(فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ لَحِقَهُ) كَمَا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ وَالْمَجْنُونِ كَالصَّغِيرِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمًا وَسَكْرَانَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ بَعِيدٌ جِدًّا (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَ فِي وَطْءٍ) لِامْرَأَةٍ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُمَا: أَيْ الْمُحْتَرَمَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَوَلَدَتْ مُمَكَّنًا مِنْهُمَا وَتَنَازَعَاهُ بِأَنْ وَطِئَا بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ ظَنَّهَا كُلٌّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ وَلَا تَنْحَصِرُ الشُّبْهَةُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ صُوَرِهَا عَطْفًا لِلْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَقَالَ (أَوْ) وَطِئَا (مُشْتَرَكَةً لَهُمَا) فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلثَّانِي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي قِيَاسًا لِتَعَذُّرِ عَوْدِهِ إلَى هَذَا لِأَنَّ بَيْنَهُمَا صُوَرًا لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ إلَيْهَا (أَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَ فَوَطِئَهَا آخَرُ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) كَأَنْ نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ جَاهِلًا بِالْحَالِ (أَوْ) وَطِئَ (أَمَتَهُ وَبَاعَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) فَيُعْرَضُ عَلَيْهِ وَلَوْ مُكَلَّفًا، فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ مِنْهُمَا لَحِقَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ تَحَيَّرَ اُعْتُبِرَ انْتِسَابُ الْوَلَدِ بَعْدَ كَمَالِهِ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ كَانَ الِاشْتِبَاهُ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْفِرَاشِ لَمْ يُعْتَبَرْ إلْحَاقُ الْقَائِفِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ مُلَخَّصِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ (وَكَذَا لَوْ وَطِئَ) بِشُبْهَةٍ (مَنْكُوحَةً) لِغَيْرِهِ نِكَاحًا صَحِيحًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَتَعَيَّنُ الزَّوْجُ لِلْإِلْحَاقِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الِاشْتِبَاهِ وَالثَّانِي يَلْحَقُ الزَّوْجَ لِقُوَّةِ الْفِرَاشِ، وَلَا يَكْفِي اتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِهِ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي النَّسَبِ وَتَصْدِيقُهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي اللِّعَانِ، وَاعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ الِاتِّفَاقِ، نَعَمْ يَلْحَقُ بِالْبَيِّنَةِ تَصْدِيقُ الْوَلَدِ الْمُكَلَّفِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ لَهُ حَقًّا (فَإِذَا وَلَدَتْ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْئِهِمَا وَادَّعَيَاهُ) أَوْ لَمْ يَدَّعِيَاهُ (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفِ لِإِمْكَانِهِ مِنْهُمَا (فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ وَطْئِهِمَا حَيْضَةٌ فَ) الْوَلَدُ (لِلثَّانِي) وَإِنْ ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ لِظُهُورِ انْقِطَاعِ تَعَلُّقِهِ بِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) أَيْ وَالثَّانِي بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ الْفِرَاشِ قَائِمٌ مَقَامَ نَفْسِ الْوَطْءِ وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ، وَاحْتُرِزَ بِالصَّحِيحِ عَمَّا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُهُ وَيَكُونُ لِلثَّانِي عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ بَعِيدٌ) أَيْ بَلْ وَفِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ حَيْثُ كَانَ الْقَائِمُ بِهِمَا قَرِيبَ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ عَوْدِهِ) أَيْ الْقَيْدِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ) أَيْ بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ فَحَيْثُ لَا بَيِّنَةَ يُلْحَقُ بِالزَّوْجِ.
[حاشية الرشيدي]
وَالشَّيْءُ إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِلْفَرْدِ الْكَامِلِ.
(قَوْلُهُ: غَيْرَ مُتَعَدٍّ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِضْ لِأَنَّهُ كَالصَّاحِي وَيَصِحُّ انْتِسَابُهُ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ الْفَصْلُ الرَّابِعُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِلُحُوقِ النَّسَبِ بِقَوْلِ الْقَافَةِ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِاسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَاسْتِلْحَاقُهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي فِرَاشٍ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِالْقَافَةِ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَدْ أَوْجَبَ لَهُمَا حَقًّا وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمَا حَقًّا فِي إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا وَنَفْيُهُ عَنْ الْآخَرِ وَأُلْحِقَ عَلَيْهِمَا لِلْوَلَدِ وَبِالْعَكْسِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ إلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعَاهُ، وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْآخَرِ فَكَانَ أَغْلَظَ مِنْ اللِّعَانِ الَّذِي لَا يَصِحُّ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ: الثَّالِثُ أَنْ يَثْبُتَ فِرَاشُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَثُبُوتُهُ مُعْتَبَرٌ بِحَالِهِمَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجًا وَالْآخَرُ ذَا شُبْهَةٍ ثَبَتَ فِرَاشُ ذِي الشُّبْهَةِ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ تَصْدِيقُ الْمَوْطُوءَةِ إلَّا إنْ كَانَتْ خَلِيَّةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا زَوْجٌ اُعْتُبِرَ تَصْدِيقُ الْمَوْطُوءَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إنْ كَانَتْ خَلِيَّةً، وَإِلَّا فَالزَّوْجُ صَارَ دَاخِلًا مَعَهُمَا فِي التَّنَازُعِ اهـ الْمَقْصُودُ مِنْهُ.
لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ أَنَّ فِرَاشَ الشُّبْهَةِ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ الزَّوْجَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِهِ أَوْ تَصْدِيقِ الْوَلَدِ الْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ) أَيْ لِيُلْحِقَهُ بِالزَّوْجِ، وَلَا يَكْفِي اتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ: أَيْ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ بِصَاحِبِ الشُّبْهَةِ، ثُمَّ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِإِلْحَاقِهِ بِمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ كَمَا مَرَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute