أَقَامَ الْأَبُ بَيِّنَةً فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ثَبَتَ النَّسَبُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَحُكْمُ الْمَهْرِ مَا مَرَّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَصَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ فَقَطْ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ لِحَقِّ الزَّوْجِ لَكِنْ لَوْ أَبَانَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا لِأَنَّ إذْنَهَا شَرْطٌ وَقَدْ اعْتَرَفَتْ بِالتَّحْرِيمِ.
وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلَازِمٌ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي ثُبُوتَهُ عَلَيْهِ لَكِنَّهَا تُنْكِرُهُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَنِصْفُ الْمُسَمَّى، أَوْ بَعْدَهُ فَكُلُّهُ، وَحُكْمُهَا فِي قَبْضِهِ كَمَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَمَرَّ حُكْمُهُ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ وَقَعَ الِاسْتِلْحَاقُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ يَجُزْ لِلِابْنِ نِكَاحُهَا (وَبَنَاتُ الْأُخُوَّةِ وَالْأَخَوَاتِ) وَإِنْ سَفَلْنَ (وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَكُلُّ مَنْ هِيَ أُخْتُ ذَكَرِ وَلَدِك) وَإِنْ عَلَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ وَسَوَاءٌ أُخْتُهُ لِأَبَوَيْهِ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا (فَعَمَّتُك، أَوْ أُخْتُ أُنْثَى وَلَدِك) وَإِنْ عَلَتْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ سَوَاءٌ أُخْتُهَا لِأَبَوَيْهَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا (فَخَالَتُك) وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْأَخْصَرَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنْ يُقَالَ يَحْرُمُ كُلُّ قَرِيبٍ إلَّا مَا دَخَلَ فِي وَلَدِ الْعُمُومَةِ، أَوْ الْخُؤُولَةِ (وَيَحْرُمُ هَؤُلَاءِ السَّبْعِ بِالرَّضَاعِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا حَرُمْنَ مِنْ النَّسَبِ لِلنَّصِّ عَلَى الْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ فِي الْآيَةِ وَلِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» (وَكُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْك أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ أَرْضَعَتْك، أَوْ) أَرْضَعَتْ (مَنْ وَلَدَك) وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ (أَوْ وَلَدَتْ مُرْضِعَتَك، أَوْ) وَلَدَتْ، أَوْ أَرْضَعَتْ (ذَا) أَيْ صَاحِبَ (لَبَنِهَا) شَرْعًا كَحَلِيلِ الْمُرْضِعَةِ الَّذِي اللَّبَنُ لَهُ وَإِنْ وَلَدَتْهُ بِوَاسِطَةٍ (فَأُمُّ رَضَاعٍ) شَرْعًا.
(وَقِسْ) بِذَلِكَ (الْبَاقِيَ) مِنْ السَّبْعِ الْمُحَرَّمَةِ بِالرَّضَاعِ، فَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك، أَوْ بِلَبَنِ فَرْعِك وَلَوْ مِنْ الرَّضَاعِ وَبِنْتُهَا كَذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ رَضَاعٍ، وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِ أَصْلِك وَلَوْ مِنْ الرَّضَاعِ وَإِنْ سَفَلَتْ، وَمُرْتَضِعَةٌ بِلَبَنِ أَخِيك، أَوْ ابْنِ أَخِيك وَبِنْتُهَا نَسَبًا، أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ أَخٍ، أَوْ أُخْتِ رَضَاعٍ وَأُخْتُ فَحْلٍ، أَوْ مُرْضِعَةٌ وَأُخْتُ أَصْلِهَا نَسَبًا، أَوْ رَضَاعًا، وَمُرْتَضِعَةٌ بِلَبَنِ أَصْلٍ نَسَبًا، أَوْ رَضَاعًا عَمَّةُ رَضَاعٍ، أَوْ خَالَتُهُ (وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْك مَنْ أَرْضَعَتْ أَخَاك) ، أَوْ أُخْتَك، وَإِنَّمَا حَرُمَتْ أُمُّ أَخِيك نَسَبًا لِأَنَّهَا أُمُّك، أَوْ مَوْطُوءَةُ أَبِيك (وَ) لَا مَنْ أَرْضَعَتْ (نَافِلَتَك) أَيْ وَلَدَ وَلَدِك لِأَنَّهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْك وَحَرُمَتْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ، أَوْ مَجْنُونًا طَرَأَ جُنُونُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَصَدَّقَتْهُ) بَقِيَ مَا لَوْ صُدِّقَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَيَنْبَغِي انْفِسَاخُ النِّكَاحِ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى، أَوْ بَعْدَهُ فَكُلُّهُ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ حُكْمُهُ فِي الْإِقْرَارِ) وَهُوَ أَنَّهُ يَبْقَى فِي يَدِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُنْكَرُ وَيَعْتَرِفَ (قَوْلُهُ: لِلِابْنِ نِكَاحُهَا) أَيْ وَإِنْ كَذَّبَهُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ تَيَقُّنُ حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ وَالْحِلُّ مَشْكُوكٌ فِيهِ الْآنَ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّا حَكَمْنَا بِصِحَّتِهِ ظَاهِرًا وَشَكَكْنَا فِي رَافِعِهِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ) هَذَا عَيْنُ مَا مَرَّ عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ عَلَى مَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: الَّذِي اللَّبَنُ لَهُ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ لِغَيْرِهِ كَأَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً تُرْضِعُ فَإِنَّ الزَّوْجَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ صَاحِبَ اللَّبَنِ
(قَوْلُهُ: فَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ زَوْجَةً، أَوْ أَمَةً أَوْ مَوْطُوءَةً بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: بِلَبَنِ أَصْلٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَصْلُ الْفَحْلِ أَوْ الْمُرْضِعَةُ، أَوْ أَصْلُ الشَّخْصِ الثَّانِي وَمَا فَوْقَهُ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ أَوْ الزَّوْجُ فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهَا لِلْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهَا) كَأَنْ جُنَّ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِهِ الْمُعْتَبَرِ انْقِطَاعُ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْأَخْصَرَ إلَخْ) لَكِنْ يَفُوتُهُ حِينَئِذٍ بَيَانُ جِهَةِ الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِ أَصْلِك وَلَوْ مِنْ الرَّضَاعِ) هُنَا سَقْطٌ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ
وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِ أَبِيك أَوْ أُمِّك وَلَوْ رَضَاعًا وَمَوْلُودَةُ أَحَدِهِمَا أُخْتُ رَضَاعٍ وَبِنْتُ وَلَدِ الْمُرْضِعَةِ أَوْ الْفَحْلِ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ، وَمُرْتَضِعَةٌ بِلَبَنِ أَخِيك أَوْ أُخْتِك وَبِنْتِهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ، وَبِنْتُ وَلَدٍ أَرْضَعَتْهُ أُمُّك أَوْ ارْتَضَعَ بِلَبَنِ أَبِيك نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ أَخٍ أَوْ أُخْتُ رَضَاعٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَنَافِلَتُك)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute