وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَشْوُ قَبْلَ الشَّدِّ وَالتَّلَجُّمِ وَيُكْتَفَى بِهِ إنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَتْ صَائِمَةً أَوْ تَأَذَّتْ بِاجْتِمَاعِ الدَّمِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الْحَشْوُ بَلْ يَجِبُ عَلَى الصَّائِمَةِ تَرْكُهُ نَهَارًا، وَإِنَّمَا رَاعَوْا هُنَا مَصْلَحَةَ الصَّوْمِ دُونَ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ عَكْسَ فِعْلِهِمْ فِيمَنْ ابْتَلَعَ بَعْضَ خَيْطٍ قَبْلَ الْفَجْرِ وَطَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَطَرَفُهُ خَارِجٌ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ وَالظَّاهِرُ دَوَامُهَا.
فَلَوْ رَاعَوْا مَصْلَحَةَ الصَّلَاةِ هُنَا لَتَعَذَّرَ قَضَاءُ الصَّوْمِ لِلْحَشْوِ وَلِأَنَّ الْمَحْذُورَ هُنَا لَا يَنْتَفِي بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّ الْحَشْوَ يَتَنَجَّسُ وَهِيَ حَامِلَتُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلِأَنَّهَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا تَقْصِيرٌ فَخُفِّفَ عَنْهَا أَمْرُهَا وَصَحَّتْ مِنْهَا الْعِبَادَتَانِ قَطْعًا كَمَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا مَعَ النَّجَاسَةِ وَالْحَدَثِ الدَّائِمِ لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ فَيَشُقُّ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا نَادِرًا (وَ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَتَوَضَّأُ) أَوْ تَتَيَمَّمُ وَتُبَادِرُ بِهِ وُجُوبًا عَقِبَ الِاحْتِيَاطِ وَيَكُونُ ذَلِكَ (وَقْتَ الصَّلَاةِ) وَلَوْ نَافِلَةً لَا قَبْلَهُ كَالْمُتَيَمِّمِ وَتَجْمَعُ بِطَهَارَتِهَا بَيْنَ فَرْضٍ وَنَوَافِلَ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الِاقْتِصَارُ فِي وُضُوئِهَا عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِالْكَسْرِ رِبَاطُ السَّرَاوِيلِ وَالْجَمْعُ تِكَكٌ (قَوْلُهُ: وَيَكْتَفِي بِهِ) أَيْ الشَّدِّ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِمَا) أَيْ الشَّدِّ وَالْحَشْوِ.
[فَرْعٌ] هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ طَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوِهَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ الَّتِي عَلَى الْبَدَنِ كَمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ لَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْإِبَاحَةِ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ النَّجَاسَةِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت السَّيِّدَ السَّمْهُودِيَّ فِي شُرُوطِ الْوُضُوءِ نَقَلَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِيَاسُ وَأَقَرَّهُ فَانْظُرْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَذَّتْ) أَيْ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبِحْ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ عَلَى الصَّائِمَةِ تَرْكُهُ) أَيْ الْحَشْوِ، فَلَوْ حَشَتْ نَاسِيَةً لِلصَّوْمِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ جَوَازِ نَزْعِهِ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ صَوْمُهَا بِاسْتِمْرَارِ الْحَشْوِ، وَانْدَفَعَ مَعَهُ خُرُوجُ الدَّمِ الْمُبْطِلِ لِصَلَاتِهَا.
وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا نَصُّهُ: لَوْ حَشَتْ نَاسِيَةً الصَّوْمَ أَوْ حَشَتْ لَيْلًا وَأَصْبَحَتْ صَائِمَةً نَاسِيَةً لَغَا الْحَشْوُ وَوَجَبَ عَلَيْهَا قَلْعُهُ قِيَاسًا عَلَى الْخَيْطِ فِي الصَّوْمِ اهـ.
أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ قِيَاسًا إلَخْ يَقْتَضِي وُجُوبَ قَلْعِ الْخَيْطِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدُ فَإِنَّ الْحَشْوَ يَتَنَجَّسُ وَهِيَ حَامِلَتُهُ وَهُوَ قَدْ يَقْتَضِي وُجُوبَ النَّزْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمَا يَأْتِي عَنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَاعَوْا هُنَا مَصْلَحَةَ الصَّوْمِ دُونَ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّهُمْ رَاعَوْا مَصْلَحَةَ الصَّوْمِ حَيْثُ أَمَرُوهَا بِتَرْكِ الْحَشْوِ لِئَلَّا يَفْسُدَ بِهِ صَوْمُهَا، وَلَمْ يُرَاعُوا مَصْلَحَةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الْحَشْوِ خُرُوجُ الدَّمِ الْمُقْتَضِي لِإِفْسَادِهَا، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَغْتَفِرُوا إخْرَاجَهُ فِي الصَّوْمِ بَلْ أَوْجَبُوهُ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَأَبْطَلُوا صَوْمَهُ.
قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: قَوْلُهُمْ وَإِنَّمَا رَاعَوْا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُبْطِلُوا الصَّلَاةَ بِخُرُوجِ الدَّمِ كَمَا أَبْطَلُوهَا ثُمَّ بِبَقَاءِ الْخَيْطِ، بَلْ فِي الْحَقِيقَةِ رَاعَوْا كُلًّا مِنْهُمَا حَيْثُ اغْتَفَرُوا مَا يُنَافِيهِ وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي (قَوْلُهُ: وَطَرَفُهُ خَارِجٌ) أَيْ حَيْثُ حَكَمُوا بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَنْزِعْهُ.
[فَرْعٌ] لَوْ حَشَتْ لَيْلًا وَأَصْبَحَتْ صَائِمَةً وَالْحَشْوُ بَاقٍ فِي فَرْجِهَا فَهَلْ يَجِبُ نَزْعُهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَأَقُولُ: إنْ كَانَ نَزْعُهُ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ النَّزْعِ لِئَلَّا تَصِيرَ حَامِلَةً لِنَجَاسَةٍ فِي الصَّلَاةِ بِلَا حَاجَةٍ، وَإِنْ كَانَ يُبْطِلُهُ فَهُوَ كَمَسْأَلَةِ الْخَيْطِ إذَا أَصْبَحَ صَائِمًا وَطَرَفُهُ بِجَوْفِهِ وَطَرَفُهُ الْآخَرُ خَارِجٌ مِنْ فَمِهِ، فَلْيُحَرَّرْ هَلْ نَزْعُ الْحَشْوِ مِنْ الْفَرْجِ يُبْطِلُ الصَّوْمَ أَوْ لَا سم عَلَى مَنْهَجٍ؟ قُلْت: الْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ تَوَقَّفَ عَلَى إدْخَالِ شَيْءٍ بَاطِنَ الْفَرْجِ لِإِخْرَاجِهِ بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّ الْحَشْوَ يَتَنَجَّسُ وَهِيَ حَامِلَتُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
حَدَثًا دَائِمًا، فَمَاذَا يَكُونُ الْحَدَثُ الدَّائِمُ الَّذِي أُعْطِيَا حُكْمَهُ؛ وَمِنْهَا قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّفْرِيعِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِهَا التَّفْصِيلِيِّ يُقَالُ: عَلَيْهِ حَيْثُ بَيَّنَ حُكْمَهَا إجْمَالًا بِقَوْلِهِ كَحَدَثٍ وَتَفْصِيلًا بِهَذَا التَّفْرِيعِ، فَمَا يَكُونُ مَوْقِعُ قَوْلِهِ فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا إلَخْ. فَتَأَمَّلْ