للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّهْرُ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ، وَلَا يُكَلَّفُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكْلِيفُ مَاءٍ آخَرَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ وَكَلَامُ الْجُوَيْنِيُّ فِي السِّلْسِلَةِ، فَإِنْ آلَ التَّعْيِيبُ إلَى التَّلَفِ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ بِهِ وَلَمْ يُفْسَخْ لَمْ يَغْرَمْ لَهُ الْبَائِعُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرَيْنِ.

(وَلَوْ) (بِيعَ) نَحْوُ ثَمَرٍ (قَبْلَ) أَوْ بَعْدَ (بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ وَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى هَلَكَ) بِجَائِحَةٍ (فَأَوْلَى بِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) مِمَّا لَمْ يُشْتَرَطْ قَطْعُهُ لِتَفْرِيطِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهِ وَقَطَعَ بَعْضٌ آخَرُ بِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا وَجْهَ لَهُ إذَا أَخَّرَ الْمُشْتَرِي عِنَادًا (وَلَوْ) (بِيعَ ثَمَرٌ) أَوْ زَرْعٌ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَلَوْ لِبَعْضِهِ، وَهُوَ مِمَّا يَنْدُرُ اخْتِلَاطُهُ أَوْ يَتَسَاوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ يُجْهَلُ حَالُهُ صَحَّ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَالْإِبْقَاءِ وَمَعَ الْإِطْلَاقِ، أَوْ مِمَّا (يَغْلِبُ تَلَاحُقُهُ وَاخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ) بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ (كَتِينٍ وَقِثَّاءٍ) وَبِطِّيخٍ (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ) أَيْ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَيُوَافِقَهُ الْآخَرُ (قَطْعَ ثَمَرِهِ) أَوْ زَرْعَهُ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، فَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ قَطَعَ حَتَّى اخْتَلَطَ فَكَمَا فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ حَصَلَ الِاخْتِلَاطُ) أَيْ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ (فِيمَا يَنْدُرُ) فِيهِ الِاخْتِلَاطُ أَوْ فِيمَا يَتَسَاوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ جُهِلَ فِيهِ الْحَالُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ) لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمُهُ مُمْكِنٌ بِالطَّرِيقِ الْآتِي فَدَعْوَى مُقَابِلِهِ تَعَذُّرُهُ مَمْنُوعٌ وَإِنْ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَادَّعَوْا أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ إذْ الِاخْتِلَاطُ عَيْبٌ حَدَثَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَصْحِيحُ مَا دَلَّ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَيْهِ أَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ فَيَكُونُ فَوْرِيًّا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَاكِمٍ لِلصِّدْقِ حَدُّ الْعَيْبِ السَّابِقِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ بِالِاخْتِلَاطِ صَارَ نَاقِصَ الْقِيمَةِ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ ذَهَبَ كَثِيرُونَ إلَى أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَتَوَقُّفُهُ عَلَى الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ لِقَطْعِ النِّزَاعِ لَا لِلْعَيْبِ وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَإِنْ سَمَحَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (لَهُ الْبَائِعُ بِمَا حَدَثَ) بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيَمْلِكُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ آلَ التَّعَيُّبَ إلَى التَّلَفِ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَكْلِيفُ مَاءٍ آخَرَ) ظَاهِرٌ وَإِنْ قَرُبَ جِدًّا (قَوْلُهُ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ بِهِ) أَيْ التَّعَيُّبِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَغْرَمْ لَهُ) أَيْ الْبَدَلَ وَهَلْ يَغْرَمُ لَهُ الْأَرْشُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ نَفْيَ الْغُرْمِ الشَّامِلِ لِلْبَدَلِ وَالْأَصْلُ (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ) تَقَدَّمَ نَقْلُ عَدَمِ الضَّمَانِ فِي هَذَا عَنْ بَحْثِ السُّبْكِيّ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ زِيَادَتِهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا تَقَدَّمَ فِي تَرْكِ السَّقْيِ وَهَذَا فِي التَّلَفِ بِالْعَاهَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَغْلِبُ تَلَاحُقَهُ) أَيْ يَقِينًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبِلَ أَوْ جَهِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِثَّاءٍ وَبِطِّيخٍ) هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلثَّمَرَةِ، وَمِثَالُهُ لِلزَّرْعِ بَيْعُ الْبِرْسِيمِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَغْلِبُ فِيهِ التَّلَاحُقُ بِزِيَادَةِ طُولِهِ وَاشْتِبَاهِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَهُ لِلرَّعْيِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ مُدَّةً يَتَأَتَّى فِيهَا رَعْيُهُ وَفِي هَذِهِ تَكُونُ الرِّبَّةُ لِلْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَأَخَّرَ بِالتَّرَاضِي أَوْ دُونَهُ فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ حَتَّى السَّنَابِلَ، فَإِنْ بَلَغَ الْبِرْسِيمَ إلَى حَالَةٍ لَا يَغْلِبُ فِيهَا زِيَادَةٌ وَاخْتِلَاطٌ صَحَّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ الْقَطْعِ وَبِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ بِالرَّعْيِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: فَدَعْوَى) أَيْ ادِّعَاءُ ذِكْرِهِ لِتَأْوِيلِ الدَّعْوَى بِالِادِّعَاءِ فَلَا يُقَالُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ مَمْنُوعَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِمَا حَدَثَ بِهِبَةٍ) ع اُنْظُرْ كَيْف الْهِبَةُ مَعَ الْجَهْلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

هُنَا وَلَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ قَطْعًا كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ

. (قَوْلُهُ: وَقَطَعَ بَعْضٌ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلتُّحْفَةِ، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي قُوتِ الْأَذْرَعِيِّ مَا نَصُّهُ: وَلَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ إذَا طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالْقَطْعِ وَأَخَّرَ عِنَادًا وَلَا سِيَّمَا إذَا أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِهِ اهـ. بِلَفْظِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَوَقُّفِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>