً فَسَقَطَ ضَمِنَهُ) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لِوُجُوبِ التَّلَفِ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ دَابَّتِهِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ مُسْتَحِقَّ الْهَدْمِ، وَلَمْ يَتْلَفْ مِنْ الْآلَةِ شَيْءٌ فَلَا ضَمَانَ، كَأَنْ بَنَى بِنَاءً مَائِلًا إلَى شَارِعٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ لَا إنْ كَانَ مُسْتَوِيًا، ثُمَّ مَالَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي الْأَخِيرَةِ (وَإِنْ) (دَخَلَ) مَنْ مَعَهُ حَطَبٌ (سُوقًا فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ) مُسْتَقْبِلًا كَانَ أَوْ مُسْتَدْبِرًا (ضَمِنَ) هـ (إنْ كَانَ) ثَمَّ (زِحَامٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) زِحَامٌ (وَتَمَزَّقَ) بِهِ (ثَوْبٌ) مَثَلًا (فَلَا) يَضْمَنُهُ (إلَّا ثَوْبَ) أَوْ مَتَاعَ أَوْ بَدَنَ (أَعْمَى) أَوْ مَعْصُوبِ الْعَيْنِ لِرَمَدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَمُسْتَدْبِرِ الْبَهِيمَةِ فَيَجِبُ تَنْبِيهُهُ) أَيْ مَنْ ذَكَرَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ الْكُلَّ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ مُسْتَقْبِلَ الْحَطَبِ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ كَالْأَعْمَى، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ كَانَ غَافِلًا أَوْ مُلْتَفِتًا أَوْ مُطْرِقًا مُفَكِّرًا ضَمِنَهُ صَاحِبُ الْحَطَبِ، إذْ لَا تَقْصِيرَ حِينَئِذٍ.
وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُنَبِّهْهُ مَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِصَمَمِهِ؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إتْلَافِهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الْآمِرُ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِهِ مُطْلَقًا) أَيْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَارَ إتْلَافُهُ لَهُ طَبْعًا) أَيْ فَيَضْمَنُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلَّمَ قِرْدًا، وَأَمَرَهُ بِالسَّرِقَةِ فَسَرَقَ لَمْ يُقْطَعْ أَنَّ الْقَطْعَ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْلٍ قَتَلَ جَمَلًا) أَيْ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ أَيْ الْجَمَلَ، وَقَوْلُهُ هَدَرٌ لِتَقْصِيرِهِ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَضَعْهُ فِي بَيْتٍ مُسْقَفٍ أَوْ لَمْ يَضَعْ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ النَّحْلِ إلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْجَمَلِ فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ) ع: أَيْ وَلَوْ بِالزَّلَقِ فِيهِ أَيْ الْبَوْلِ بَعْدَ ذَهَابِهَا، نَعَمْ لَوْ تَعَمَّدَ الْمَارُّ الْمَشْيَ فَلَا ضَمَانَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا (قَوْلُهُ: بِمُخَالَفَتِهِمَا لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ) لَكِنْ يُشْكِلُ بِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُقَالُ الْمُخَالِفُ يُؤَوِّلُ النَّصَّ، وَيَتَمَسَّكُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ بِنَصٍّ آخَرَ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَاقَ الْإِبِلَ) قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ضَمَانُ مَنْ مَعَ الْإِبِلِ سَائِقًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ مَقْطُورَةً اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي السُّوقِ) أَيْ وَلَوْ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: إلَّا فِي صَحْرَاءَ) أَيْ كَالدَّوَابِّ الشَّرِسَةِ
(قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ إنْ كَانَ ثَمَّ زِحَامٌ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بِأَزِقَّةِ مِصْرَ مِنْ دُخُولِ الْجِمَالِ مَثَلًا بِالْأَحْمَالِ ثُمَّ إنَّهُمْ يَضْطَرُّونَ الْمُشَاةَ أَوْ غَيْرَهُ فَيَقَعُ الْمُضْطَرُّ عَلَى غَيْرِهِ فَيُتْلِفُ مَتَاعَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى سَائِقِ الْجِمَالِ وَإِنْ كَثُرُوا لِأَنَّهُمْ مَنْسُوبُونَ إلَيْهِ.
وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمَزْحُومُ الْجَمَلَ بِحَمْلِهِ مَثَلًا عَلَى غَيْرِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا، فَالضَّمَانُ عَلَى الدَّافِعِ لَا عَلَى مَنْ مَعَ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّنْبِيهِ وَعَدَمِهِ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ صَاحِبِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مَا حَصَلَ بِهِ التَّلَفُ الْمُقْتَضِي لِلضَّمَانِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ وَلَمْ يُحَذِّرْهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ التَّحْذِيرُ حَالَ الرَّمْحِ بِأَنْ رَآهَا تَرْمَحُهُ فَلَمْ يُحَذِّرْهُ فَلْيُرَاجَعْ.