للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَدْرَكَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ رَكْعَةً ثُمَّ جُنَّ.

وَالثَّانِي يَجِبُ الْقَضَاءُ لِإِدْرَاكِهِمْ جُزْءًا مِنْ وَقْتِ الْفَرْضِ وَلَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ إلَّا بِيَوْمٍ فَيَكْمُلُ كَمَا يَصُومُ فِي الْجَزَاءِ عَنْ بَعْضِ مُدٍّ يَوْمًا (وَلَا يَلْزَمُهُمْ) يَعْنِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ (إمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ فِي الْأَصَحِّ) لِإِفْطَارِهِمْ بِعُذْرٍ فَأَشْبَهُوا الْمُسَافِرَ وَالْمَرِيضَ.

وَالثَّانِي يَلْزَمُهُمْ لِإِدْرَاكِهِمْ وَقْتَ الْإِمْسَاكِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوا وَقْتَ الصَّوْمِ.

نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ.

وَيُسَنُّ لِمَنْ زَالَ عُذْرُهُ إخْفَاءُ الْفِطْرِ عِنْدَ مَنْ يُجْهَلُ حَالُهُ لِئَلَّا يَتَعَرَّضَ لِلتُّهْمَةِ وَالْعُقُوبَةِ، وَعُلِمَ مِنْ نَدْبِ الْإِمْسَاكِ أَنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِي جِمَاعِ مُفْطِرَةٍ كَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَكَافِرَةٍ وَحَائِضٍ اغْتَسَلَتَا لِأَنَّهُمَا مُفْطِرَانِ فَأَشْبَهَا الْمُسَافِرِينَ وَالْمَرْضَى

(وَيَلْزَمُ) الْإِمْسَاكُ (مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ) عُقُوبَةً لَهُ وَمُعَارَضَةً لِتَقْصِيرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرِ الْفِطْرُ الشَّرْعِيُّ فَيَشْمَلُ الْمُرْتَدَّ (أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ) مِنْ اللَّيْلِ لِأَنَّ نِسْيَانَهُ يُشْعِرُ بِتَرْكِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْعِبَادَةِ فَهُوَ ضَرْبُ تَقْصِيرٍ (لَا مُسَافِرًا وَمَرِيضًا زَالَ عُذْرُهُمَا بَعْدَ الْفِطْرِ) بِأَنْ أَكَلَا: أَيْ لَا يَلْزَمُهُمَا الْإِمْسَاكُ لَكِنْ يُنْدَبُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، فَإِنْ أَكَلَا فَلِيُخْفِيَاهُ كَيْ لَا يَتَعَرَّضَا لِلتُّهْمَةِ وَعُقُوبَةِ السُّلْطَانِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ زَالَ) عُذْرُهُمَا (قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَا وَلَمْ يَنْوِيَا فَكَذَا فِي الْمَذْهَبِ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُمَا الْإِمْسَاكُ لِأَنَّ تَارِكَ النِّيَّةِ مُفْطِرٌ حَقِيقَةً فَكَانَ كَمَا لَوْ أَكَلَ.

وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ، وَمُرَادُهُ بِقَبْلِ أَنْ يَأْكُلَا مَا يَحْصُلُ بِهِ الْفِطْرُ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يَنْوِيَا عَمَّا لَوْ نَوَيَا فَأَصْبَحَا صَائِمَيْنِ فَيَلْزَمُ الْإِمْسَاكُ، وَلَوْ طَهُرَتْ نَحْوُ حَائِضٍ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْإِمْسَاكُ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ) الْإِمْسَاكُ (مِنْ أَكَلَ يَوْمِ الشَّكِّ ثُمَّ ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ) .

وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ صَوْمَهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ إلَّا أَنَّهُمْ جَهِلُوهُ، ثُمَّ إنْ ثَبَتَ قَبْلَ نَحْوِ أَكْلِهِمْ نُدِبَ لَهُمْ نِيَّةُ الصَّوْمِ: أَيْ الْإِمْسَاكُ لِيَتَمَيَّزَ عَمَّنْ أَمْسَكَ غَافِلًا، بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إذَا قَدِمَ بَعْدَ الْإِفْطَارِ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ كَمَا مَرَّ، وَمُرَادُهُ بِيَوْمِ الشَّكِّ هُنَا يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَوَاءٌ أَكَانَ تَحْدُثُ بِرُؤْيَتِهِ أَمْ لَا، بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ الَّذِي يَحْرُمُ صَوْمُهُ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ الْمُسَافِرَ إذَا قَدِمَ بَعْدَ الْإِفْطَارِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ وَالْمَأْمُومُ بِالْإِمْسَاكِ يُثَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا أُثِيبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَامَ بِوَاجِبٍ، وَلَوْ ارْتَكَبَ فِيهِ مَحْظُورًا لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى الْإِثْمِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُمْكِنُ تَبْعِيضُهُ، وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي الْجَمَاعَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَارَنَ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ فَاتَتْ الْفَضِيلَةُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَمُعَارَضَةً) عَطْفُ مُغَايِرٍ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ الْإِمْسَاكُ) أَيْ الْإِتْمَامُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهَا الْإِمْسَاكُ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمُسَافِرِ نَدْبُ الْإِمْسَاكِ (قَوْلُهُ: نُدِبَ لَهُمْ نِيَّةُ الصَّوْمِ) أَيْ الْإِمْسَاكُ لِيَتَمَيَّزَ عَمَّنْ أَمْسَكَ غَافِلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ نِيَّةُ الصَّوْمِ الْحَقِيقِيِّ لَكِنْ إذَا كَانَ فِي وَقْتٍ تَصِحُّ فِيهِ النِّيَّةُ فِي بَعْضِ الْمَذَاهِبِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الصَّائِمِينَ فَيُكْرَهُ لَهُ شَمُّ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ كَرَاهَةُ السِّوَاكِ فِي حَقِّهِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: اغْتَسَلَتَا) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالْأَصْوَبُ اغْتَسَلَتْ: أَيْ الْحَائِضُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مُفْطِرَانِ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَأَشْبَهَا الْمُسَافِرِينَ وَالْمَرْضَى إذْ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي نَحْوِ الصَّبِيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْمَرِيضِ إذَا شُفِيَ وَالْمُسَافِرِ إذَا حَضَرَ، فَقَوْلُهُ فِيهِ فَأَشْبَهَا الْمُسَافِرِينَ إلَخْ: أَيْ مَنْ قَامَ بِهِ السَّفَرُ وَالْمَرَضُ بِالْفِعْلِ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ يُنْدَبُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) هَذَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ.

وَيُسَنُّ لِمَنْ زَالَ عُذْرُهُ نَهَارًا إخْفَاءُ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِمْسَاكُ) قَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ نِيَّةُ الْإِمْسَاكِ فَمَا وَجْهُ تَقْيِيدِ اسْتِحْبَابِ النِّيَّةِ بِكَوْنِ الثُّبُوتِ قَبْلَ نَحْوِ الْأَكْلِ، هَذَا وَالْمَشْهُورُ إبْقَاءُ نِيَّةِ الصَّوْمِ عَلَى ظَاهِرِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا حِينَئِذٍ: أَيْ إذَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>