للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(سَجَدَ مَنْ حَرَسَ) فِيهَا (وَلَحِقُوهُ وَسَجَدَ مَعَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ مَنْ حَرَسَ أَوَّلًا وَحَرَسَ الْآخَرُونَ) أَيْ الْفِرْقَةُ الَّتِي سَجَدَتْ مَعَ الْإِمَامِ (فَإِذَا جَلَسَ) الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ (سَجَدَ مَنْ حَرَسَ) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (وَتَشَهَّدَ) الْإِمَامُ (بِالصَّفَّيْنِ وَسَلَّمَ) بِهِمْ (وَهَذِهِ) الْكَيْفِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ (صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ صِفَةُ صَلَاتِهِ (بِعُسْفَانَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهِيَ قَرْيَةٌ بِقُرْبِ خُلَيْصٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَرْبَعَةُ بُرْدٍ، سُمِّيَتْ بِهِ لِعَسْفِ السُّيُولِ بِهَا.

وَعِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ صَادِقَةٌ بِأَنْ يَسْجُدَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِمَكَانِهِ أَوْ تَحَوَّلَ بِمَكَانٍ آخَرَ، وَبِعَكْسِ ذَلِكَ فَهِيَ أَرْبَعُ كَيْفِيَّاتٍ وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ.

نَعَمْ إنْ كَثُرَتْ أَفْعَالُهُمْ فِي التَّحَوُّلِ ضَرَّ. وَالْأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ، وَهُوَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الثَّانِي الَّذِي حَرَسَ أَوَّلًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِيَسْجُدَ وَيَتَأَخَّرَ الَّذِي سَجَدَ أَوَّلًا لِيَحْرُسَ وَلَمْ يَمْشِ كُلٌّ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِنْ خُطْوَتَيْنِ، وَذَلِكَ لِجَمْعِهِ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَفْضَلِ وَهُوَ الْأَوَّلُ لِسُجُودِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَجَبْرِ الثَّانِي بِتَحَوُّلِهِ مَكَانَ الْأَوَّلِ، وَيَنْفُذُ كُلُّ وَاحِدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَإِنْ مَشَى أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ خُطْوَتَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَ) لَهُ أَنْ يُرَتِّبَهُمْ صُفُوفًا، ثُمَّ يَحْرُسَ صَفَّانِ بَلْ (لَوْ حَرَسَ) بَعْضُ كُلِّ صَفٍّ بِالْمُنَاوَبَةِ، أَوْ حَرَسَ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ (فِرْقَتَا صَفٍّ) عَلَى الْمُنَاوَبَةِ وَدَامَ غَيْرُهُمَا عَلَى الْمُتَابَعَةِ (جَازَ) لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْحَارِسَةُ مُقَاوِمَةً لِلْعَدُوِّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْحَارِسُ وَاحِدًا اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَزِيدَ الْكُفَّارُ عَلَى اثْنَيْنِ (وَكَذَا) يَجُوزُ لَوْ حَرَسَ فِيهِمَا (فِرْقَةٌ) وَاحِدَةٌ وَلَوْ وَاحِدًا (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِكُلِّ ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ الْعُذْرِ، لَكِنَّ الْمُنَاوَبَةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا الثَّابِتَةُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُمْ بَعْدَ الْجُلُوسِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْعَوْدُ كَمَا قَالَهُ حَجّ، وَيَحْتَمِلُ جَوَازَ الْعَوْدِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي مَنْعِهِمْ الْعَدُوَّ مِنْهُ فِي جُلُوسِهِمْ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي الزَّحْمَةِ (قَوْلُهُ: سَجَدَ مَنْ حَرَسَ وَلَحِقُوهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: يَأْتِي هُنَا مَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَهُ بَعْدَ السُّجُودِ فَيَكُونُونَ كَالْمَسْبُوقِينَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي مَتْنِ الرَّوْضِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ وَبَعْدَ مَجِيئِهِمْ: أَيْ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَيَرْكَعُ بِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرْهُمْ وَأَدْرَكُوهُ فِي الرُّكُوعِ أَدْرَكُوهَا كَالْمَسْبُوقِ اهـ.

فَقَوْلُهُ كَالْمَسْبُوقِ يُشْعِرُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ بَعْدَ تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِ الْأَوَّلِ وَهَلْ تَفُوتُ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِتَأَخُّرِهِ وَتَقَدُّمِ الْآخَرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَفُوتُ فِيمَا تَأَخَّرَ فِيهِ، وَتَحْصُلُ لِلْمُتَقَدِّمِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِيهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ حُصُولِ ثَوَابٍ لَهُ عَلَى التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ مِنْ حَيْثُ الِامْتِثَالُ يُسَاوِي فَضِيلَةَ الصَّفَّ الْأَوَّلِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لِعَسْفِ السُّيُولِ بِهَا) قَالَ عَمِيرَةُ: فَسَّرَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِتَسَلُّطِهَا عَلَيْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَثُرَتْ أَفْعَالُهُمْ فِي التَّحَوُّلِ ضَرَّ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ اشْتِرَاطُ عَدَمِ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَإِنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ الْمُتَوَالِيَةُ كَمَا يُعْلَمُ بِتَصَوُّرِ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ الْأَفْعَالِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِذْنُ هُنَا لِخِلَافِهِ هُنَاكَ، وَبِأَنَّ مِنْ شَأْنِ تَقَدُّمِ أَحَدِ الصَّفَّيْنِ إلَى مَكَانِ الْآخَرِ وَتَأَخُّرِ أَحَدِهِمَا إلَى مَكَانِ الْآخَرِ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ الْمُتَوَالِيَةِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمَا عَادَةً وَشَرْعًا، وَلَا كَذَلِكَ مَجِيءُ أَحَدِ الصَّفَّيْنِ مِنْ تُجَاهِ الْعَدُوِّ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ أَوْ ذَهَابُهُ مِنْ مَكَانِ الصَّلَاةِ إلَى تُجَاهِ الْعَدُوِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِجَمْعِهِ) أَيْ هَذَا الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَيَسْهُلُ وَحَالَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ) وَيَنْبَغِي مُرَاعَاةُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِأَنْ يَقِفُوا عَلَى حَالَةٍ يَسْهُلُ مَعَهَا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْحَارِسَةُ) أَيْ لِلْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَاحِدًا) أَيْ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ اثْنَيْنِ فَقَطْ كَمَا يُؤْخَذُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كُلُّ صَفٍّ بِالْمُنَاوَبَةِ) هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يَحْرُسُ بَعْضَ هَذَا وَبَعْضَ هَذَا مَعًا أَوْ أَنَّهُ فِي رَكْعَةٍ يَحْرُسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>