للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّويَانِيُّ لِأَنَّ إيجَابَ الشَّرْعِ أَقْوَى مِنْهُ وَلَا كَرَاهَةَ فِي التَّرَخُّصِ فِيمَا مَرَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ التَّرَخُّصِ نِيَّتُهُ كَالْمُحْصَرِ يُرِيدُ التَّحَلُّلَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي فَصْلِ الْكَفَّارَةِ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ

(وَلَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ صَائِمَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ الْفِطْرَ جَازَ) لَهُمَا لِدَوَامِ عُذْرِهِمَا (فَلَوْ أَقَامَ) الْمُسَافِرُ (وَشُفِيَ) الْمَرِيضُ (حَرُمَ) عَلَيْهِمَا (الْفِطْرُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِانْتِفَاءِ الْمُبِيحِ.

وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ اعْتِبَارًا بِأَوَّلِ الْيَوْمِ، وَلِهَذَا لَوْ أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ سَافَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْفِطْرُ (وَإِذَا أَفْطَرَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ قَضَيَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] التَّقْدِيرُ: فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ (وَكَذَا الْحَائِضُ) إجْمَاعًا وَالنُّفَسَاءُ فِي ذَلِكَ مِثْلُهَا (وَالْمُفْطِرُ بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمَعْذُورِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى (وَتَارِكُ النِّيَّةِ) الْوَاجِبَةِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَيْهَا.

وَلَا يَجِبُ التَّتَابُعُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَغَيْرِهِ تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَدْ يَجِبُ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ ضِيقِ الْوَقْتِ وَتَعَمُّدِ التَّرْكِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ تَسْمِيَتِهِ تَتَابُعًا، إذْ لَوْ وَجَبَ لَزِمَ كَوْنُهُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ كَصَوْمِ الْكَفَّارَةِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى هَذَا وَاجِبًا مُضَيِّقًا، وَقَدْ يَمْنَعُ الْأَوَّلُ الْمُلَازَمَةَ وَيُسْنَدُ الْمَنْعُ بِأَنَّهُ قَدْ يَجِبُ وَلَا يَكُونُ شَرْطًا كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَسْمِيَتِهِ ذَلِكَ تَتَابُعًا كَوْنُهُ وَاجِبًا مُضَيِّقًا

(وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِالْإِغْمَاءِ) لِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ فَانْدَرَجَ تَحْتَ قَوْلِهِ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: ١٨٤] الْآيَةَ، وَإِنَّمَا سَقَطَ قَضَاءُ الصَّلَاةِ لِتَكَرُّرِهَا وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُكَلَّفِ (وَالرِّدَّةُ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْوُجُوبَ بِالْإِسْلَامِ وَقَدَرَ عَلَى الْأَدَاءِ فَهُوَ كَالْمُحْدِثِ (دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ) بِالْإِجْمَاعِ لِمَا فِي وُجُوبِهِ مِنْ التَّنْفِيرِ عَنْ الْإِسْلَامِ (وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ) لِارْتِفَاعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا، وَلَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ فَالْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْأُولَى قَضَاءُ الْجَمِيعِ وَفِي الثَّانِيَةِ أَيَّامُ السُّكْرِ لِأَنَّ حُكْمَ الرِّدَّةِ مُسْتَمِرٌّ بِخِلَافِ السُّكْرِ

(وَلَوْ) (بَلَغَ) الصَّبِيُّ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلصِّبْيَةِ كَمَا مَرَّ (بِالنَّهَارِ صَائِمًا) بِأَنْ نَوَى لَيْلًا (وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ بِلَا قَضَاءٍ) لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ فِي صَوْمِ تَطَوُّعٍ ثُمَّ نَذَرَ إتْمَامَهُ، وَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ (وَلَوْ) (بَلَغَ) الصَّبِيُّ (فِيهِ) أَيْ النَّهَارِ (مُفْطِرًا أَوْ أَفَاقَ) فِيهِ الْمَجْنُونُ (أَوْ أَسْلَمَ) فِيهِ الْكَافِرُ (فَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِمْ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْأَدَاءَ وَالتَّكْمِيلَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَبَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ الْمُسَافِرُ فِي السَّفَرِ صَوْمَ تَطَوُّعٍ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ كَانَ صَوْمُهُ أَفْضَلَ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فِيهِ مَشَقَّةٌ أَصْلًا انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِي جَوَازِ التَّرَخُّصِ نِيَّتُهُ) مَفْهُومُهُ الْإِثْمُ إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَقَدْ يُمْنَعُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ وَقَدْ يَجِبُ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَقَوْلُهُ الْمُلَازَمَةُ هِيَ قَوْلُهُ إذْ لَوْ وَجَبَ لَزِمَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِالْإِغْمَاءِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَقَضَاهُ لَمْ يَنْعَقِدْ قِيَاسًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَضَاهَا لَا تَنْعَقِدُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ: ثُمَّ نَقَلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ إفْتَاءً بِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةَ فِي الْكُفْرِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَلَا يُسْتَحَبُّ اهـ.

وَقِيَاسُهُ عَدَمُ صِحَّةِ قَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْ الصَّوْمِ فِي الْكُفْرِ، وَقَدَّمْنَا فِي فَصْلٍ إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَنْ إفْتَاءِ السُّيُوطِيّ صِحَّةَ قَضَاءِ الْكَافِرِ الصَّلَاةَ، وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ قَضَاءِ الصَّوْمِ اهـ (قَوْلُهُ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ صَاحِبِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ) بَقِيَ مَا لَوْ قَارَنَ الْجُنُونُ الرِّدَّةَ بِأَنْ قَارَنَ قَوْلُهُ الْمُكَفِّرُ الْجُنُونَ فَهَلْ يَغْلِبُ الْجُنُونُ أَوْ الرِّدَّةُ أَوْ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِارْتِدَادِ فِيهِ نَظَرٌ، كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ بَعْضِهِمْ.

أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ الثَّالِثُ لِأَنَّ جُنُونَهُ حَيْثُ قَارَنَ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ السَّابِقِ عَلَى الرِّدَّةِ لِأَنَّ مُقَارَنَتَهُ لَمَّا ارْتَدَّ بِهِ تُمْنَعُ مِنْ قَصْدِهِ لِمَا فَعَلَهُ حَالَةَ الْفِعْلِ وَالْقَصْدُ السَّابِقُ عَلَى الْفِعْلِ لَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ مَسْأَلَةُ الِارْتِدَادِ، وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ هِيَ مَسْأَلَةُ السُّكْرِ.

(قَوْلُهُ: لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ) وَهَلْ يُثَابُ عَلَى جَمِيعِهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَوْ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ فِي زَمَنِ الصِّبَا ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ وَمَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الصَّوْمَ وَإِنْ كَانَ خَصْلَةً وَاحِدَةً لَا يَتَبَعَّضُ لَكِنَّ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>