للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْلَى بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الدُّعَاءِ عِنْدَ زِيَارَةِ قَبْرِهِ الْمُعَظَّمِ لِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِ وَإِنْ جُهِلَ، لَا عَلَى مُجَرَّدِ الْوُقُوفِ عِنْدَهُ وَمُشَاهَدَتِهِ لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، وَبِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَدْخُلُهُ الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةُ، وَاخْتَارَ الْأَصْبَحِيُّ جَوَازَ الِاسْتِئْجَارِ لِلزِّيَارَةِ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَاقَةَ (إلَّا حَجٍّ) وَعُمْرَةٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا عَنْ مَعْضُوبٍ أَوْ مَيِّتٍ كَمَا مَرَّ، وَتَقَعُ صَلَاةُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَبَعًا لَهُمَا لِوُقُوعِهِمَا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ (وَتَفْرِقَةُ زَكَاةٍ) وَكَفَّارَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ وَذَبْحٍ وَصَوْمٍ عَنْ مَيِّتٍ وَسَائِرِ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْمَالِ.

(وَتَصِحُّ) الْإِجَارَةُ لِكُلِّ مَا لَا تَجِبُ لَهُ نِيَّةٌ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَلِهَذَا فَصَّلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْطُوقِ فَتَصِحُّ لِتَحْصِيلِ مُبَاحٍ كَصَيْدٍ (وَلِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَدَفْنِهِ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اهْتِمَامًا بِهِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ مُؤَنِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ بِالْأَصَالَةِ ثُمَّ فِي مَالِ مُمَوِّنِهِ ثُمَّ الْمَيَاسِيرِ، فَلَمْ يُقْصَدْ الْأَجِيرُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ وَلَا يَضُرَّ عُرُوضُ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ كَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ (وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهُ لِخَبَرِ «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» وَصَرَّحَ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ نَظَرًا أَوْ تَقْدِيرًا لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْ الْعِبَادَةِ وَاهْتِمَامًا بِهِ لِشُهْرَةِ الْخِلَافِ فِيهِ وَكَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ بِظَاهِرِهَا عَلَى امْتِنَاعِهِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى تَعْلِيمِ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ فَقَطْ أَوْ تِلَاوَتُهُ كَذَلِكَ صَحَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ قَالَ سَيِّدُ رَقِيقٍ صَغِيرٍ لِمُعَلِّمِهِ لَا تُمَكِّنُهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ إلَّا مَعَ وَكِيلٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَتَرَتُّبُ الثَّوَابِ عَلَيْهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدٍ فَكَأَنَّهُ نِيَّةٌ، وَإِلَّا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُهُ بَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا كَالْأَذَانِ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ تَوْجِيهًا لِلشُّمُولِ قَوْلُ حَجّ وَدَخَلَ فِي تَجِبُ زِيَارَةُ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ عَلَيْهِ) وَمِثْلُهَا الْإِجَارَةُ حَجّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ جُهِلَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ مَا يَدْعُو بِهِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْأَصْبَحِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إلَّا حَجٍّ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ عِبَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا فَصَّلَهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَيَصِحُّ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ لِتَحْصِيلِ مُبَاحٍ كَصَيْدٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قُدِّرَ بِالزَّمَانِ كَاسْتِئْجَارِهِ يَوْمًا لِلصَّيْدِ أَوْ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ كَصَيْدِ هَذَا الْغَزَالِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَدَفْنِهِ) قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِدَفْنِ مَيِّتٍ لِأَنَّ نَبْشَ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ بَلَاءِ الْمَيِّتِ وَلَا يُعْرَفُ مَتَى يَكُونُ اهـ حَوَاشِي الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ. أَقُولُ: وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ صِحَّتِهَا لَهُ وَتَتَأَبَّدُ لِلْحَاجَةِ الصِّحَّةُ هُنَا وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِالْمُدَّةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمَيَاسِيرِ) لَمْ يَذْكُرْ بَيْتَ الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: كَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ) لَا يُقَالُ: قَدْ يُشْكَلُ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ عَدَمِ صِحَّةِ إجَارَةِ الْمُسْلِمِ لِلْجِهَادِ بِتَعْيِينِهِ عَلَيْهِ بِحُضُورِ الصَّفِّ بِأَنَّهُ عَارِضٌ كَمَا هُنَا. لِأَنَّا نَقُولُ: تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ لَا يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ مَنْ يُجَهِّزُ الْمَيِّتَ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى مُبَاشَرَةِ تَجْهِيزِهِ التَّرْكُ، بِخِلَافِ مَنْ حَضَرَ الصَّفَّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ انْصِرَافُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِوَجْهٍ وَقَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ

(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَجْرًا) أَيْ أُجْرَةً (قَوْلُهُ: صَحَّ فِيمَا يَظْهَرُ) وَكَانَ الْمُرَادُ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى مَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْآنِيَّةِ، وَأَفْهَمَ عَدَمَ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى مَنْسُوخِ الْأَمْرَيْنِ: أَيْ عَلَى وَجْهِ الْقُرْآنِيَّةِ لَا مُطْلَقًا إذْ لَا يَنْقُصُ عَنْ نَحْوِ الشَّعْرِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِتَعْلِيمِ مَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ مَعًا إذَا عَيَّنَ الْآيَةَ، وَمَفْهُومُ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ التَّعْيِينِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ سَيِّدُ رَقِيقٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بِذَلِكَ الْقَصْدِ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَة: وَدَخَلَ فِي تَجِبُ زِيَارَةُ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْوُقُوفِ عِنْدَهُ وَمُشَاهَدَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، فَزِيَارَةُ قَبْرِ غَيْرِهِ أَوْلَى، بِخِلَافِ الدُّعَاءِ عِنْدَ زِيَارَةِ قَبْرِهِ الْمُكَرَّمِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، وَبِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَدْخُلُهَا الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةُ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْمَالِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ، وَمِثْلُهُ مَا فِي مَعْنَاهُ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ عَنْ الْمَيِّتِ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: فِي مَالِ مُمَوِّنِهِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ مَالِ مَائِنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>