وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يَجِدْ كَافِيًا غَيْرَهُ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ أَنْ لَا يَتَضَمَّنُ الْعَقْدُ الْإِذْنَ فِي السَّفَرِ وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ كَإِرَادَتِهِ السَّفَرَ بِنَفْسِهِ، أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَارِضَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامِلًا وَيَصِحُّ مِنْ الْمَرِيضِ، وَلَا يُحْسَبُ مَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْمَحْسُوبَ مِنْهُ مَا يَفُوتُهُ مِنْ مَالِهِ، وَالرِّبْحُ لَيْسَ بِحَاصِلٍ حَتَّى يَفُوتَهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ، وَإِذَا حَصَلَ كَانَ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ، بِخِلَافِ مُسَاقَاتِهِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِيهَا ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الثِّمَارَ فِيهَا مِنْ عَيْنِ الْمَالِ بِخِلَافِهِ.
(وَلَوْ) (قَارَضَ الْعَامِلُ) شَخْصًا (آخَرَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لِيُشَارِكَهُ) ذَلِكَ الْآخَرُ (فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ) (لَمْ يَجُزْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْقِرَاضَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَمَوْضُوعُهُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ مَالِكًا لَا عَمَلَ لَهُ وَالْآخَرُ عَامِلًا وَلَوْ مُتَعَدِّدًا لَا مِلْكَ لَهُ فَلَا يَعْدِلُ إلَى أَنْ يَعْقِدَ عَامِلَانِ، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي. أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْقِرَاضُ بَاقٍ فِي حَقِّهِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ الثَّانِي فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا. وَالثَّانِي يَجُوزُ، كَمَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُقَارِضَ شَخْصَيْنِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ. وَخَرَجَ بِيُشَارِكُهُ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِيَنْسَلِخَ مِنْ الْقِرَاضِ وَيَكُونَ وَكِيلًا فِيهِ فَيَصِحَّ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ مِمَّا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْقِرَاضُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ قِرَاضٍ، فَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ وَصَيْرُورَةِ الْمَالِ عَرْضًا لَمْ يَجُزْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ أَنْ يُقَارِضَ إلَّا أَمِينًا، وَالْأَشْبَهُ فِي الْمَطْلَبِ انْعِزَالُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ لَهُ فِي ذَلِكَ إنْ ابْتَدَأَهُ الْمَالِكُ بِهِ لَا إنْ أَجَابَ بِهِ سُؤَالَهُ فِيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا فِيمَا إذَا أَمَرَهُ أَمْرًا جَازِمًا، لَا كَمَا صَوَّرَهُ الدَّارِمِيُّ إنْ رَأَيْت أَنْ تُقَارِضَ غَيْرَك فَافْعَلْ (وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فَاسِدٌ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَقَصَدَ الْمُشَارَكَةَ فِي عَمَلٍ وَرِبْحٍ أَمْ رِبْحٍ فَقَطْ أَمْ قَصَدَ الِانْسِلَاخَ لِانْتِفَاءِ إذْنِ الْمَالِكِ فِيهِ وَائْتِمَانِهِ عَلَى الْمَالِ غَيْرَهُ، كَمَا لَوْ أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يُنْزِلَ وَصِيًّا مَنْزِلَتَهُ فِي حَيَاتِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَيْعُهُ الْمُعَيَّنَ، وَأَنْ لَا يَجُوزَ إقْبَاضُهُ الْمُعَيَّنَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْكِيلِهِ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْقِرَاضُ تَوْكِيلٌ، وَهُوَ لَا يَمْتَنِعُ فِي الْمُعَيَّنِ كَقَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ لِلْمُحَشِّي عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُ هَذَا النَّظَرَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا لَيْسَ تَوْكِيلًا مَحْضًا بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ هُنَا لَفْظًا (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ تَقْضِي الْعَادَةُ بِحُصُولِ مِثْلِهِ وَهُوَ يَزِيدُ فِي الْوَاقِعِ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَشَرْطُ قَدْرٍ مَعْلُومٍ كَعَشَرَةٍ يُفْسِدُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَإِرَادَتِهِ السَّفَرَ بِنَفْسِهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ لِإِذْنٍ لَكِنْ لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إلَّا إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا أَوْ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا حَيْثُ عَرَضَ الْإِذْنَ فِي السَّفَرِ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَمَّا لَوْ قَارَضَهُ لِيَجْلِبَ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ عَمَلٌ زَائِدٌ عَلَى التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِيهَا ذَلِكَ) أَيْ مَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ.
(قَوْلُهُ: فَالْقِرَاضُ بَاقٍ فِي حَقِّهِ) أَيْ وَلَا يَكُونُ إذْنُ الْمَالِكِ لَهُ عَزْلًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا) أَيْ أَمَّا لَوْ عَمِلَ فَهَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ أَوْ لَهُمَا بِحَسَبِ مَا شَرَطَاهُ أَوْ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِيَنْسَلِخَ) أَيْ لِيَخْرُجَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ وَكِيلًا) فِيهِ أَيْ فِي إقْرَاضِهِ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ لَهُ فِي ذَلِكَ) وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمَّا كَانَ الْمَأْذُونُ فِيهِ غَيْرَ صَحِيحٍ جُعِلَ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَجَابَ) أَيْ الْمَالِكُ، فَإِنْ أَجَابَ سُؤَالَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ
[حاشية الرشيدي]
خُصُوصُ الرُّكْنِ
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ وَفِي قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ، أَمَّا لَوْ عَمِلَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوطَ إذْ الصُّورَةُ أَنَّ الْقِرَاضَ بَاقٍ فِي حَقِّهِ، وَاسْتَقْرَبَ الشَّيْخُ هَذَا فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ ثَلَاثِ احْتِمَالَاتٍ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَجَابَ بِهِ سُؤَالَهُ) أَيْ: فَلَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ، وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنْ يَنْعَزِلَ بِالْعَقْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute