فَلَوْ حَضَرَا عَقْدَ أُخْتِهِمَا مَثَلًا ثُمَّ مَاتَتْ وَوَرِثَاهَا سَقَطَ الْمَهْرُ قَبْلَ الْوَطْءِ وَفَسَدَ الْمُسَمَّى بَعْدَهُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ: أَيْ إنْ كَانَ دُونَ الْمُسَمَّى، أَوْ مِثْلَهُ لَا أَكْثَرَ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ وَاضِحٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّهُمَا أَوْجَبَا بِإِقْرَارِهِمَا حَقًّا لَهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا (وَلَوْ اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا تَنْقُصُ عَدَدًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجُ الْمُقِرُّ بِالْفِسْقِ (نِصْفُ الْمَهْرِ) الْمُسَمَّى (إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا) كَأَنْ دَخَلَ بِهَا (فَكُلُّهُ) عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُهَا لِأَنَّ حُكْمَ اعْتِرَافِهِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ وَرِثَتْهُ، لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِهَا أَنَّهُ عُقِدَ بِعَدْلَيْنِ وَخَرَجَ بِاعْتِرَافِهِ اعْتِرَافُهَا بِخَلَلِ وَلِيٍّ، أَوْ شَاهِدٍ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا، وَلَكِنْ لَوْ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ وَإِنْ مَاتَتْ، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرُ الْمِثْلِ مَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِسَفَهٍ فَلَا سُقُوطَ لِفَسَادِ إقْرَارِهَا فِي الْمَالِ كَمَا مَرَّ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ مَحَلَّ سُقُوطِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ مَا إذَا لَمْ تَقْبِضْهُ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَرِدَّهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَوْ قَالَ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فَلِي الرَّجْعَةُ فَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهُ صُدِّقَتْ وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ، فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَإِلَّا لَمْ تُطَالِبْهُ إلَّا بِنِصْفِهِ وَالنِّصْفُ الَّذِي يُنْكِرُهُ هُنَاكَ بِمَثَابَةِ الْكُلِّ هُنَا.
وَمَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي تِلْكَ اتَّفَقَا عَلَى حُصُولِ الْمُوجِبِ لِلْمَهْرِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُقِرِّ لَهُ وَهُوَ الْوَطْءُ وَهُنَا تَدَّعِي نَفْيَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ فَلَوْ مَلَّكْنَاهَا شَيْئًا مِنْهُ لَمَلَكَتْهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ تَدَّعِيهِ رَدَّهُ الْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِأَنَّ الْجَوَابَ الْمَذْكُورَ لَا يُجْدِي شَيْئًا وَالْمُعْتَمَدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، إذْ الْجَامِعُ الْمُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا أَنْ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ يُنْكِرُهُ فَيُقَرُّ الْمَالُ فِي يَدِهِ فِيهِمَا.
وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ نَكَحَنِي بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَقَالَ بَلْ بِهِمَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: وَكَانَ يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ.
(وَيُسْتَحَبُّ) (الْإِشْهَادُ عَلَى رِضَا الْمَرْأَةِ) (حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَهُ عَلَى الْمُجْبَرَةِ الْبَالِغَةِ لِئَلَّا تَرْفَعَهُ لِمَنْ يَعْتَبِرُ إذْنَهَا وَتَجْحَدَهُ فَيُبْطِلَهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ) ذَلِكَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ رُكْنًا فِي الْعَقْدِ بَلْ شَرْطٌ فِيهِ فَلَمْ يَجِبْ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَرِضَاهَا الْكَافِي فِي الْعَقْدِ يَحْصُلُ بِإِذْنِهَا، أَوْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِخْبَارِ وَلِيِّهَا مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ وَعَكْسِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ الْحَاكِمَ وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ إذْنُهَا لِأَنَّهُ يَلِي ذَلِكَ بِجِهَةِ الْحُكْمِ فَيَجِبُ ظُهُورُ مُسْتَنَدِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ، وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ لَهُ بِأَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ، وَكَلَامُ الْقَفَّالِ وَالْقَاضِي يُؤَيِّدُهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ اعْتِمَادُ صَبِيٍّ أَرْسَلَهُ الْوَلِيُّ لِغَيْرِهِ لِيُزَوِّجَ مُوَلِّيَتَهُ، وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ مَا مَرَّ فِي عَقْدِهِ بِمَسْتُورَيْنِ هُنَا، وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي جَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ لَا فِي الصِّحَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَدَارَهَا عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمِنْهَا الِاحْتِيَاجُ إلَيْهَا كَمَا لَوْ لَمْ يُعْلِمْهَا بِطَلَاقِهِ لَهَا ثَلَاثًا وَظَنَّاهُ يُعَاشِرُهَا بِحُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ فَشَهِدَ بِمُبْطِلِ النِّكَاحِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَهُنَا كَذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِهَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي تِلْكَ) أَيْ قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ.
[حاشية الرشيدي]
لِاعْتِرَافِهِمَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَخَرَجَ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ
(قَوْلُهُ:: بِإِذْنِهَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا الْعَطْفَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute