وَلَوْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ السَّيِّدِ بَطَلَ جَزْمًا، فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الرَّقِيقُ ثِقَةً مَأْمُونًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبَحَثَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ كَأَنْ امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مِنْ إنْفَاقِهِ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِمَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ فِي شُغْلٍ لِبَلَدٍ بَعِيدٍ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِذْنِهِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ وَشِرَاءُ الْمُبَعَّضِ فِي نَوْبَتِهِ صَحِيحٌ لَا فِي غَيْرِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
نَوْبَتِهِ اهـ.
وَسَأَلَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ عَمَّا لَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فِي تَصَرُّفٍ وَالْآخَرُ فِي آخَرَ هَلْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِوُجُودِ إذْنِهِمَا؟ وَالْجَوَابُ: لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَمْ يُوجَدْ إذْنُهُمَا فِي وَاحِدٍ مِنْ التَّصَرُّفَيْنِ فَلَا يَصِحُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُهُ: فِي أَنْ يَتَّجِرَ قَدْرَ نَوْبَتِهِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ فِي الْإِذْنِ لَا يَكْفِي وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُ عَلَى نَوْبَتِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ إذَا عَادَتْ النَّوْبَةُ لِلْآذِنِ، بَلْ يَتَصَرَّفُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ السَّابِقِ فِي النَّوْبَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِذْنُ وَفِي غَيْرِهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ النَّوْبَةِ زِيَادَةً عَلَى نَوْبَتِهِ كَأَنَّهُ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَذِنَ لَهُ فِي سِتَّةٍ هَلْ يَصِحُّ فِي نَوْبَتِهِ فَقَطْ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ أَوْ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ تُكَمَّلُ السِّتَّةُ مِنْ نَوْبَةٍ أُخْرَى؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذِكْرِهِ الْأَيَّامَ بِهَذَا الْعَدَدِ تَوَالِيهَا وَهُوَ لَا يَمْلِكُ مَا زَادَ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَوْبَتِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْمَلْ شَيْئًا مِنْ نَوْبَةِ شَرِيكِهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبِ مَا بَاعَهُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ النَّوْبَةِ وَإِنْ كَانَ زَمَنُ قَبُولِهِ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُغْتَفَرُ عَادَةً فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى) أَيْ الْعَبْدُ الْغَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ، وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ مُقَيَّدٌ بِمَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْعَبْدِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ: أَيْ وَلِيِّ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: ثِقَةً مَأْمُونًا) أَيْ إنْ دَفَعَ لَهُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ السَّيِّدِ اهـ حَجّ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطُ أَمَانَتُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَمِينًا رُبَّمَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَأَهْلَكَهُ فَيَتَعَلَّقُ بَدَلُهُ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْعَبْدِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَأَنْ امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ إنْفَاقِهِ) أَيْ لَمَّا يَجِبُ إنْفَاقُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ) قَيْدٌ لِمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَيْ بِأَنْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ) أَيْ بِعَيْنِ مَالِ السَّيِّدِ وَفِي الذِّمَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِعَيْنِ مَا لِلسَّيِّدِ وَفِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِذْنِهِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَالًا يَصْرِفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَنْفُذُ مِنْهُ فِي الصَّرْفِ وَأَنْ لَا يَدْفَعَ لَهُ شَيْئًا بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِذْنِ لَهُ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَشِرَاءُ الْمُبَعَّضِ إلَخْ) لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ أَوْ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْآنَ وَفَاءُ الثَّمَنِ مِمَّا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ أَوْ لَا لِأَنَّ حُكْمَهُ كَمُتَمَحِّضِ الرِّقِّ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ أَوْ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا فِي مُتَمَحِّضِ الرِّقِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَأَجَابَ مَرَّ بِالثَّانِي، وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْإِقْرَارِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ حَالًّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَاشْتَرَى فِي نَوْبَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ دَيْنٌ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ حَيْثُ لَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ عِتْقِ الْكُلِّ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ مَرَّ بِأَنَّ تَمَحَّضَ الرِّقِّ مَانِعٌ الْآنَ فَاسْتُدِيمَ بَعْدَ عِتْقِ الْبَعْضِ، بِخِلَافِ حُرِّيَّةِ الْبَعْضِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَعَهَا إلْحَاقُهُ
[حاشية الرشيدي]
فِي الذِّمَّةِ فَاللَّائِقُ حَذْفُ الْوَاوِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ لِلْحَالِ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ الَّذِي فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ إنَّمَا هُوَ جَعْلُهَا قَيْدًا فِي الْأُولَى فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ فِي شُغْلٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ هُنَا إلَى مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِذْنِهِ فِي الشِّرَاءِ) أَيْ فَيَشْتَرِي مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute