للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلَامِ الْإِمَامِ رَكْعَةً) جَهْرًا لِإِتْمَامِهَا وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ فَارَقَهُ فِي التَّشَهُّدِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ: أَيْ لَمْ تَفُتْهُ لِمُقَابَلَةِ قَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدَهُ وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَهُ فَاتَتْهُ، وَأَيْضًا فَدَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى شَيْءٍ يُتِمُّهَا بِهِ، وَتَقْيِيدُ ابْنِ الْمُقْرِي أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ إدْرَاكَ الْجُمُعَةِ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بِمَا إذَا صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، بَلْ مَتَى أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً وَأَتَى بِأُخْرَى أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ وَلَوْ خَرَجَ مِنْهَا الْإِمَامُ، كَمَا أَنَّ حَدَثَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا لِمَنْ خَلْفَهُ عَلَى مَا مَرَّ، لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي عَلَى مَا لَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ صِحَّتِهَا لِانْتِفَاءِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا أَوْ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مُحْدِثًا، فَإِنَّ رَكْعَةَ الْمَسْبُوقِ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ لِعَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَسْبُوقِ الْفَاتِحَةَ، إذْ الْحُكْمُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ خِلَافُ الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ إذَا كَانَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِيَتَحَمَّلَ بِهِ عَنْ الْغَيْرِ، وَالْمُحْدِثُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّحَمُّلِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ.

وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُ رُكُوعُ الثَّانِيَةِ مِثَالٌ، فَلَوْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَفَارَقَهُ فِي الثَّانِيَةِ حَصَلَتْ لَهُ الْجُمُعَةُ كَمَا شَمَلَ ذَلِكَ تَعْبِيرُ الْمُحَرِّرِ، وَلَوْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ إمَامُهُ سَجَدَهَا وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً وَإِلَّا سَجَدَهَا وَأَتَمَّ ظُهْرًا، وَإِذَا قَامَ لِإِتْمَامِ الْجُمُعَةِ وَأَتَى بِالثَّانِيَةِ وَذَكَرَ فِي تَشَهُّدِهِ تَرْكَ سَجْدَةٍ مِنْهَا سَجَدَهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، أَوْ مِنْ الْأُولَى، أَوْ شَكَّ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ وَحَصَلَ لَهُ رَكْعَةٌ مِنْ الظُّهْرِ.

(وَإِنْ) (أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ (فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ) ؛ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ (فَيُتِمُّ) صَلَاتَهُ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا (بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (ظُهْرًا أَرْبَعًا) مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْبِيرُهُمْ بِيُتِمَّ؛ لِفَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَأَكَدْ بِأَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ قَدْ تُسَمَّى ظُهْرًا مَقْصُورَةً (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْمُدْرِكُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

خَبَرُ قَوْلِهِ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ: لَيْسَ بِقَيْدٍ خَبَرٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: لِإِتْمَامِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ وَهُوَ عِلَّةُ يُصَلِّي (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ فَارَقَهُ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُفَارَقَةُ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُفَارَقَةِ زَوَالُ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ مِنْهَا) غَايَةُ (قَوْلِهِ: لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا لِمَنْ خَلْفَهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: كَمَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ إمَامُهُ سَجَدَهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِأَصْلِ السُّجُودِ أَوْ جَلَسَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الِاعْتِدَالِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَتَيْنِ

وَقَضِيَّةُ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ هَلْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ سَجَدَ وَأَتَمَّهَا إلَخْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: تَرَكَ سَجْدَةً مِنْهَا) أَيْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) أَيْ وَيُتِمُّ الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ: فَاتَتْ الْجُمُعَةُ وَحَصَلَ لَهُ رَكْعَةٌ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ السُّجُودِ.

[فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ شَكَّ مُدْرِكُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ السَّلَامِ هَلْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ سَجَدَ وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً اهـ.

وَهُوَ فَرْعٌ يُفِيدُ أَنَّ تَلَبُّسَهُ مَعَ الْإِمَامِ بِالتَّشَهُّدِ لَا يَمْنَعُ عَوْدَهُ لِلسُّجُودِ، فَلْيُضَمَّ إلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.

وَأَقُولُ: قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ مِنْ نَحْوِ مَا لَوْ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ شَكَّ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ تَذَكَّرَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ الِانْتِقَالُ عَنْ مَحِلِّ مَا تَرَكَهُ وَهَذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ سَلَامِهِ ظُهْرًا) لَمْ يَقُلْ: أَوْ مُفَارَقَتِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً لَمْ تَجُزْ لَهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِالْجُمُعَةِ فِيمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ مَثَلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ الْإِمَامُ تَرْكَ رُكْنٍ فَيَأْتِيَ بِهِ وَيُوَافِقَهُ الْمَأْمُومُ فَيُدْرِكَ الْجُمُعَةَ وَمُفَارَقَتُهُ تُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ مَعَ إمْكَانِهَا (قَوْلُهُ: قَدْ تُسَمَّى ظُهْرًا مَقْصُورَةً) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَلِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ لَفْظِ الْإِتْمَامِ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ مَا أَدْرَكَهُ رَكْعَةً.

فَإِنْ قُلْت: فَلِمَ عَبَّرَ بِالْإِتْمَامِ حَتَّى وَرَدَ هَذَا التَّوَهُّمُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ) أَيْ ابْنِ الْمُقْرِي، وَقَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُ: أَيْ الْمُصَنِّفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>