للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ دَفْعِ الْأُجْرَةِ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ رَجَعَ بِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ

(وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ بِمُرُورِ الزَّمَانِ (بِعَيْنِهَا) الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا بِهِ وَالْحَادِثِ لِتَضَرُّرِهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ مَا أَثَّرَ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ أُجْرَتِهَا لِكَوْنِهَا تَتَعَثَّرُ أَوْ تَتَخَلَّفُ عَنْ الْقَافِلَةِ، بِخِلَافِ خُشُونَةِ مَشْيِهَا كَمَا جَزَمَا بِهِ، لَكِنْ صَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ عَيْبٌ كَصُعُوبَةِ ظَهْرِهَا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَّهُمْ لَهُ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا، فَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَعْدُودَ لَيْسَ مُجَرَّدَ الْخُشُونَةِ بَلْ خُشُونَةٌ يُخْشَى مِنْهَا السُّقُوطُ، وَإِذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَجَبَ لَهُ الْأَرْشُ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا وَفُسِخَ وَجَبَ لِمَا مَضَى وَإِنْ لَمْ يَنْفَسِخْ لَمْ يَجِبْ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ فِيمَا مَضَى وَرَجَّحَ الْغَزِّيِّ وُجُوبَهُ.

(وَلَا خِيَارَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) بِعَيْبِ الدَّابَّةِ الْمُحْضَرَةِ وَلَا بِتَلَفِهَا (بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ) كَمَا لَوْ وَجَدَ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ عَيْبًا لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ وَهَذَا غَيْرُ سَلِيمٍ، فَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ رَجَعَ إلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِبْدَالِ ثَبَتَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَخْتَصُّ الْمُكْتَرِي بِمَا تَسَلَّمَهُ فَلَهُ إيجَارُهَا، وَيُمْنَعُ إبْدَالُهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيَتَقَدَّمُ بِمَنْفَعَتِهَا عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ (وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ) فِي الطَّرِيقِ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْعَقْدِ لِإِبْدَالِهِ وَلَا لِعَدَمِهِ (يُبَدَّلُ إذَا أُكِلَ فِي الْأَظْهَرِ) عَمَلًا بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ لِتَنَاوُلِهِ حَمْلَ كَذَا إلَى كَذَا، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّمُوهُ عَلَى الْعَادَةِ بِأَنَّهُ لَا يُبَدَّلُ لِعَدَمِ اطِّرَادِهَا. وَالثَّانِي لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَمُ إبْدَالِ الزَّادِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْهُ فِيمَا بَعْدَ مَحَلِّ الْفَرَاغِ بِسِعْرِهِ فِيهِ أَبْدَلَ جَزْمًا. نَعَمْ لَوْ شُرِطَ عَدَمُ إبْدَالِهِ اتَّبَعَ الشَّرْطَ، وَلَوْ شَرَطَ قَدْرًا فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ مُطَالَبَتُهُ بِنَقْصِ قَدْرٍ أَكَلَهُ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الدَّابَّةِ عَنْ حَمْلِ مِثْلِ مَا حَمَلَهُ لَهَا فَتَلِفَ بِسَبَبِ عَجْزِهَا وَمِنْ ذَلِكَ عِثَارُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ رَجَعَ بِهَا) أَيْ بِالْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمُدَّةِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْعَيْنِ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ. وَفِي حَجّ: وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْأُجْرَةِ ثُمَّ تَقَايَلَا الْعَقْدَ لَمْ يَرْجِعْ الْمُكْتَرِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: اُنْظُرْ لَوْ وَهَبَهُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْهُ وَأَقْبَضَهَا لَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا اهـ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ صَدَاقَهَا لِلزَّوْجِ ثُمَّ فَسَخَ النِّكَاحَ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَقَرَّ بِأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَيْهِ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا وَادَّعَى أَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى رِبًا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَرَادَ إسْقَاطَ الزِّيَادَةِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مِثْلُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ أَوْ قِيمَتُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَنَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ خُشُونَةِ مَشْيِهَا) وَالْمُرَادُ بِالْخُشُونَةِ إتْعَابُ رَاكِبِهَا كَأَنْ تَتَحَوَّلَ فِي مُنْعَطَفَاتِ الطَّرِيقِ مَثَلًا لِيُخَالِفَ صُعُوبَةَ ظَهْرِهَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْغَزِّيِّ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ يُبَدَّلُ إذَا أُكِلَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ مَقْصِدِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ لَا يُبَدِّلُهُ إلَّا إذَا كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهِ مَقْصِدَهُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ أَكَلَ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ) أَيْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ، وَقَوْلُهُ وَحَمْلَ كَذَا إلَى كَذَا وَمَا أُكِلَ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَمَلَ لِلْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: بِسِعْرِهِ) أَيْ بِأَنْ زَادَ قَدْرًا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّرَرَ) أَيْ بِسَبَبِ هَذَا الْعَيْبِ الْحَاصِلِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ) يُوهِمُ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ مِنْ عِنْدِ الشَّيْخِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا تُخَالِفُ لِقَوْلِهِمْ فِي الْبَيْعِ إنَّهُ عَيْبٌ إنْ خَشَى مِنْهُ السُّقُوطَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الثَّانِي: يَعْنِي كَلَامَ الزَّرْكَشِيّ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ اتَّبَعَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِبْدَالُ إلَّا إنْ شَرَطَ قَدْرًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ، وَإِذَا قُلْنَا لَا يُبَدَّلُ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا فَهَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>