مِنْ آخَرِ الْبَابِ اشْتِرَاطُ عَدَمِ تَكْذِيبِ الْحِسِّ وَالشَّرْعِ لَهُ.
وَمِنْ الطَّلَاقِ الِاخْتِيَارُ عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا بِادِّعَاءِ أَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ سَيَأْتِي بَعْدُ بِقَلِيلٍ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَكُونَ مُكْرَهًا، وَلَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِيهِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ بِأَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا حَتَّى عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ مُخْتَارٌ كَمَا يَأْتِي وَمَرَّ أَنَّ طَلَبَ الْبَيْعِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ إقْرَارٌ بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَكِنَّ تَعْيِينَهَا فِي الْأَخِيرِ إلَى الْمُقِرِّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (وَإِقْرَارُ الصَّبِيِّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا وَأَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ (وَالْمَجْنُونُ) وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَا يُعْذَرُ بِهِ (لَاغٍ) لِسُقُوطِ أَقْوَالِهِمْ (فَإِنْ ادَّعَى) الصَّبِيُّ (الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ) أَيْ نُزُولِ الْمَنِيِّ يَقَظَةً أَوْ نَوْمًا أَوْ الصَّبِيَّةُ الْبُلُوغَ بِالْحَيْضِ (مَعَ الْإِمْكَانِ) لَهُ بِأَنْ كَانَ فِي سِنٍّ يَحْتَمِلُ الْبُلُوغَ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ زَمَنِ الْإِمْكَانِ فِي بَابَيْ الْحَيْضِ وَالْحَجْرِ (صُدِّقَ) فِي ذَلِكَ إذْ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَا يُعَارِضُهُ إمْكَانُ الْبَيِّنَةِ عَلَى إمْكَانِ الْحَيْضِ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ عُسْرٌ (وَلَا يَحْلِفُ) عَلَيْهِ وَإِنْ فَرَضَتْ خُصُومَةٌ لِأَنَّهُ إنْ صُدِّقَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى يَمِينٍ وَإِلَّا فَالصَّبِيُّ لَا يَحْلِفُ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَيْهَا عِنْدَ اتِّهَامِهِ إعْطَاءُ غَازٍ ادَّعَى الِاحْتِلَامَ وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتِلَةِ أَوْ إثْبَاتَ اسْمِهِ، وَكَذَا وَلَدٌ مُرْتَزَقٌ ادَّعَاهُ وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ وَاتَّهَمَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ بِنَحْوِ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ هَذَا) أَيْ الِاخْتِيَارَ، وَقَوْلُهُ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا: أَيْ فِي قَوْلِهِ يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ الْمُقِرِّ، وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ مُخْتَارٌ: أَيْ وَذَكَرَ أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ كَذَا مُكْرَهًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَمَرَّ: أَيْ فِي بَابِ الصُّلْحِ، وَقَوْلُهُ وَالْعَارِيَّةِ: أَيْ وَطَلَبُ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) هُوَ طَلَبُ الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْأَخِيرَتَيْنِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ الصَّبِيِّ) قِيلَ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ اهـ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا حَصْرَ فِيمَا قَبْلَهُ، وَمَفْهُومُ الْمَجْرُورِ ضَعِيفٌ اهـ حَجّ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ إذْ لَا حَصْرَ إلَخْ هَذَا لَا يَمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ، وَمَفْهُومُ الْمَجْرُورِ وَإِنْ ضَعُفَ يُعْتَدُّ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَجْرُورِ قَوْلُهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مُرَاهِقًا غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى الصَّبِيُّ) أَيْ لِيَصِحَّ إقْرَارُهُ أَوْ لِيَتَصَدَّقَ فِي أَمْوَالِهِ (قَوْلُهُ: فِي بَابَيْ الْحَيْضِ) وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ تَحْدِيدِيَّةٍ فِي خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَتَقْرِيبِيَّةٍ فِي الْحَيْضِ، وَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى إمْكَانِ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ عَلَى وُجُودِ الْحَيْضِ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذَّكَرِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَيْضِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْيَمِينِ (قَوْلُهُ ادَّعَى الِاحْتِلَامَ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَأَنْكَرَهُ أَمِيرُ الْجَيْشِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَحْلِيفِهِ الْمَحْذُورُ السَّابِقُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْبُلُوغُ حِينَ التَّحْلِيفِ، إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَالِغٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ مُدَّعٍ أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَيَحْلِفُ بَعْدَ الِانْقِضَاءِ أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا حِينَئِذٍ كَمَا صُوِّرَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتِلَةِ) وَيَسْتَثْنِي أَيْضًا مَا لَوْ أَسْلَمَ الْأَبُ وَادَّعَى عَدَمَ بُلُوغِ وَلَدِهِ حَتَّى يَتْبَعَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَادَّعَى الْوَلَدُ الْبُلُوغَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْوَلَدُ: أَيْ وَيُتْرَكُ عَلَى دِينِهِ سم، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْأَبُ وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، قَالَهُ م ر، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ دَعْوَى الْوَلَدِ الْبُلُوغَ فَإِنَّهَا تَتَضَمَّنُ إنْكَارَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ظَهَرَ مَعَ مُبَاحَثَةِ م ر أَنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدًّا بَعْدَ دَعْوَى الْبُلُوغِ بَعْدَ دَعْوَى الْأَبِ الصِّغَرَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ.
أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ لَمْ يَثْبُت إسْلَامُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْأَبِ حَتَّى يَكُونَ إنْكَارُهُ رِدَّةً بَلْ فِيمَا لَوْ نَكَلَ الصَّبِيُّ وَحَلَفَ الْأَبُ إنَّمَا ثَبَتَ صِبَاهُ فَكَيْفَ يَكُونُ إنْكَارُهُ الْإِسْلَامَ رِدَّةً، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُصَوَّرُ مَا قَالَهُ م ر بِمَا إذَا مَضَى بَعْدَ إسْلَامِ الْأَبِ مُدَّةً يُحْكَمُ فِيهَا بِبُلُوغِ الِابْنِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا حَلَفَ الْأَبُ نُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِلرَّمْلِيِّ عَدَمُ تَحْلِيفِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: أَوْ إثْبَاتَ اسْمِهِ) عَطْفٌ عَلَى " إعْطَاءَ " اهـ
[حاشية الرشيدي]
لَفْظَ الْخَبَرِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْأَخِيرَةِ مَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ بِالْمَنْفَعَةِ فَيَشْمَلُ طَلَبَ الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ لِيُوَافِقَ كَلَامَ الشِّهَابِ حَجّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ تَعْيِينُ جِهَةِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا حَتَّى لَوْ عَيَّنَهَا بِإِجَارَةِ يَوْمٍ مَثَلًا قُبِلَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنَّهَا تُوقِفُ عَلَيْهَا إعْطَاءَ غَازٍ ادَّعَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute