للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ الْمُسْتَقِرَّةُ الَّتِي يَبْقَى مَعَهَا الْإِدْرَاكُ وَيُقْطَعُ بِمَوْتِهِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ.

وَذَلِكَ كَافٍ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ لَا الْمُسْتَمِرَّةُ وَهِيَ الَّتِي لَوْ تُرِكَ مَعَهَا عَاشَ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ اخْتِيَارِيَّاتٌ إنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ عُلِمَ تَنْوِينُ الْأَوَّلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا حَمَلْنَاهُ عَلَى عَدَمِ تَنْوِينِهِمَا تَقْدِيرًا لِلْإِضَافَةِ فِيهِمَا (ثُمَّ جَنَى آخَرُ فَالْأَوَّلُ قَاتِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ صَيَّرَهُ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ وَمِنْ ثَمَّ أُعْطِيَ حُكْمَ الْأَمْوَاتِ مُطْلَقًا (وَيُعَزَّرُ الثَّانِي) لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ مَيِّتٍ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ مَا لَوْ قُطِعَ نِصْفَيْنِ وَبَقِيَتْ أَحْشَاؤُهُ بِأَعْلَاهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ تَكَلَّمَ بِمُنْتَظِمٍ كَطَلَبِ مَاءٍ لَيْسَ عَنْ رَوِيَّةٍ، فَإِنْ لَمْ تَبِنْ حِشْوَتُهُ عَنْ مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ مِنْ الْجَوْفِ فَحَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ وَيُرْجَعُ فِيمَنْ شَكَّ فِي وُصُولِهِ إلَيْهَا إلَى عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ (وَإِنْ جَنَى الثَّانِي قَبْلَ الْإِنْهَاءِ إلَيْهَا، فَإِنْ ذَفَّفَ كَحَزٍّ بَعْدَ جَرْحٍ فَالثَّانِي قَاتِلٌ) لِقَطْعِهِ إثْرَ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَاتِلٌ بَعْدَ نَحْوِ يَوْمٍ (وَعَلَى الْأَوَّلِ قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ مَالٌ بِحَسَبِ الْحَالِ) مِنْ عَمْدٍ وَضِدِّهِ، وَلَا نَظَرَ لِسَرَيَانِ الْجُرْحِ لِاسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ عِنْدَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُذَفِّفْ الثَّانِي أَيْضًا وَمَاتَ بِهِمَا كَأَنْ قَطَعَ وَاحِدٌ مِنْ الْكُوعِ وَآخَرُ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ أَجَافَاهُ (فَقَاتِلَانِ) لِوُجُودِ السِّرَايَةِ مِنْهُمَا وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوَّلًا إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمَعِيَّةِ وَهَذَا فِي التَّرْتِيبِ (وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

شَرِبَ سُمًّا انْتَهَى بِهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ

(قَوْلُهُ: الَّتِي يَبْقَى مَعَهَا الْإِدْرَاكُ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ مَنْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى

(قَوْلُهُ: إنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ عُلِمَ) أَيْ مِنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ أَوْ الرِّوَايَةِ عَنْهُ

(قَوْلُهُ: تَنْوِينُ الْأَوَّلَيْنِ) هُمَا إبْصَارٌ وَنُطْقٌ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أُعْطِيَ حُكْمَ الْأَمْوَاتِ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ تَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ حِينَئِذٍ وَفِيهِ بُعْدٌ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَزَوُّجُ زَوْجَتِهِ حِينَئِذٍ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا كَأَنْ وَلَدَتْ عَقِبَ صَيْرُورَتِهِ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ مَنْ مَاتَ عَقِبَ هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا يَمْلِكُ صَيْدًا دَخَلَ فِي يَدِهِ عَقِبَهَا، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُ سم: وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ، أَقُولُ: وَلَا بُعْدَ أَيْضًا عَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ أَنَّهُ تُقْسَمُ تَرِكَتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ الثَّانِي) أَيْ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ مَيِّتٍ) الْأَفْصَحُ فِي مِثْلِهِ التَّخْفِيفُ بِخِلَافِ الْحَيِّ، فَإِنَّ الْأَفْصَحَ فِيهِ التَّشْدِيدُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] الْآيَةَ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَبِنْ حِشْوَتُهُ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَحِشْوَةُ الْبَطْنِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا أَمْعَاءُ الْبَطْنِ

(قَوْلُهُ: إلَى عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ) فَلَوْ لَمْ يُوجَدَا أَوْ وُجِدَا وَتَحَيَّرَا فَهَلْ نَقُولُ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تَجِبُ دِيَةُ عَمْدٍ دُونَ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: كَحَزٍّ بَعْدَ جَرْحٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ؛ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِلْفِعْلِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ.

أَمَّا الْأَثَرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَيْدًا (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُسْتَقِرَّةُ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الْمَنْفِيِّ وَالْمَعْنَى وَالْحَيَاةُ الَّتِي يَبْقَى مَعَهَا مَا ذُكِرَ هِيَ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ، وَسَيَأْتِي فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَالْحَيَاةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ بِمَا هُوَ أَوْضَحُ مِمَّا هُنَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَافٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ السِّيَاقِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِلْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ) الْمُنَاسِبُ وَدَخَلَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَبِنْ حَشْوَتُهُ عَنْ مَحَلِّهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمُحْتَرَزَ بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ هُوَ عَيْنُ مَا اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ خَلَطَ هُنَا فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ مَسْأَلَةً بِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى.

وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَثَّلَ لِمَنْ فَقَدَ الْإِدْرَاكَ الِاخْتِيَارِيَّ بِمَنْ قُدَّ نِصْفَيْنِ وَتُرِكَتْ أَحْشَاؤُهُ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى فَإِنَّهُ، وَإِنْ صَدَرَ مِنْهُ كَلَامٌ أَوْ حَرَكَةٌ فَهُمَا اضْطِرَارِيَّانِ، وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ إلَى قَوْلِهِ لَيْسَ عَنْ رَوِيَّةٍ.

وَأَمَّا الشِّهَابُ حَجّ فَإِنَّهُ مَثَّلَ لَهُ بِمَنْ قُدَّ بَطْنُهُ: أَيْ شُقَّ وَخَرَجَ بَعْضُ أَحْشَائِهِ، ثُمَّ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَقِيَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا مَحَلَّهَا فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَحْيَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعِيشُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَبِنْ حَشْوَتُهُ إلَخْ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا مُحْتَرَزُ مَا صَوَّرَ بِهِ حَجّ لَا مُحْتَرَزُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الَّذِي صَدَرَ بِهِ الشَّارِحُ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فَحَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ الَّذِي عَدَلَ إلَيْهِ عَلَى كَلَامِ حَجّ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ) أَيْ الْأَوَّلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>