للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَكَّلَ بِهِ صَغِيرًا فَهَرَبَ مِنْهُ ضَمِنَهُ لِتَفْرِيطِهِ، وَلَا تَصِحُّ لِقَضَاءٍ وَلَا تَدْرِيسِ عِلْمٍ إلَّا إنْ عُيِّنَ الْمُتَعَلِّمُ وَمَا يُعَلِّمُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْإِعَادَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَنْبَغِي مَجِيءُ مِثْلِهِ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقَضَاءِ، وَكَالتَّدْرِيسِ الْإِقْرَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ الْأَحَادِيثِ.

وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ، وَاقْتَضَاهُ بِنَاءُ غَيْرِهِ لَهُ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِيهَا، وَتَصِحُّ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْقَبْرِ أَوْ مَعَ الدُّعَاءِ بِمِثْلِ مَا حَصَلَ مِنْ الْأَجْرِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ عَقِبَهَا عَيَّنَ مَكَانًا أَوْ زَمَانًا أَوْ لَا لِلْمَيِّتِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَمَعَ ذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ حَالَتَهَا كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ لِأَنَّ مَوْضِعَهَا مَوْضِعُ بَرَكَةٍ وَتَنَزُّلِ رَحْمَةٍ وَالدُّعَاءُ بَعْدَهَا أَقْرَبُ إجَابَةً، وَإِحْضَارُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْقَلْبِ سَبَبٌ لِشُمُولِ الرَّحْمَةِ لَهُ إذَا تَنَزَّلَتْ عَلَى قَلْبِ الْقَارِئِ، وَأُلْحِقَ بِهَا الِاسْتِئْجَارُ لِمَحْضِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عَقِبَهُ، وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ وُجُودَ اسْتِحْضَارِهِ بِقَلْبِهِ أَوْ كَوْنِهِ بِحَضْرَتِهِ كَافٍ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ أَوْ مِثْلَهُ مُقَدَّمًا إلَى حَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ جَائِزٌ، كَمَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ: خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لَنَا بِأَمْرِهِ بِنَحْوِ سُؤَالِ الْوَسِيلَةِ لَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ وَلِيُّ صَغِيرٍ حُرٍّ لِمُعَلِّمِهِ مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَرَكَهُ فَضَاعَ أَوْ سُرِقَ مِنْهُ مَتَاعٌ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَمَتَاعُهُ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ فِي يَدِ مَالِكِهِ لَا فِي يَدِ الْمُعَلِّمِ (قَوْلُهُ: فَوَكَّلَ بِهِ صَغِيرًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالصَّغِيرِ هُنَا مَنْ لَا يَقْدِرُ عَادَةً عَلَى حِفْظِ مِثْلِ ذَلِكَ الرَّقِيقِ بِخِلَافِهِ الْمُرَاهِقُ بِالنِّسْبَةِ لِرَقِيقٍ سِنُّهُ نَحْوُ خَمْسِ سِنِينَ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَقُلْ سَيِّدُهُ تُوَكِّلُ بِهِ وَلَدًا مِنْ عِنْدِك وَخَرَجَ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَوْكِيلُ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهُ لِلْحِفْظِ وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (قَوْلُهُ وَكَالتَّدْرِيسِ الْإِقْرَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَتَصِحُّ لِتَحْصِيلِ مُبَاحٍ كَصَيْدٍ (قَوْلُهُ: عَيَّنَ مَكَانًا) أَيْ الْمُسْتَأْجَرَ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ) يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ فِي ابْتِدَاءِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ بَعْدُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ صَارِفٌ كَمَا فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ مَثَلًا حَيْثُ اكْتَفَى بِهَا عِنْدَ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ اسْتِحْضَارُهَا فِي بَقِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ إلَخْ) .

[فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ مِنْ الدَّاعِينَ عَقِبَ الْخَتَمَاتِ مِنْ قَوْلِهِمْ اجْعَلْ اللَّهُمَّ ثَوَابَ مَا قُرِئَ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ يَقُولُ وَاجْعَلْ مِثْلَ ثَوَابِ ذَلِكَ وَأَضْعَافَ أَمْثَالِهِ إلَى رُوحِ فُلَانٍ أَوْ فِي صَحِيفَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ يُمْتَنَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ إشْعَارِ تَعْظِيمِ الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ بِذَلِكَ حَيْثُ اعْتَنَى بِهِ فَدَعَا لَهُ بِأَضْعَافِ مِثْلِ مَا دَعَا بِهِ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الدَّاعِيَ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ تَعْظِيمًا لِغَيْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، بَلْ كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى إظْهَارِ احْتِيَاجِ غَيْرِهِ لِلرَّحْمَةِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَاعْتِنَاؤُهُ بِهِ لِلِاحْتِيَاجِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الدُّعَاءِ بِمِثْلِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى عِنْدَ الْقَبْرِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: بَعْدُ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَأْجِرِ: أَيْ أَوْ عِنْدَ غَيْرِ الْقَبْرِ مَعَ الدُّعَاءِ، وَقَوْلُهُ: لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِ حَصَلَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِهِ عُطِفَ عَلَى بِمِثْلِ: أَيْ كَالْمَغْفِرَةِ وَقَوْلُهُ: لِلْمَيِّتِ مُتَعَلِّقٌ بِالدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ وُجُودَ اسْتِحْضَارِهِ بِقَلْبِهِ إلَخْ) أَيْ: خِلَافَ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: قَبْلُ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَمَعَ ذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ مِنْ اعْتِبَارِ اجْتِمَاعِهِمَا. فَالْحَاصِلُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ: الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَالْقِرَاءَةِ لَا عِنْدَهُ لَكِنْ مَعَ الدُّعَاءِ عَقِبَهَا، وَالْقِرَاءَةِ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْقِرَاءَةِ مَعَ ذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْقِرَاءَةُ لَا مَعَ أَحَدِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ مَا يُفِيدُ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ لَهُ، وَأَمَّا مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ اعْتِمَادِ الصِّحَّةِ فِي الْآتِي فَلَمْ أَدْرِ مَأْخَذَهُ (قَوْلُهُ: جَائِزٌ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ جَعْلِ ذَلِكَ أَوْ مِثْلِهِ فِي صَحِيفَةِ فُلَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>