للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَعَدَمِهِ، وَقَيَّدَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْبَصِيرَ الْمُقْبِلَ بِمَا إذَا وُجِدَ مُنْحَرِفًا.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ لِضِيقٍ وَعَدَمِ عَطْفَةٍ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الزِّحَامِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، قَالَ: وَلَوْ دَخَلَ السُّوقَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الزِّحَامِ فَحَدَثَ زِحَامٌ فَالْمُتَّجِهُ إلْحَاقُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ زِحَامٌ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ حَدَثَتْ الرِّيحُ، وَأَخْرَجَتْ الْمَالَ مِنْ النَّقَبِ لَا قَطْعَ فِيهِ بِخِلَافِ تَعْرِيضِهِ لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ حَيْثُ لَا فِعْلَ مِنْ صَاحِبِ الثَّوْبِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ الْحَطَبُ بِهِ فَجَذَبَهُ فَنِصْفُ الضَّمَانِ عَلَى صَاحِبِ الْحَطَبِ يَجِبُ كَلَاحِقٍ وَطِئَ مَدَاسَ سَابِقٍ فَانْقَطَعَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ السَّابِقِ، وَقَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ انْقَطَعَ مُؤَخَّرُ السَّابِقِ فَالضَّمَانُ عَلَى اللَّاحِقِ أَوْ مُقَدَّمُ مَدَاسِ اللَّاحِقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّابِقِ، يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا فِي قُوَّةِ الِاعْتِمَادِ، وَضَعَّفَهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِمَا فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُمَا، وَوَجَبَ إحَالَةُ ذَلِكَ عَلَى السَّبَبَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْمُصْطَدِمَيْنِ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَة بِقُوَّةِ مَشْيِ أَحَدِهِمَا وَقِلَّةِ حَرَكَةِ الْآخَرِ (وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ (إذَا لَمْ يُقَصِّرْ صَاحِبُ الْمَالِ، فَإِنْ قَصَّرَ بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ) وَلَوْ وَاسِعًا، وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ إذْ الْفَرْضُ هُنَا تَعْرِيضُهُ مَتَاعَهُ لِلتَّلَفِ وَهُوَ مَوْجُودٌ (أَوْ عَرَّضَهُ لِلدَّابَّةِ فَلَا) يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ، وَأَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَمَرَّ إنْسَانٌ بِحِمَارِ الْحَطَبِ، يُرِيدُ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ فَمَزَّقَ ثَوْبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى سَائِقِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُرُورِهِ عَلَيْهِ.

قَالَ: وَكَذَا لَوْ وُضِعَ حَطَبٌ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ فَمَرَّ بِهِ آخَرُ فَتَمَزَّقَ بِهِ ثَوْبُهُ

(وَإِنْ) (كَانَتْ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا) وَقَدْ أَرْسَلَهَا فِي الصَّحْرَاءِ (فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ نَهَارًا) (لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهَا) أَيْ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِحَقٍّ كَمُودِعٍ أَمْ بِغَيْرِهِ كَغَاصِبٍ، وَمَا نَازَعَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْوِ الْمُودِعِ بِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُرْسِلَهَا إلَّا بِحَافِظٍ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ حِفْظِهَا لَا مِنْ حَيْثُ جِهَةِ إتْلَافِهَا، بَلْ وَالْعَادَةُ مُحْكَمَةٌ فِيهِ كَالْمَالِكِ (أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ) إذْ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ حِفْظُ الزَّرْعِ نَهَارًا وَالدَّابَّةِ لَيْلًا، وَلِذَا لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدٍ بِعَكْسِ ذَلِكَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ أَوْ بِحِفْظِهِمَا فِيهِمَا ضَمِنَ فِيهِمَا، أَمَّا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي الْبَلَدِ ضَمِنَ مُطْلَقًا لِمُخَالَفَتِهِ الْعَادَةَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِهِ مَا إذَا تَوَسَّطَتْ الْمَرَاعِي وَالْمَزَارِعُ فَأَرْسَلَهَا بِلَا رَاعٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِينَئِذٍ عَدَمُ إرْسَالِهَا بِلَا رَاعٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اُعْتِيدَ إرْسَالُهَا بِدُونِهِ فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي كُلٍّ عَلَى مَا اُعْتِيدَ فِيهِ، وَلَوْ تَكَاثَرَتْ فَعَجَزَ أَصْحَابُ الزَّرْعِ عَنْ رَدِّهَا فَيَضْمَنُ أَصْحَابُهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَادَةِ، وَمَا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي مَوْضِعٍ مَغْصُوبٍ فَانْتَشَرَتْ مِنْهُ لِغَيْرِهِ وَأَفْسَدَتْهُ فَيَضْمَنُهُ مُرْسِلُهَا وَلَوْ نَهَارًا كَمَا بَحَثَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّنْبِيهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُطْرِقًا مُفَكِّرًا: أَيْ وَلَوْ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَعَدَمِهِ) أَيْ وَلِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا آخَرَ كَتَنْبِيهِهِ بِجَرِّ رِدَائِهِ مَثَلًا أَوْ غَمْزِهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: لِضِيقٍ وَعَدَمِ عَطْفَةٍ) أَيْ قَرِيبَةٍ فَلَا يُكَلَّفُ الْعَوْدَ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجِهُ إلْحَاقُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ زِحَامٌ) أَيْ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُمَا) أَيْ الْمُؤَخَّرِ وَالْمُقَدَّمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ إحْدَاثِ مَسَاطِبَ أَمَامَ الْحَوَانِيتِ بِالشَّوَارِعِ، وَوَضْعِ أَصْحَابِهَا عَلَيْهَا بَضَائِعَ لِلْبَيْعِ كَالْخُضَرِيَّةِ مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَتْ دَابَّتُهُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الْبِضَاعَةِ (قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْضُ هُنَا) وَفِي نُسْخَةٍ الْمَلْحَظُ.

(قَوْلُهُ: مَا لَوْ مَرَّ إنْسَانٌ بِحِمَارٍ) أَيْ عَلَى حِمَارِهِ (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: فَمَرَّ بِهِ آخَرُ) أَيْ وَلَوْ أَعْمَى

(قَوْلُهُ: سَوَاءً أَكَانَتْ) أَيْ الْيَدُ (قَوْلُهُ: مُحْكَمَةً فِيهِ) أَيْ الْمُودِعِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي الْبَلَدِ ضَمِنَ مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ إرْسَالَهَا فِي الْبَلَدِ وَحْدَهَا، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمُرَاعِي الْمُتَوَسِّطَةِ خِلَافُهُ، بَلْ قَدْ يَجْعَلُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ تَبَعًا لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ

(قَوْلُهُ: بَلْ وَالْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ فِيهِ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يُرْسِلَهَا بِلَا حَافِظٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>