الثَّمَرُ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُ غَيْرِهِ الْمُتَّحِدُ مَعَهُ نَوْعًا وَمَحَلًّا (مُنْفَرِدًا عَنْ الشَّجَرَةِ) وَهُوَ عَلَى شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ (لَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَحْرُمُ (إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) حَالًا، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْمُقْرِي مُنْجِزًا لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا خَرَجَ الْمَبِيعُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الْقَطْعُ بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَلَا يَقُومُ اعْتِيَادُ قَطْعِهِ مَقَامَ شَرْطِهِ، وَلِلْبَائِعِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ بِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ أُجْرَةً مِنْ ذَلِكَ لِغَلَبَةِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ، وَلَوْ تَرَاضَيَا بِإِبْقَائِهِ مَعَ شَرْطِ قَطْعِهِ جَازَ، وَالشَّجَرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الثَّمَرَةِ بِدُونِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ نَحْوَ سَمْنٍ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّسَلُّمِ فِي غَيْرِهِ.
أَمَّا بَيْعُ ثَمَرَةٍ عَلَى شَجَرَةٍ مَقْطُوعَةٍ أَوْ جَافَّةٍ دُونَهَا فَيَجُوزُ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَبْقَى عَلَيْهَا فَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ بِيعَ مَا لَوْ وَهَبَ مَثَلًا فَلَا يَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ فِيهِ، وَكَذَا الرَّهْنُ كَمَا يَأْتِي قُبَيْلَ بَحْثِ مَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ (وَ) بِشَرْطِ (أَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ) كَلَوْزٍ وَحِصْرِمٍ وَبَلَحٍ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ، وَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَبِيعَ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ بِيعَ بِشَرْطِهِ مُعْلَقًا كَأَنْ شَرَطَ الْقَطْعَ بَعْدَ يَوْمٍ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَتَضَمَّنُ التَّبْقِيَةَ، وَمَا (لَا) يُنْتَفَعُ بِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلَا جَوَابَ لَهُ إلَّا نَحْوَ لَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِهِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: ثَابِتَةٍ) أَيْ رَطْبَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) أَيْ لِلْكُلِّ اهـ حَجّ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ شِرَاءُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ.
وَفِي حَجّ أَيْضًا: وَوَرَقُ التُّوتِ قَبْلَ تَنَاهِيهِ كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَبَعْدَهُ كَهُوَ بَعْدَهُ اهـ (قَوْلُهُ: حَالًا) أَيْ سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ أَوْ شَرَطَ الْقَطْعَ وَأَطْلَقَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْحَالِ (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ: إجْبَارُهُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ شَرَطَ وَتَرَكَ عَنْ تَرَاضٍ فَلَا بَأْسَ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ تَرَاضَيَا بِإِبْقَائِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ أُجْرَةً) أَيْ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ لِغَلَبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الثَّمَرَةِ) أَيْ حَيْثُ تَرَاضَيَا كَمَا هُوَ الْغَرَضُ مِنْ بَقَاءِ الثَّمَرَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا لَوْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِأَنَّ دُخُولَهَا فِي يَدِهِ ضَرُورِيٌّ فِي تَمْكِينِهِ مِنْ قَطْعِ الثَّمَرَةِ الَّذِي هُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَّا فِي السَّمْنِ فَقَبَضَهُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّقْلِ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِتَفْرِيغِ الْبَائِعِ لَهُ فِي إنَاءٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ: أَمَّا بَيْعُ ثَمَرَةٍ عَلَى شَجَرَةٍ) مُحْتَرَزٌ وَهُوَ عَلَى شَجَرَةٍ نَابِتَةٍ (قَوْلُهُ: فَنَزَلَ ذَلِكَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ شَرْطِ الْقَطْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ لِتَفْرِيغِ مِلْكِ الْبَائِعِ مَا لَوْ كَانَتْ مَقْلُوعَةً وَأَعَادَهَا الْبَائِعُ أَوْ غَيْرُهُ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ هَلْ يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي الْقَطْعَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ شِرَاءَ الثَّمَرَةِ وَهِيَ مَقْطُوعَةٌ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْقَطْعِ فَيُكَلِّفُهُ وَإِنْ أُعِيدَتْ.
وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ جَافَّةً وَلَمْ تُقْطَعْ ثُمَّ بَاعَ الثَّمَرَةَ الَّتِي عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ ثُمَّ حَلَّتْهَا الْحَيَاةُ فَهَلْ يُكَلَّفُ الْقَطْعَ أَوْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَنٍّ وَهُوَ مَوْتُهَا فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ لِأَنَّ عَوْدَ الْحَيَاةِ إلَيْهَا عَلَامَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ عُرُوقَهَا كَانَتْ حَيَّةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا الرَّهْنُ) وَوَجْهُ جَوَازِ ذَلِكَ فِيهِمَا بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الثَّمَرَةِ بِعَاهَةٍ لَا يَفُوتُ عَلَى الْمُتَّهَمِ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَرَةِ، وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ إلَّا مُجَرَّدُ التَّوَثُّقِ وَدَيْنُهُ بَاقٍ بِحَالِهِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الثَّمَرَةِ بِعَاهَةٍ يَضِيعُ الثَّمَنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَاحْتِيجَ فِيهِ لِشَرْطِ الْقَطْعِ لِيَأْمَنَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَحِصْرِمٍ) كَزِبْرِجٍ الثَّمَرُ قَبْلَ النُّضْجِ، وَأَوَّلُ الْعِنَبِ مَا دَامَ أَخْضَرَ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَبِيعَ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ) أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ شَرَطَ الْقَطْعَ بَعْدَ يَوْمٍ) هَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الشَّجَرُ لَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا كَانَ الشَّجَرُ لِلْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّسَلُّمِ فِي غَيْرِهِ) أَيْ مَعَ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يَرِدَ مَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ فِي كُوزِ السِّقَاءِ فَلْيُرَاجَعْ
. (قَوْلُهُ: أَوْ بِيعَ بِشَرْطِهِ مُعَلَّقًا) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ حَالًّا أَنْ يَقُولَ هُنَا مُؤَجَّلًا وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ