للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهَا وَهُنَا فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهَا (وَذَوْقُ الطَّعَامِ) أَوْ غَيْرِهِ خَوْفَ الْوُصُولِ إلَى حَلْقِهِ أَوْ تَعَاطِيهِ لِغَلَبَةِ شَهْوَتِهِ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ إلَى مَضْغِ نَحْوِ خُبْزٍ لِطِفْلِ لَمْ يُكْرَهْ (وَالْعِلْكُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمَضْغُ وَبِكَسْرِهَا الْمَعْلُوكُ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الرِّيقَ، فَإِنْ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ، وَإِنْ أَلْقَاهُ عَطَّشَهُ وَمِنْ ثَمَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا يَتَفَتَّتُ، أَمَّا هُوَ فَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَ بَعْضِ جُرْمِهِ عَمْدًا إلَى جَوْفِهِ أَفْطَرَ وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ مَضْغُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ أَوْ وَصَلَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ، وَكَالْعِلْكِ فِي ذَلِكَ اللِّبَانُ الْأَبْيَضُ فَإِنْ كَانَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ يَبِسَ وَاشْتَدَّ كُرِهَ مَضْغُهُ وَإِلَّا حَرُمَ.

قَالَهُ الْقَاضِي

(وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ) أَيْ عَقِبَ (فِطْرِهِ: «اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت» ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ، وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَانَ يَقُولُ حِينَئِذٍ «اللَّهُمَّ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» (وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ) وَالْجُودَ وَزِيَادَةَ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَالْإِحْسَانَ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْجِيرَانِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ تَفْرِيغُ قُلُوبِ الصَّائِمِينَ وَالْقَائِمِينَ لِلْعِبَادَةِ بِدَفْعِ حَاجَتِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ أَنْ يُفْطِرَهُمْ بِأَنْ يُعَشِّيَهُمْ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» فَإِنْ عَجَزَ عَنْ عَشَائِهِمْ فَطَّرَهُمْ بِشَرْبَةٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا

(وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانِ) فِي كُلِّ مَكَان غَيْرِ نَحْوِ الْحَشِّ حَتَّى الْحَمَّامِ وَالطَّرِيقِ إنْ لَمْ يَلْتَهِ عَنْهَا بِأَنْ أَمْكَنَهُ تَدَبُّرُهَا لِخَبَرِ «إنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ» وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَالتِّلَاوَةُ فِي الْمُصْحَفِ أَفْضَلُ، وَيُسَنُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْجَهْرُ إنْ أَمِنَ الرِّيَاءَ وَلَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ (وَأَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ) أَيْ فِي رَمَضَانَ وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ.

رَوَاهُ الشَّيْخَانِ: وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِصَوْنِ النَّفْسِ عَنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ (لَا سِيَّمَا) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى، بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا لَا مُسْتَثْنًى بِهَا، وَالسِّيُّ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ الْمِثْلُ وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ احْتَاجَ) قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى ذَلِكَ كَرَاهَةُ ذَوْقِ الطَّعَامِ لِغَرَضِ إصْلَاحِهِ لِمُتَعَاطِيهِ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مُفْطِرٌ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ إصْلَاحَهُ مِثْلُ الصَّائِمِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا يَتَفَتَّتُ) أَيْ فِي عِلْكِ مَا لَا يَتَفَتَّتُ (قَوْلُهُ وَكَالْعِلْكِ ذَلِكَ) أَيْ فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ اللِّبَانُ الْأَبْيَضُ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالشَّامِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ يَبِسَ) أَيْ مَاءُ الْفَمِ وَهُوَ الرِّيقُ أَوْ مَا يُدْخِلُهُ فَمَه لِإِيبَاسِهِ (قَوْلُهُ: وَاشْتَدَّ كُرْهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ

(قَوْلُهُ: كَانَ يَقُولُ) أَيْ فَيَجْمَعُ الصَّائِمُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يُعَالِجَ نَفْسَهُ عَلَى جَعْلِ ذَلِكَ كَالطَّبِيعَةِ لَهُ بِاعْتِيَادِهِ لِلصَّدَقَةِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ

(قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ غَيْرَهُ) أَيْ وَلَوْ غَيَّرَ مَا قَرَأَهُ الْأَوَّلُ، فَمِنْهُ مَا يُسَمَّى بِالْمُدَارَسَةِ الْآنَ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي كَلَامِهِمْ بِالْإِدَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالتِّلَاوَةُ) أَيْ وَإِنْ قَوِيَ حِفْظُهُ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَذْهَبْ خُشُوعُهُ وَتَدَبُّرُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

خِلَافُ السُّنَّةِ لَا مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَذَوْقُ الطَّعَامِ) وَهُوَ مَكْرُوهٌ بِدَلِيلِ الِاسْتِدْرَاكِ الْآتِي، وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ حُكْمَ الْكَرَاهِيَةِ هُنَا تَمْهِيدًا لِلِاسْتِدْرَاكِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَ بَعْضِ جِرْمِهِ عَمْدًا) قَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ وَضَعَ مَاءً فِي فَمِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ مِنْ الْفِطْرِ مُطْلَقًا أَنَّهُ يُفْطِرُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ

(قَوْلُهُ: وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ زَائِدَةٌ) أَيْ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُنَزَّلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ، أَوْ مَوْصُوفَةٌ، وَقَوْلُهُ وَنَصْبُهُ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>