فَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ تَعْيِينِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَقْصِدُهُ غَيْرَ صَالِحٍ لِذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يُسَلِّمُهَا لِحَاكِمٍ وَإِلَّا فَأَمِينٍ. وَحَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى كَالرَّاكِبِ وَالْمُسْتَوْفَى بِهِ كَالْمَحْمُولِ وَالْمُسْتَوْفَى فِيهِ كَالطَّرِيقِ بِمِثْلِهَا وَدُونَهَا مَا لَمْ يُشْرَطْ عَدَمُ الْإِبْدَالِ فِي الْأَخِيرَيْنِ، بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ جَوَازِهِ فِيهِمَا إنْ عُيِّنَا فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَا، فَلَوْ عُيِّنَا بَعْدَهُ ثُمَّ تَلِفَ وَجَبَ الْإِبْدَالُ بِرِضَا الْمُكْتَرِي أَوْ عُيِّنَا فِيهِ ثُمَّ تَلِفَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ لَا الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ بِتَفْصِيلِهِ الْمَارِّ، وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِيفَاءِ الْعُرْفُ، فَمَا اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ الْمُطْلَقِ لَا يَلْبَسُهُ وَقْتَ النَّوْمِ لَيْلًا وَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُمْ بِخِلَافِهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ بِخِلَافِ مَا عَدَاهُ وَلَوْ وَقْتَ النَّوْمِ نَهَارًا
وَيَلْزَمُهُ نَزْعُ الْأَعْلَى فِي غَيْرِ وَقْتِ التَّجَمُّلِ أَمَّا الْإِزَارُ فَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ إزَارًا فَلَهُ الِارْتِدَاءُ بِهِ لَا عَكْسُهُ أَوْ قَمِيصًا مُنِعَ مِنْ الِائْتِزَارِ بِهِ وَلَهُ التَّعْمِيمُ أَوْ لِلُّبْسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَخَلَتْ اللَّيَالِي أَوْ يَوْمًا وَأُطْلِقَ فَمِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى مِثْلِهِ، أَوْ يَوْمًا كَامِلًا فَمِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ، أَوْ نَهَارًا فَمِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَيَدُ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ) وَنَحْوِهِمَا (يَدُ أَمَانَةٍ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْوَدِيعِ (مُدَّةَ الْإِجَارَةِ) إنْ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ أَوْ مُدَّةَ إمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ إنْ قُدِّرَتْ بِمَحَلِّ عَمَلٍ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ لِلْمَنْفَعَةِ بِدُونِ وَضْعِ يَدِهِ، وَبِهِ فَارَقَ كَوْنَ يَدِهِ يَدَ ضَمَانٍ عَلَى ظَرْفٍ مَبِيعٍ قَبَضَهُ فِيهِ لِتَمَحُّضِ قَبْضِهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَيَجُوزُ السَّفَرُ لِلْمُكْتَرِي بِالْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَطَرِ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ فَجَازَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهَا حَيْثُ شَاءَ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ إجَارَةِ الْعَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالذِّمَّةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. نَعَمْ سَفَرُهُ بِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ كَسَفَرِ الْوَدِيعِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَكَذَا بَعْدَهَا فِي الْأَصَحِّ) إنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى التَّخْلِيَةِ لَا الرَّدِّ وَلَا مُؤْنَتِهِ، بَلْ لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا فَسَدَتْ، وَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهَا كَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَعَلَيْهِ إعْلَامُ مَالِكِهَا بِهَا أَوْ رَدُّهَا فَوْرًا وَإِلَّا ضَمِنَهَا غَيْرَ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بِأَنَّ هَذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ ذِي الْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْإِمْسَاكِ كَانَ مُقَيَّدًا بِالْعَقْدِ وَقَدْ زَالَ وَلِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الْمُسْتَعِيرَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ لَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ إعْلَامُ الْمُكْرِي بِتَفْرِيغِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِثْلُ عُسْرِ سَوْقِهَا عَدَمُ لِيَاقَةِ الْمَشْيِ بِالْمُسْتَأْجِرِ كَمَا قَالُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ حَيْثُ جَوَّزُوا لَهُ الرُّكُوبَ حَالَةَ الرَّدِّ أَوَّلًا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْعَيْنُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ وَالرُّكُوبُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ لِلْوُصُولِ لِحَقِّهِ مِنْ الرَّدِّ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمُدَّةَ انْقَضَتْ وَوَاجِبُهُ التَّخَلِّي لَا الرَّدُّ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) وَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لِحَمْلِهِ فَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ فَيَنْبَغِي انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيُوَكِّلَ مَا حُمِلَ لِيُوصَلَ فَيُبَدَّلُ قَطْعًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ عَدَمُ الْإِبْدَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَمَا مَرَّ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمَحَلُّ جَوَازِهِ فِيهِمَا إنْ عُيِّنَا فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَا، فَلَوْ عُيِّنَا بَعْدَهُ ثُمَّ تَلِفَ وَجَبَ الْإِبْدَالُ بِرِضَا الْمُكْتَرِي أَوْ عُيِّنَا فِيهِ ثُمَّ تَلِفَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ لَا الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ بِتَفْصِيلِهِ الْمَارِّ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: وَقَدْ كَانَ تَبِعَ م ر الشَّارِحَ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّ قَوْلِهِ ثُمَّ تَلِفَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ ثُمَّ ضُرِبَ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُمْ بِخِلَافِهِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَالَ الرَّافِعِيُّ عَمَلًا بِالْعَادَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَهُ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يَعْتَادُ أَهْلُهُ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ مُطْلَقًا اهـ حَجّ. وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِتَمَحُّضِ قَبْضِهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ) أَيْ فَيَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ لَكِنَّهُ يُشْكَلُ الضَّمَانُ بِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ كُوزَ السِّقَاءِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى مُرِيدِ الشُّرْبِ بِعِوَضٍ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الشُّرْبَ مِنْهُ بِلَا عِوَضٍ بِرِضَا الْمَالِكِ فَإِنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْعَارِيَّةِ الْفَاسِدَةِ فَيَضْمَنُهُ دُونَ مَا فِيهِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاكَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ كَأَوَانِي الطَّبَّاخِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ السَّفَرُ) وَقَضِيَّةُ الْجَوَازِ أَنَّ الدَّابَّةَ لَوْ تَلِفَتْ فِي الطَّرِيقِ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَسَفَرِ الْوَدِيعِ)
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute