للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَامَلَتِهِ (أَنَا مَأْذُونٌ لِي) وَإِنْ ظَنَنَّا صِدْقَهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِقَوْلِ مُرِيدٍ تَصَرَّفَ وَكَّلَنِي فُلَانٌ فِيهِ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّ لَهُ يَدًا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ حُجِرَ عَلَى سَيِّدِي فَيَكْفِي فِي عَدَمِ صِحَّةِ مُعَامَلَتِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ سَيِّدُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ بِزَعْمِ الْعَاقِدِ فَلَا يُعَامَلُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ، وَتَكْذِيبُ الْآذِنِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ لَهُ.

نَعَمْ لَوْ قَالَ كُنْت أَذِنْت لَهُ وَأَنَا بَاقٍ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ الرَّقِيقُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ سَمَاعُ الْإِذْنِ لَهُ مِنْهُ فَلَا يُفِيدُ إنْكَارُ الْقِنِّ مَعَ ذَلِكَ.

قَالَ الشَّيْخُ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حَيْثُ ظَنَّ كَذِبَ الْعَبْدِ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ خِلَافَهُ بَطَلَتْ وَهُوَ حَسَنٌ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى قِنٍّ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا لَمْ يَشْتَرِ شَيْئًا، فَإِنْ اشْتَرَى فَطَلَبَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ الْإِذْنَ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، فَإِذَا حَلَفَ فَلِلْقِنِّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى سَيِّدِهِ مَرَّةً أُخْرَى رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ فَيُطَالِبُهُ الْبَائِعُ بِثَمَنِهِ.

(فَإِنْ) (بَاعَ مَأْذُونٌ لَهُ) فِي التِّجَارَةِ (وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ) أَوْ غَيْرِهَا (فَخَرَجَتْ السِّلْعَةُ مُسْتَحَقَّةً) (رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِبَدَلِهَا) وَهُوَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ: أَيْ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الْمُحَرَّرِ بِبَدَلِهِ: أَيْ الثَّمَنِ عَلَى أَنَّهُ فِي نُسَخٍ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْمَحْكِيَّ عَنْ خَطِّهِ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ بِسَهْوٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْإِذْنَ بِسَمَاعِ سَيِّدِهِ إلَخْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَنَّا صِدْقَهُ) فَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ جَوَازُ مُعَامَلَتِهِ وَتَرَدَّدَ فِيهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ) وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبُولِ خَبَرِ الْفَاسِقِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ مُتَّهَمًا فِي إخْبَارِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ لَا بُدَّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَا بَاقٍ) أَيْ عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ) أَيْ أَذِنْت إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى قِنٍّ) .

[فَرْعٌ] اشْتَرَى الْعَبْدُ شَيْئًا وَغَبَنَ الْبَائِعِ فِيهِ فَادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ وَادَّعَى الْعَبْدُ الْإِذْنَ وَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، وَتَصْدِيقُ السَّيِّدِ لَهُ الْآنَ لَا يُفِيدُ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ فَيَبْطُلُ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ وَمَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ إقْدَامَ الْبَائِعِ عَلَى مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ ظَاهِرٌ فِي اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ، فَإِنَّ مَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ لَا يُعَامِلُهُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْإِذْنِ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ.

[فَرْعٌ] لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَتَاعٍ مِنْ التَّاجِرِ لِلسَّوْمِ فَفَعَلَ ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَفِي تَجْرِيدِ الْعُبَابِ أَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ وَالْعَبْدِ فَلِلتَّاجِرِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ يَأْخُذُهُ حَالًّا وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْعَبْدِ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ الْأَقْيَسُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ اهـ وَجَزَمَ فِي الْعُبَابِ بِالْأَوَّلِ وَارْتَضَاهُ مَرَّ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَقْصُرُ عَمَّا لَوْ اسْتَامَ بِوَكِيلٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَصَرَّحُوا فِيهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْمَنُ الْمُسْتَامَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ تَحْلِيفُهُ: أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: مَرَّةً أُخْرَى) أَيْ غَيْرَ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُقِرَّ فَالثَّمَنُ بَاقٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

حِفْظُ مَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ سَمَاعُ الْإِذْنِ لَهُ مِنْهُ إلَخْ) كَأَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهِمَ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ وَإِنْ أَنْكَرَ الرَّقِيقُ ذَلِكَ رَاجِعَةٌ إلَى الْإِذْنِ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى الْبَقَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَاقٍ، وَمِنْ ثَمَّ عَقَّبَهُ الشِّهَابُ حَجّ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ إنْكَارِهِ الْإِذْنَ اهـ.

وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ وَجْهٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ اسْتِدْرَاكًا عَلَيْهِمْ؛ إذْ كَلَامُهُمْ فِي اعْتِمَادِ قَوْلِ الْعَبْدِ فِي الْحَجْرِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْآذِنُ عَلِمَ بِالسَّمَاعِ مِنْ السَّيِّدِ أَوْ غَيْرِهِ إذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ دَعْوَى الْإِذْنِ وَطُرُوِّ الْحَجْرِ، وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ مَعَ قَوْلِ السَّيِّدِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْكَشِيّ لِتَنْزِيلِ قَوْلِهِ وَأَنَا بَاقٍ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ الْجَدِيدِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَى فَطَلَبَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبِيعَ تَلِفَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَالْبَائِعُ يَرْجِعُ بِمَبِيعِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>