للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْإِمَامِ بَعْدَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ (يَنْوِي فِي اقْتِدَائِهِ) بِالْإِمَامِ (الْجُمُعَةَ) مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ؛ وَلِأَنَّ الْيَأْسَ مِنْهَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالسَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ إمَامُهُ تَرْكَ رُكْنٍ فَيَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ فَيُدْرِكُ الْجُمُعَةَ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ فَقَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ حَمْلًا عَلَى مَا إذَا تَذَكَّرَ تَرْكَ رُكْنٍ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا فَقَامَ لِيَأْتِيَ بِهِ فَيُتَابِعَهُ، وَهَلْ نِيَّتُهُ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ أَمْ جَائِزَةٌ؟ جَرَى فِي الْأَنْوَارِ عَلَى الْجَوَازِ، وَعِبَارَةُ الْعَزِيزِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ.

قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ، وَجَمَعَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْجَوَازِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ مُسْتَحَبَّةً لَهُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ كَالْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ، وَالْوُجُوبُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ لَازِمَةً لَهُ فَإِحْرَامُهُ بِهَا وَاجِبٌ، وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَا يَصِحُّ ظُهْرُهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ انْتَهَى.

وَلَوْ أَدْرَكَ هَذَا الْمَسْبُوقُ بَعْدَ صَلَاتِهِ الظُّهْرَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَنْوِي الظُّهْرَ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يَفْعَلُهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ عَلِمَ حَالَ الْإِمَامِ وَإِلَّا بِأَنْ رَآهُ قَائِمًا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مُعْتَدِلٌ، أَوْ فِي الْقِيَامِ فَيَنْوِي الْجُمُعَةَ جَزْمًا. .

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ حُكْمُ الِاسْتِخْلَافِ وَشُرُوطُهُ فَقَالَ (فَإِذَا) خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْجُمُعَةِ، أَوْ غَيْرِهَا) مِنْ الصَّلَوَاتِ (بِحَدَثٍ) سَهْوًا، أَوْ عَمْدًا (أَوْ غَيْرَهُ) كَتَعَاطِي مُبْطِلٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَدَفَعَهُ؟ قُلْت: لِيُشِيرَ إلَى الِاعْتِدَادِ بِنِيَّتِهِ وَمَا بَعْدَهَا تَأَمَّلْ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ) أَيْ إمَامِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي غَيْرَهَا فَيَشْمَلُ مَا لَوْ نَوَى الْإِمَامُ الظُّهْرَ فَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْجُمُعَةَ خَلْفَهُ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّعْلِيلَ قَدْ يُخْرِجُ هَذِهِ الصُّورَةَ (قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالسَّلَامِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى: أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ: مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يَنْوِي الْجُمُعَةَ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْإِمَامَ تَذَكَّرَ.

رُكْنًا وَأَتَى بِرَكْعَةٍ وَأَدْرَكَهَا مَعَهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالرَّكْعَةِ الْأُخْرَى فِي الْوَقْتِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلًّا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ؛ ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ سَأَلْت م ر عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ عَلَى الْبَدِيهَةِ: يَنْوِي الْجُمُعَةَ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ كَمَا ذُكِرَ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ الْأُولَى، وَلَا يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ يَنْوِي الْجُمُعَةَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ فَتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيُدْرِكُ الْجُمُعَةَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: نَعَمْ لَوْ سَلَّمَ الْقَوْمُ قَبْلَ فَرَاغِ الرَّكْعَةِ اتَّجَهَ فَوَاتُ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَتَهُ الْأُولَى مِنْهَا مَعَ وُجُودِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ إلَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَيَانِ فَيَحْتَمِلُ حُصُولَ الْجُمُعَةِ لِاقْتِدَائِهِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ بِالْإِمَامِ الْمُتَخَلِّفِ مِنْ سَلَامِ الْقَوْمِ فَهُوَ كَالْمُقْتَدِي بِالْمَسْبُوقِ اهـ.

وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمُقْتَدِي بِالْمَسْبُوقِ أَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ جُمُعَةً فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ هُنَا عَدَمُ إدْرَاكِهِ لَهَا وَقَوْلُهُ إلَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَيَانِ: أَيْ فِي كَلَامِ حَجّ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قُبَيْلَ وَمَنْ زُحِمَ عَنْ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ) أَيْ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا.

وَقَوْلُهُ فَيُتَابِعُهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي ظُهْرًا فَقَامَ لِلثَّالِثَةِ وَانْتَظَرَهُ الْقَوْمُ لِيُسَلِّمُوا مَعَهُ فَاقْتَدَى بِهِ مَسْبُوقٌ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ فَيَنْبَغِي حُصُولُ الْجُمُعَةِ لَهُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فِي جَمَاعَةٍ بِأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ) أَيْ وَيَتَبَيَّنُ انْقِلَابُ الظُّهْرِ نَفْلًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ، وَبَانَ عَدَمُ الْفَوَاتِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مُعْتَدِلٌ إلَخْ) وَبَقِيَ مَا لَوْ رَأَى الْإِمَامَ قَائِمًا وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا، هَلْ يَنْوِي الْجُمُعَةَ أَوْ الظُّهْرَ أَوْ يُعَلِّقُ النِّيَّةَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَنْوِي الْجُمُعَةَ وُجُوبًا إنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ نِيَّةِ الظُّهْرِ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْجَمْعِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ، ثُمَّ إنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ مُسَلِّمٌ مِنْ رَكْعَتَيْنِ سَلَّمَ مَعَهُمْ وَحُسِبَتْ جُمُعَتُهُ وَإِلَّا قَامَ مَعَهُمْ وَأَتَمَّ الظُّهْرَ لِأَنَّ نِيَّتَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ مَنْ عَلَى أَنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>