للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَيْنِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهَا وَلَا يَحْبِسَهَا وَإِنْ لَمْ يَطْلُبَهَا، فَلَوْ أَغْلَقَ الدَّارَ أَوْ الْحَانُوتَ بَعْدَ تَفْرِيغِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا شَهْرًا فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَغَابَ شَهْرَيْنِ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلشَّهْرِ الثَّانِي. قَالَ: وَقَدْ رَأَيْت الشَّيْخَ الْقَفَّالَ قَالَ: لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَوْمًا فَإِذَا بَقِيَتْ عِنْدَهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا وَلَا حَبَسَهَا عَنْ مَالِكِهَا لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْيَوْمِ الثَّانِي لِأَنَّ الرَّدَّ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ إذَا طَلَبَ مَالِكُهَا، بِخِلَافِ الْحَانُوتِ لِأَنَّهُ فِي حَبْسِهِ وَعَلَقَتِهِ وَتَسْلِيمُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ اهـ.

وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ حَتَّى فِي الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لِأَنَّ غَلْقَهُمَا مُسْتَصْحِبٌ لِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ فَلَا يُعَارِضُهُ جَزْمُ الْأَنْوَارِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ غَلْقِ بَابِ الدَّارِ لَا يَكُونُ غَصْبًا لَهَا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، وَدَعْوَى تَقْصِيرِ الْمَالِكِ بِعَدَمِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى ذَلِكَ عَقِبَ الْمُدَّةِ وَأَنَّ الْمُكْتَرِيَ مُحْسِنٌ بِالْغَلْقِ لِصَوْنِهِ بِهِ عَنْ مَفْسَدَةٍ مَمْنُوعَةٍ بِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ الْمُكْتَرِي حَيْثُ حَالَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَ مِلْكِهِ بِغَلْقِهِ وَلَمْ يُبَادِرْ بِعَرْضِ الْأَمْرِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ شَرْعًا. وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْغَلْقَ مَعَ حُضُورِهِ فَهُوَ مَعَ غَيْبَتِهِ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَفِيمَا إذَا انْقَضَتْ وَالْإِجَارَةُ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ وَلَمْ يَخْتَرْ الْمُسْتَأْجِرُ الْقَلْعَ يُتَخَيَّرُ الْمُؤَجِّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ فِي الْعَارِيَّةِ مَا لَمْ يُوقَفْ وَإِلَّا فَفِيمَا سِوَى التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْعَيْنَ الْمُكْتَرَاةَ فِي نَحْوِ اللُّبْسِ لِدَفْعِ الدُّودِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَا نَظَرَ لِمَا يَتَجَدَّدُ بَعْدَهَا لِاسْتِقْرَارِ الْوَاجِبِ بِمُضِيِّهَا، إذْ وُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ يَسْتَقِرُّ قَبْلَ طَلَبِهَا

(وَلَوْ) (رَبَطَ دَابَّةً اكْتَرَاهَا لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبٍ) مَثَلًا (وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا) وَتَلِفَتْ فِي الْمُدَّةِ وَبَعْدَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فَيَضْمَنُ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَعُرُوضِ نَهْبٍ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ) وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حِفْظُهُ وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ الْفَرْقِ) وَهُوَ أَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَضْعُ يَدٍ عَلَى الْمَغْصُوبِ حَتَّى يُسْتَصْحَبَ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَادِرْ بِعَرْضِ الْأَمْرِ إلَخْ) أَيْ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ) وَلَوْ فَرَغَتْ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لِلدَّارِ وَاسْتَمَرَّتْ أَمْتِعَةُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا وَلَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ بِالتَّفْرِيغِ وَلَمْ يُغْلِقْهَا لَمْ يَضْمَنْ أُجْرَةَ وَضْعِ الْأَمْتِعَةِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ شَيْءٌ وَالْأَمْتِعَةُ وَضَعَهَا بِإِذْنٍ فَيُسْتَصْحَبُ إلَى أَنْ يُطَالِبَ الْمَالِكُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَغْلَقَهَا فَيَضْمَنُ أُجْرَتَهَا: أَعْنِي الدَّارَ مُدَّةَ الْغَلْقِ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِكِهَا بِالْغَلْقِ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ مَكَثَ فِيهَا بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَلَوْ بِاسْتِصْحَابِ مِلْكِهِ السَّابِقِ عَلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ مُسْتَوْلٍ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ بَقَاءِ الْأَمْتِعَةِ لَيْسَ اسْتِيلَاءً كَذَا قُرِّرَ ذَلِكَ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِيهِ فَرْعٌ فِي الرَّوْضِ: فَرْعٌ: وَإِنْ قَدَّرَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ بِمُدَّةٍ وَشَرَطَ الْقَلْعَ قُلِعَ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ شُرِطَ الْإِبْقَاءُ بَعْدَهَا أَوْ أُطْلِقَ صَحَّتْ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ رَجَعَ فَلَهُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ الْعَقْدَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَتَنَاوَلُ مَا زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ فَبِانْتِهَائِهَا انْتَهَتْ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدَهَا.

فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ رَجَعَ إلَخْ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا) هَذَا خَاصٌّ بِنَحْوِ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ بِخِلَافِ نَحْوِ الدَّابَّةِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْقَفَّالِ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِغَلْقِهَا حِفْظَهَا، وَقَدْ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ عَقِبَ كَلَامِ الْقَفَّالِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَغْلَقَ الدَّارَ وَالْحَانُوتَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُمَا مَفْتُوحَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ الْأُجْرَةَ، وَقَوْلُ الْقَفَّالِ الْآتِي وَتَسْلِيمُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ رُبَّمَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَلْقَهُمَا مُسْتَصْحِبٌ لِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ لَيْسَ فِيهِ غَلْقٌ بَلْ قَوْلُهُ: وَتَسْلِيمُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَادِرْ بِعَرْضِ الْأَمْرِ عَلَى الْمَالِكِ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>