للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ لِلْإِمَامِ فَقَطْ اسْتِئْجَارُهُ لِلْجِهَادِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ (وَلَا) لِفِعْلِ (عِبَادَةٍ يَجِبُ لَهَا) أَيْ فِيهَا (نِيَّةٌ) لَهَا أَوْ لِمُتَعَلِّقِهَا بِحَيْثُ يَتَوَقَّفُ أَصْلُ حُصُولِهَا عَلَيْهَا، فَمُرَادُهُ بِالْوُجُوبِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ بِهَا بِكَسْرِ نَفْسِهِ بِالِامْتِثَالِ وَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ شَيْئًا وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ كُلُّ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ لَا أُجْرَةَ لِفَاعِلِهِ وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا وَأَلْحَقُوا بِتِلْكَ الْإِمَامَةَ وَلَوْ لِنَفْلٍ لِأَنَّهُ مُصَلٍّ لِنَفْسِهِ، فَمَنْ أَرَادَ اقْتَدَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ وَتَوَقُّفُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَى نِيَّتِهَا فَائِدَةٌ تَخْتَصُّ بِهِ، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ جَعْلِ جَامَكِيَّةٍ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِرْزَاقِ وَالْإِحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ، أَمَّا مَا لَا تَجِبُ لَهُ نِيَّةٌ كَالْأَذَانِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَالْأُجْرَةُ مُقَابِلَةٌ لِجَمِيعِهِ لَا عَلَى رِعَايَةِ الْوَقْتِ أَوْ رَفْعِ الصَّوْتِ أَوْ الْحَيْعَلَتَيْنِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ زِيَارَةَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، فَزِيَارَةُ قَبْرِ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَسْئُولَ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِفْتَاءِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لِلْإِمَامِ فَقَطْ) ظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي، وَنَحْوُهُ أَيْضًا سم عَلَى حَجّ قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا فِعْلُ مَا فَوَّضَهُ لَهُ الْإِمَامُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَوْ لِمُتَعَلَّقِهَا) أَيْ كَالْإِمَامَةِ فَإِنَّ مُتَعَلَّقَهَا الصَّلَاةُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ كُلُّ مَا لَا يَصِحُّ) كَانَ الْمُرَادُ لَا يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ يَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ مَعَ أَنَّهَا بِصِفَةِ الْفَسَادِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ اهـ (قَوْلُهُ: الِاسْتِئْجَارُ لَهُ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْحَائِضَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا وَإِنْ عَمِلَتْ طَامِعَةً لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ سم السَّابِقِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا حَائِضٌ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ أَرْبَابِ الْبُيُوتِ كَالْأُمَرَاءِ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لِمَنْ يُصَلِّي بِهِمْ قَدْرًا مَعْلُومًا فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ إجَارَةٍ فَلَا يَسْتَحِقُّونَ مَعْلُومًا لِأَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَمَا كَانَ فَاسِدًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصِّحَّةِ أَصْلًا لَا شَيْءَ فِيهِ لِلْأَجِيرِ، وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا فَطَرِيقُ مَنْ يُصَلِّي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ صَاحِبِ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يَنْذِرَ لَهُ شَيْئًا مُعَيَّنًا مَا دَامَ يُصَلِّي فَيَسْتَحِقَّهُ عَلَيْهِ اهـ

(قَوْلُهُ: بِتِلْكَ) أَيْ بِتِلْكَ الْعِبَادَةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ أَصْلُ حُصُولِهَا عَلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: بِتِلْكَ الْإِمَامَةِ) وَكَالْإِمَامَةِ الْخَطَابَةُ م ر انْتَهَى بِهَامِشِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْأَرْزَاقِ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اسْتِنَابَةِ صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَا جَعَلَهُ لَهُ وَيَكُونُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ وَلَيْسَ أُجْرَةً حَقِيقَةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ غَيْرَهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ مُنِيبِهِ وَلِلْأَصِيلِ بَاقِي الْمَعْلُومِ الْمَشْرُوطِ (قَوْلُهُ: كَالْأَذَانِ) وَمِثْلُهُ الْخُطْبَةُ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَلَوْ مِنْ الْإِمَامِ حَيْثُ كَانَ مِنْ مَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي مُسَمَّى الْأَذَانِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بَعْدَ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ مُسَمَّاهُ شَرْعًا صَارَا مِنْهُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى رِعَايَةِ الْوَقْتِ) عِبَارَةُ حَجّ: مَعَ نَحْوِ رِعَايَةِ الْوَقْتِ اهـ. وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ لَا عَلَى رِعَايَةِ الْوَقْتِ وَحْدَهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا) مُعْتَمَدٌ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الشُّمُولِ أَنَّ تَسْمِيَتَهَا زِيَارَةٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي فَصْلِ يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: أَيْ فِيهَا) إنَّمَا فَسَّرَ بِهِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَتْ النِّيَّةُ لَهَا أَوْ لِمُتَعَلِّقِهَا الَّذِي صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِمُتَعَلِّقِهَا) أَيْ كَالْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ فِي الْحُصُولِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِهِ (قَوْلُهُ: كَالْأَذَانِ) قَالَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي مُسَمَّى الْأَذَانِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بَعْدَ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ مُسَمَّاهُ شَرْعًا صَارَا مِنْهُ بِحَسْبِ الْعُرْفِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ زِيَارَةَ قَبْرِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهِ، وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِتَمْتَازَ

<<  <  ج: ص:  >  >>