لَهَا مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ شَيْءٌ سِوَى تَحْرِيمِ نِكَاحِهَا حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا كَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ بِقَتْلِهَا وَالْحَدُّ بِقَذْفِهِ لَهَا وَالْقَطْعُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثَانِيهمَا كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحُهُ، وَإِنْ قِيلَ إنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي النُّسَخِ السَّقِيمَةِ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهَا وَجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا، أَوْ لَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ كَمَا فِي الْمُلَاعَنَةِ وَأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا؟ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ انْتَهَى.
وَالْأَوْجَهُ حُرْمَةُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا احْتِيَاطًا وَعَدَمُ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهَا لِلشَّكِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ (وَكُلُّ مَنْ وَلَدْتهَا، أَوْ وَلَدْت مَنْ وَلَدَهَا) وَإِنْ سَفَلَ (فَهِيَ بِنْتُك) حَقِيقَةً وَمَجَازًا نَظِيرُ مَا مَرَّ (قُلْت: وَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ) مَاءِ (زِنَاهُ تَحِلُّ لَهُ) لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ، إذْ لَا يَثْبُتُ لَهَا تَوَارُثٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ صَادِقٌ كَعِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقْتَ نُزُولِهِ بِأَنَّهَا مِنْ مَائِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَ نَسَبَهَا عَنْهُ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا مِنْ مَاءِ سِفَاحٍ، نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُ نِكَاحُهَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ) وَعَلَى سَائِرِ مَحَارِمِهَا (وَلَدُهَا مِنْ زِنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إجْمَاعًا لِأَنَّهُ بَعْضُهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا إنْسَانًا وَلَا كَذَلِكَ الْمَنِيُّ وَمِنْ ثَمَّ أَجْمَعُوا هُنَا عَلَى إرْثِهِ (وَالْأَخَوَاتُ) مِنْ جِهَةِ أَبَوَيْك أَوْ أَحَدُهُمَا، نَعَمْ لَوْ زَوَّجَهُ الْحَاكِمُ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ بِشَرْطِهِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ هُوَ ثَبَتَتْ أُخُوَّتُهَا لَهُ وَبَقِيَ نِكَاحُهُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعَبَّادِيُّ وَالْقَاضِي غَيْرَ مَرَّةٍ قَالُوا: وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرُ هَذَا، وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِالْأُخْتِيَّةِ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تَحْجُبُ، بِخِلَافِ الْأُخْتِيَّةِ فَهِيَ أَقْوَى السَّبَبَيْنِ، فَإِنْ صَدَقَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، ثُمَّ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهَا، أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقِيسَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِمَجْهُولِ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ، وَإِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِقَذْفِهِ لَهَا وَالْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِهَا وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَجْهَانِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَشْبَهُهُمَا نَعَمْ، وَأَصَحُّهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا انْتَهَى.
وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَجِبُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَرَّرُوهُ فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، فَحَاصِلُ مَا يَجِبُ اعْتِمَادُهُ بِاعْتِبَارِ مَضْمُونِ النُّسْخَتَيْنِ، وَمَا نُقِلَ عَنْهُ فِي بَعْضِ هَوَامِشِ تَلَامِذَتِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِهَذِهِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ النِّسْبِيَّةِ إلَّا فِي جَوَازِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ فَيَحْرُمَانِ احْتِيَاطًا، وَبِهَذَا الْحَاصِلِ صَرَّحَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ لِلْبَهْجَةِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ) فَلَوْ وَطِئَ مُسْلِمٌ كَافِرَةً بِالزِّنَا فَهَلْ يَلْحَقُ الْوَلَدُ الْمُسْلِمَ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ يَلْحَقُ الْكَافِرَةَ ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَاعْتَمَدَ م ر تَبَعًا لِوَالِدِهِ الثَّانِيَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ الْمَنِيُّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ: أَيْ لَيْسَ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَنِيُّ يَعْنِي لَمْ يَنْفَصِلْ إنْسَانًا (قَوْلُهُ: أَجْمَعُوا هُنَا عَلَى إرْثِهِ) أَيْ مِنْ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ الْإِمْكَانُ وَتَصْدِيقُهَا إنْ كَبِرَتْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا) لَعَلَّهُ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمَنْفِيَّةِ بِاللِّعَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ
وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَمَا بَعْدَهُ يَجْرِيَانِ فِيمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: كَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا) أَيْ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَكَذَا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ تَأَتِّيهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
فَهِيَ إنْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِأُمِّهَا اُنْتُقِضَ الْوُضُوءُ بِمَسِّهَا قَطْعًا وَحَرُمَ النَّظَرُ وَالْخَلْوَةُ بِهَا كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ يُنْتَقَضْ قَطْعًا وَحَلَّ كُلٌّ مِنْ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ فَلَا وَجْهَ لِجَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي اسْتِيجَاهِ الشَّارِحِ كَاسْتِقْرَابِ الْبُلْقِينِيِّ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ صُدِّقَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ)