للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَقُّ الْفُقَرَاءِ (بِنَفْسِ الْخَرْصِ) لِعَدَمِ وُرُودِ التَّضْمِينِ فِي الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ هَذَا التَّضْمِينُ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ جَمِيعُ الثِّمَارِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ سُرِقَتْ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْجَرِينِ قَبْلَ الْجَفَافِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَطْعًا لِفَوَاتِ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصَابًا زَكَّاهُ أَوْ دُونَهُ أَخْرَجَ حِصَّتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ، فَإِنْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ ضَمِنَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَقْصِيرِهِ مَعَ تَقَدُّمِ التَّضْمِينِ لِبِنَاءِ أَمْرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ؛ لِأَنَّهَا عُلْقَةٌ ثَبَتَتْ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ فَبَقَاءُ الْحَقِّ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ (فَإِذَا ضَمِنَ) أَيْ الْمَالِكُ (جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ بَيْعًا وَغَيْرَهُ) لِانْقِطَاعِ تَعَلُّقِهِمْ مِنْ الْعَيْنِ، وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ امْتِنَاعَ تَصَرُّفِهِ قَبْلَ التَّضْمِينِ فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ لَا فِي بَعْضِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا عَدَا الْوَاجِبَ شَائِعًا لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي الْعَيْنِ لَا مُعَيَّنًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ الْحَاكِمُ خَارِصًا أَوْ لَمْ يَكُنْ تَحَاكَمَا إلَى عَدْلَيْنِ عَالِمَيْنِ بِالْخَرْصِ يَخْرُصَانِ عَلَيْهِ لِيَنْتَقِلَ الْحَقُّ إلَى الذِّمَّةِ وَيَتَصَرَّفَ فِي الثَّمَرَةِ، وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ احْتِيَاطًا لِلْفُقَرَاءِ، وَلِأَنَّ التَّحْكِيمَ هُنَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ رِفْقًا بِالْمَالِكِ فَبَحَثَ بَعْضُهُمْ إجْزَاءَ وَاحِدٍ يُرَدُّ بِذَلِكَ، وَمَحَلُّ جَوَازِ التَّضْمِينِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُوسِرًا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْمُسْتَحِقِّينَ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ بَعْدَ التَّضْمِينِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مُشْكِلٌ إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُعْسِرًا، وَيُعْلَمُ أَنَّهُ يَصْرِفُ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا فِي دَيْنِهِ أَوْ تَأْكُلُهَا كُلَّهَا عِيَالُهُ قَبْلَ الْجَفَافِ وَيَضِيعُ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا يَنْفَعُهُمْ كَوْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ الْخَرِبَةِ فَتَأَمَّلْهُ

(وَلَوْ) (ادَّعَى) الْمَالِكُ (هَلَاكَ الْمَخْرُوصِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ) أَوْ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فَهْمًا مِنْ كَلَامِهِمْ (أَوْ ظَاهِرٍ عُرِفَ) أَيْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ كَحَرِيقٍ أَوْ بَرْدٍ أَوْ نَهْبٍ دُونَ عُمُومِهِ أَوْ عُرِفَ عُمُومُهُ وَاتُّهِمَ فِي هَلَاكِ الثِّمَارِ بِهِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِذَلِكَ السَّبَبِ، فَإِنْ عُرِفَ ذَلِكَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ وَعُمُومُهُ، وَلَمْ يُتَّهَمْ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، وَالْيَمِينُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي مِنْ مَسَائِلِ الْبَابِ مُسْتَحَبَّةٌ وَجَعْلُهُ السَّرِقَةَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْهَلَاكِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ إذْ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى دَفْعِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَسْرُوقَ يُخْفَى وَلَا يَظْهَرُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الظَّاهِرُ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَى وُقُوعِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِسُهُولَةِ إقَامَتِهَا، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ ائْتُمِنَ شَرْعًا (ثُمَّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي الْهَلَاكِ بِهِ) أَيْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى غَيْرِهِ يَحْتَاجُ لِلنِّيَّةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لَا فِي الْخُلْطَةِ، وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْمَالَ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِيِّ إلَّا أَنَّ الْيَهُودِيَّ لَيْسَ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ فَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ أَمْرُ الزَّكَاةِ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُسَامَحَةِ اكْتَفَوْا بِتَضْمِينِ الشَّرِيكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ ضَمِنَ) الْأَوْجُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمِثْلَ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ تَالِفًا إلَخْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْكُلَّ (قَوْلُهُ: فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَازَ تَصَرُّفُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ تَحَاكَمَ إلَى عَدْلَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَيْهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ هَذَا التَّضْمِينُ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ) أَيْ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ بِنَاءِ أَمْرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْجَفَافِ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ لَا أَنَّ الْأَكْلَ إنَّمَا يُرَدُّ عَلَى مُعَيَّنٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ يَقَعُ شَائِعًا، وَقَضِيَّةُ هَذَا عَدَمُ حُرْمَةِ نَحْوِ الْبَيْعِ خِلَافًا لِمَا فِي التُّحْفَةِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهَا، فَقَدْ قَالَ الشِّهَابُ سم: إنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ لِضَعْفِ الشَّرِكَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ إخْرَاجَهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ، وَأَنَّ لَنَا قَوْلًا بِالصِّحَّةِ فِي بَيْعِ الْجَمِيعِ عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا غَيْرُ حَقِيقِيَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَدْفَعُ كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ بَلْ هُوَ نَتِيجَتُهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>