لَمْ يَكُنْ رَهْنًا، وَعُلِمَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْقِصَاصِ وَالْبَيْعِ أَنَّهُ وَلَوْ سَقَطَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِعَفْوٍ أَوْ فِدَاءٍ لَمْ يَبْطُلْ.
(وَإِنْ) (جَنَى) الْمَرْهُونُ (عَلَى سَيِّدِهِ فَاقْتُصَّ) (بَطَلَ) الرَّهْنُ فِي الْمُقْتَصِّ نَفْسًا كَانَ أَوْ طَرَفًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَاقْتُصَّ بِضَمِّ تَائِهِ بِأَنْ اقْتَصَّ سَيِّدُهُ فِي نَحْوِ الْقَطْعِ أَوْ وَارِثُهُ فِي الْقَتْلِ فَضَمُّهَا الْمُفِيدُ لِذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ أَوْلَى مِنْ فَتْحِهَا الْمُوهِمِ لِتَعَيُّنِ الْأَوَّلِ فَزَعْمُ تَعَيُّنِ الْفَتْحِ وَهْمٌ وَعَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمُسْتَحِقِّ يَلْزَمُهُ حَذْفُ الْفَاعِلِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ وَإِنْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الصَّحِيحِ إذْ السَّيِّدُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ ابْتِدَاءً (فَيَبْقَى رَهْنًا) كَمَا كَانَ وَالثَّانِي يُثْبِتُ الْمَالَ وَيُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ أَمَةٍ اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا الْمُعْسِرُ أَمَّا هِيَ فَلَا يَنْفُذُ إيلَادُهَا فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَلَا تُبَاعُ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْجِنَايَةِ جَزْمًا لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ لَوْ جَنَتْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَا تُبَاعُ بَلْ يَفْدِيهَا سَيِّدُهَا فَتَكُونُ جِنَايَتُهَا عَلَى سَيِّدِهَا فِي الرَّهْنِ كَالْعَدَمِ، وَعُفِيَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِخَطِّهِ لِيَشْمَلَ عَفْوَ السَّيِّدِ وَالْوَارِثِ وَخَرَجَ بِابْتِدَاءٍ مَا لَوْ جَنَى غَيْرُ عَمْدٍ عَلَى طَرَفِ مُوَرِّثِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ الْمَالُ لِلسَّيِّدِ بِمَوْتٍ أَوْ عَجْزٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ فَيَبِيعُهُ فِيهِ وَلَا يَسْقُطُ إذْ يُحْتَمَلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الِابْتِدَاءِ.
(وَإِنْ) (قَتَلَ) الْمَرْهُونُ (مَرْهُونًا لِسَيِّدِهِ عِنْدَ) مُرْتَهِنٍ (آخَرَ فَاقْتَصَّ) السَّيِّدُ مِنْهُ (بَطَلَ الرَّهْنَانِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّهِمَا وَإِنْ عُفِيَ عَلَى غَيْرِ مَالٍ صَحَّ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ) عُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ (وَجَبَ مَالٌ) بِجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ نَحْوِهِ (تَعَلَّقَ بِهِ) أَيْ الْمَالِ (حَقُّ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ) وَالْمَالُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ (فَيُبَاعُ) حَيْثُ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ بِالْقَتْلِ (وَثَمَنُهُ) إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْوَاجِبِ (رَهْنٌ) وَإِلَّا فَقَدْرُ الْوَاجِبِ رَهْنٌ لَا أَنَّهُ يَصِيرُ رَهْنًا.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تَبَيَّنَ بَقَاءُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ عَوَّضَ الْمَدِينِ الدَّائِنَ عَيْنًا ثُمَّ تَقَايَلَا فِيهَا فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بَقَاءُ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ فَسْخًا وَهُوَ إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ رَهْنًا) أَيْ فَالزَّائِدُ الْعَائِدُ هُنَا كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ بِيعَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ لِإِعْسَارِ السَّيِّدِ وَقْتَ الْإِحْبَالِ ثُمَّ عَادَتْ لِمِلْكِهِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِالِاسْتِيلَادِ مِنْ وَقْتِ الْعَوْدِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ قَامَ بِهَا مَا هُوَ سَبَبٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَهُوَ الْإِيلَادُ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهَا، فَلَمَّا عَادَتْ إلَى سَيِّدِهَا زَالَتْ الضَّرُورَةُ فَعُمِلَ بِمُقْتَضَى السَّبَبِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَا يُوجِبُ تَلَفَهُ وَإِنَّمَا قَامَ بِهِ مَا يُوجِبُ تَقَدُّمَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ وَقَدْ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ فَاسْتُصْحِبَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ) أَيْ الرَّهْنُ.
(قَوْلُهُ: حَذْفُ الْفَاعِلِ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْحَذْفِ فِي شَيْءٍ بَلْ الْفَاعِلُ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْمَعْلُومِ مِنْ السِّيَاقِ وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: ٣٢] ثُمَّ رَأَيْت حَجّ أَجَابَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: فَضَمَّهَا الْمُفِيدُ لِذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ أَوْلَى ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ تَعَيُّنُ الْفَتْحِ لَا صِحَّتُهُ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ أَمَةٍ) أَيْ مَرْهُونَةٍ (قَوْلُهُ: اسْتَوْلَدَهَا) أَيْ بَعْدَ الرَّهْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ) أَيْ لِحَقِّ (قَوْلُهُ: فِي الْجِنَايَةِ) أَيْ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: كَالْعَدَمِ) أَيْ فَتَكُونُ رَهْنًا قَطْعًا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ جَنَى) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: عَلَى طَرَفِ مُوَرِّثِهِ) أَيْ مُوَرِّثِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ عَلَيْهِ أَيْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فَيَبِيعُهُ فِيهِ) وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُكَاتَبِ دُيُونٌ تَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ أَوْ بِمَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ يُقَدَّمُ لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ وَتَعَلُّقِ الدُّيُونِ بِالذِّمَّةِ، وَأَوْلَى مِنْهُ مَا صَوَّرَ بِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَرْهُونًا قُدِّمَ حَقُّ السَّيِّدِ وَبَطَلَ الرَّهْنُ، وَعِبَارَتُهُ: وَالْجِنَايَةُ عَلَى عَبْدِ مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ إذَا مَاتَ الْمُوَرِّثُ كَالْجِنَايَةِ عَلَى مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ اهـ وَحِينَئِذٍ فَيَفُوتُ الرَّهْنُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ مَالٍ) أَيْ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ زَادَ الثَّمَنُ بِأَنْ بِيعَ كُلُّهُ لِعَدَمِ تَيَسُّرِ بَيْعِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: فَقَدْرُ الْوَاجِبِ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ
[حاشية الرشيدي]
الشِّهَابُ حَجّ
(قَوْلُهُ: وَعَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمُسْتَحِقِّ يَلْزَمُهُ حَذْفُ الْفَاعِلِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ) هَذَا يَلْزَمُ الشَّارِحَ فِيمَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ اُقْتُصَّ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ جَنَى غَيْرَ عَمْدٍ) أَيْ: أَوْ عَمْدٍ أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ
.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute