فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ اُشْتُرِطَ بَيَانُ الْمَنَازِلِ أَوْ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ وَحْدَهُ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَإِلَّا امْتَنَعَ التَّقْدِيرُ بِالسَّيْرِ بِهِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالِاخْتِيَارِ، كَذَا قَالَهُ جَمْعٌ، قَالَ: وَمُقْتَضَاهُ امْتِنَاعُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ أَيْضًا، وَحِينَئِذٍ يَتَعَذَّرُ الِاسْتِئْجَارُ فِي طَرِيقِ مَخُوفَةٍ لَا مَنَازِلَ بِهَا مَضْبُوطَةٌ انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّامِلِ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةُ تَقْدِيرِهِ مِنْ بَلَدِ كَذَا إلَى بَلَدِ كَذَا لِلضَّرُورَةِ.
(وَيَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْحَمْلِ) عَيْنًا أَوْ ذِمَّةً (أَنْ يُعْرَفَ الْمَحْمُولُ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ وَضَرَرِهِ (فَإِنْ حَضَرَ رَآهُ) إنْ ظَهَرَ (وَامْتَحَنَهُ بِيَدِهِ إنْ) لَمْ يَظْهَرْ كَأَنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ (كَانَ فِي ظَرْفٍ) وَأَمْكَنَ تَخْمِينًا لِوَزْنِهِ (وَإِنْ غَابَ قُدِّرَ بِكَيْلٍ) إنْ كَانَ مَكِيلًا (أَوْ وَزْنٍ) إنْ كَانَ مَوْزُونًا لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ لِمَعْرِفَتِهِ، وَالْوَزْنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَحْصَرُ وَأَضْبَطُ (وَ) أَنْ يُعْرَفَ (جِنْسُهُ) أَيْ الْمَحْمُولِ الْمَكِيلِ لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ فِي الدَّابَّةِ وَإِنْ اتَّحَدَ كَيْلُهُ كَمَا فِي الْمِلْحِ وَالذُّرَةِ، أَمَّا الْمَوْزُونُ كَآجَرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِمَّا شِئْت كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ قَطْعِ الْأَصْحَابِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ رِضًا مِنْهُ بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ. بِخِلَافِ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ مِمَّا شِئْت فَإِنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ مَعَ الِاتِّحَادِ فِي الْكَيْلِ، وَأَيْنَ ثِقَلُ الْمِلْحِ مِنْ ثِقَلِ الذُّرَةِ وَقِلَّتُهُ مَعَ اتِّحَادِ الْوَزْنِ، وَلَا يَصِحُّ لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شِئْت، بِخِلَافِ لِتَزْرَعَهَا مَا شِئْت إذْ الْأَرْضُ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَمَتَى قُدِّرَ بِوَزْنٍ لِلْمَحْمُولِ كَمِائَةِ رِطْلِ حِنْطَةٍ أَوْ كَيْلٍ لَمْ يَدْخُلْ الظَّرْفَ فَتُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهَا كَحِبَالِهِ أَوْ وَصْفُهُمَا مَا لَمْ يَطَّرِدْ الْعُرْفُ ثُمَّ بِغَرَائِرَ مُتَمَاثِلَةٍ: أَيْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إنْ قُدِّرَ بِالزَّمَنِ، وَيُحَطُّ عَنْهُ أُجْرَةُ مَا نَقَصَ إنْ قُدِّرَ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِقَدْرِ السَّيْرِ كُلَّ يَوْمٍ كَفَرْسَخٍ أَوْ مِيلٍ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هُوَ مُقَابِلٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَكْفِي التَّقْدِيرُ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ بِالْإِجَارَةِ إلَى بَلَدِ كَذَا طَالَ زَمَنُ السَّيْرِ لَهُ لِكَثْرَةِ الْخَوْفِ أَوْ قَلَّ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ تَقْدِيرِهِ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَوْزُونًا) أَيْ أَوْ مَكِيلًا حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ الظَّرْفَ) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ دُخُولَهُ فِيمَا لَوْ قُدِّرَ بِالْوَزْنِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ مِائَةُ رِطْلٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَيُخَالِفُ مَا هُنَا مِنْ قَوْلِهِ مِائَةُ رِطْلِ حِنْطَةٍ.
[فَرْعٌ] لَوْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبِ شَخْصٍ فَهَزَلَ عَمَّا كَانَ هَلْ لَهُ خِيَارٌ أَوْ رُجُوعٌ عَلَى الْمُؤَجِّرِ يُقَسِّطُ مَا نَقَصَ أَوْ حَمْلُ شَيْءٍ آخَرَ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ؟ قَالَ م ر: يَنْبَغِي تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ كَمَا خَيَّرُوا مَنْ آجَرَ دَابَّةً لِحَمْلِ حَبٍّ فَتَنَدَّى وَثَقُلَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ لَعَلَّهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَفِي عَكْسِهِ يُخَيَّرُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ أَجَّرَهَا لِهَزِيلٍ فَسَمِنَ وَثَقُلَ قَالَ م ر: يَنْبَغِي تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ
[حاشية الرشيدي]
فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّ الذَّكَرَ أَقْوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا امْتَنَعَ التَّقْدِيرُ بِالسَّيْرِ بِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيرُ السَّيْرِ فِيهِ انْتَهَتْ. وَانْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي الْعِبَارَتَيْنِ وَعِبَارَةِ الْقُوتِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيرُ السَّيْرِ فِيهِ انْتَهَتْ. فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِيهَا الطَّرِيقُ
(قَوْلُهُ: وَقِلَّتِهِ) عُطِفَ عَلَى كَثْرَةٍ مِنْ قَوْلِهِ لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ وَمَا بَيْنَهُمَا مُعْتَرِضٌ (قَوْلُهُ: فَتُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ كَحِبَالِهِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ ظَرْفَ الْمَحْمُولِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُؤَجَّرِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهِ لَهُ أَوْ وَصْفِهِ، وَأَجَابَ عَنْهُ بِاحْتِمَالِ فَرْضِ هَذَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، أَوْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اشْتَرَطَ هَذَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ: وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ إدْخَالِ الظَّرْفِ فِي الْحِسَابِ؛ إذْ سَيَأْتِي أَنَّهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَأَجَابَ عَنْ هَذَا أَيْضًا بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ حَيْثُ أَدْخَلَهُ فِي الْحِسَابِ دَلَّ عَلَى إرَادَتِهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ وَهَذَا أَقْرَبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute