للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا ظَهْرًا وَبَطْنًا إلَى الْكُوعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ: هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ وَلِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا عَوْرَةً فِي الْعِبَادَاتِ لَمَا وَجَبَ كَشْفُهُمَا فِي الْإِحْرَامِ، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى رِقًّا وَحُرِّيَّةً، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَتْرِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَفْقَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِلشَّكِّ فِي السَّتْرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ الصِّحَّةَ، وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَكَثِيرٍ الْقَطْعَ بِهِ لِلشَّكِّ فِي عَوْرَتِهِ، وَادَّعَى الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا لِلشَّكِّ حَالَ الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ شَغْلُ ذِمَّتِهِ بِهَا فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مُقْتَصِرًا عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ يَطْرَأَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ، وَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّ الْعَدَدَ لَوْ كَمُلَ بِخُنْثَى لَا تَنْعَقِدُ لِلشَّكِّ، وَإِنْ انْعَقَدَتْ بِالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَثَمَّ خُنْثَى زَائِدٌ عَلَيْهِ ثَمَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ وَكَمُلَ الْعَدَدُ بِالْخُنْثَى لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا الِانْعِقَادَ، وَشَكُّنَا فِي الْبُطْلَانِ غَيْرُ وَارِدٍ هُنَا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا فِي شَرْطٍ رَاجِعٍ فِي ذَاتِ الْمُصَلِّي، وَهُوَ السَّتْرُ، وَمَا سَيَأْتِي ثَمَّ شَكٌّ فِي شَرْطٍ رَاجِعٍ لِغَيْرِهِ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الذَّاتِ.

(وَشَرْطُهُ) أَيْ السَّاتِرِ (مَا) أَيْ جِرْمٌ (مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ) ، وَإِنْ حَكَى حَجْمَهَا كَسِرْوَالٍ ضَيِّقٍ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ، وَخِلَافُ الْأَوْلَى لِلرَّجُلِ فَلَا يَكْفِي مَا يَحْكِي لَوْنَهَا بِأَنْ يَعْرِفَ مَعَهُ نَحْوَ بَيَاضِهَا مِنْ سَوَادِهَا كَزُجَاجٍ وَقَفَ فِيهِ وَمُهَلْهَلٍ اسْتَتَرَ بِهِ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ اللَّوْنَ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ السَّتْرِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَالْأَصْبَاغُ الَّتِي لَا جِرْمَ لَهَا مِنْ نَحْوِ حُمْرَةٍ وَصُفْرَةٍ فَإِنَّ الْوَجْهَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا، وَإِنْ سَتَرَتْ اللَّوْنَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ سَاتِرًا، وَالْكَلَامُ فِي السَّاتِرِ مِنْ الْأَجْرَامِ وَمِثْلُ الْأَصْبَاغِ الَّتِي لَا جِرْمَ لَهَا وُقُوفُهُ فِي ظُلْمَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِهِ لِكَوْنِهِ يَمْنَعُ إدْرَاكَ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَلَا تُكَلَّفَ لُبْسَ نَحْوِ خُفٍّ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ، لَكِنْ يَجِبُ تَحَرُّزُهَا فِي سُجُودِهَا عَنْ ارْتِفَاعِ الثَّوْبِ عَنْ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: فِيهَا ظَهْرًا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: هُوَ الْوَجْهُ) أَيْ مَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ: وَكَثِيرٍ الْقَطْعَ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْحُكْمِ، وَهُوَ الصِّحَّةُ وَمَشَى عَلَيْهِ الْخَطِيبُ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ بِتَبَيُّنِ الذُّكُورَةِ تَيَقَّنَّا عَدَمَ وُجُوبِ سَتْرِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْهُ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَلَكِنْ يَجِبُ الْقَضَاءُ لِلشَّكِّ الْحَاصِلِ فِي صَلَاتِهِ الْمُؤَدِّي لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ فِي ذَاتِ الْمُصَلِّي) الْأَوْلَى إلَى ذَاتِ الْمُصَلِّي، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّرَ رَاجِعٌ إلَى مَعْنَى كَائِنٌ فِي ذَاتِ الْمُصَلِّي.

(قَوْلُهُ: مَا مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ) أَيْ لِمُعْتَدِلِ الْبَصَرِ عَادَةً كَمَا فِي نَظَائِرِهِ كَذَا نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: كَسِرْوَالٍ) أَيْ لِبَاسٍ (قَوْلُهُ: وَخِلَافُ الْأَوْلَى لِلرَّجُلِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَفِيهِ وَجْهٌ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةَ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ شَاذٌّ، وَلَيْسَ كُلُّ خِلَافٍ يُرَاعَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعْرِفَ مَعَهُ) أَيْ السَّاتِرِ (قَوْلُهُ: مِنْ سَوَادِهَا) أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ كَذَا ضَبَطَهُ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ نَاشِرِيّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا مُنِعَ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَ النَّاظِرُ فِيهِ مَعَ زِيَادَةِ الْقُرْبِ لِلْمُصَلِّي جِدًّا لَأَدْرَكَ لَوْنَ بَشْرَتِهِ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَرِيبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ مَا لَوْ كَانَتْ تُرَى الْبَشَرَةُ بِوَاسِطَةِ شَمْسٍ أَوْ نَارٍ وَلَا تُرَى عِنْدَ عَدَمِهِ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْأَلَةِ الشَّمْسِ، وَيُقَالُ يَنْبَغِي أَنَّ الرُّؤْيَةَ بِوَاسِطَةِ الشَّمْسِ لَا تَضُرُّ؛ لِأَنَّ هَذَا يُعَدُّ سَاتِرًا فِي الْعُرْفِ، وَمَحَلُّ هَذَا التَّوَقُّفِ إنْ كَانَ الشَّارِحُ فِي الْفَتَاوَى سَوَّى بَيْنَ الشَّمْسِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَمْنَعُ اللَّوْنَ) أَقُولُ: يَنْبَغِي تَعَيُّنُ ذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ بَعْضَ الْعَوْرَةِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُهَلْهَلِ لِسَتْرِهِ بَعْضَ أَجْزَائِهَا، أَمَّا الزُّجَاجُ فَإِنْ حَصَلَ بِهِ سَتْرُ شَيْءٍ مِنْهَا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ (قَوْلُهُ: كَالْأَصْبَاغِ الَّتِي لَا جِرْمَ لَهَا) وَمِنْهُ النِّيلَةُ: إذَا زَالَ جِرْمُهَا، وَبَقِيَ مُجَرَّدُ اللَّوْنِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>