اخْتَصَّ بِهَا الثَّانِي عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَمِنْ كَوْنِ الثَّانِيَةِ مُغَايِرَةً لِلْأُولَى فَيَتَعَذَّرُ التَّشْرِيكُ، لَكِنْ قَدْ يُنَازِعُ فِي الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ تَعْلِيلُهُمْ التَّشْرِيكَ بِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ دُونَ الرُّجُوعِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا الِاحْتِمَالُ لَا أَثَرَ لَهُ لِإِتْيَانِهِ فِي هَذَا لِوَارِثِي فَالْأَوْجَهُ مَا سَبَقَ، وَإِنْكَارُهَا بَعْدَ أَنْ سُئِلَ عَنْهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي جَحْدِ الْوَكَالَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (وَبِيَعِ) وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهُ فَسْخٌ وَلَوْ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ (وَإِعْتَاقٌ) وَتَعْلِيقُهُ وَإِيلَادٌ وَكِتَابَةٌ (وَإِصْدَاقٌ) لِمَا وَصَّى بِهِ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ نَاجِزٌ لَازِمٌ إجْمَاعًا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْإِعْرَاضِ (وَكَذَا هِبَةٌ أَوْ رَهْنٌ) لَهُ مَعَ قَبْضٍ لِزَوَالِ الْمِلْكِ فِي الْهِبَةِ وَتَعْرِيضِهِ لِلْبَيْعِ فِي الرَّهْنِ (وَكَذَا دُونَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِدَلَالَتِهِمَا عَلَى الْإِعْرَاضِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَبُولٌ بَلْ وَإِنْ فَسَدَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَالثَّانِي لَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ (وَبِوَصِيَّةٍ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) الْبَيْعُ وَمَا بَعْدَهُ لِإِشْعَارِهَا بِالْإِعْرَاضِ (وَكَذَا تَوْكِيلٌ فِي بَيْعِهِ وَعَرْضِهِ) يَصِحُّ رَفْعُهُ، وَكَذَا جَرُّهُ فَيُفِيدُ أَنَّ تَوْكِيلَهُ فِي الْعَرْضِ رُجُوعٌ (عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ تَوَسُّلٌ إلَى أَمْرٍ يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ بِخِلَافِ وَطْءٍ وَإِنْ أَنْزَلَ، وَلَا نَظَرَ لِإِفْضَائِهِ لِمَا بِهِ الرُّجُوعُ لِبُعْدِهِ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُوجَدُ وَلَوْ هَلَكَ جَمِيعُ مَا لَهُ لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ مُطْلَقًا لَا يَخْتَصُّ بِمَا عِنْدَهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ بَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ زَادَ أَوْ نَقَصَ (وَخَلْطُ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ) وَصَّى بِهَا بِمِثْلِهَا أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَأْذُونُهُ (رُجُوعٌ) لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ بِمَا أَحْدَثَهُ فِي الْعَيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ أَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا يَأْتِي مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْهَدْمِ وَنَحْوِ الطَّحْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْغَيْرَ هُنَا وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِمْ فِي الْغَصْبِ لَوْ صَدَرَ خَلْطٌ وَلَوْ مِنْ الْغَاصِبِ لِمَغْصُوبٍ مِثْلِيٍّ أَوْ مُتَقَوِّمٍ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَجْوَدُ أَوْ أَرْدَأُ أَوْ مُمَاثِلًا كَانَ إهْلَاكًا فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ، بِخِلَافِ خَلْطِ مُتَمَاثِلَيْنِ بِغَيْرِ تَعَدٍّ فَإِنَّهُ يُصَيِّرُهُمَا مُشْتَرَكَيْنِ اهـ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
زَيْدًا بِاللَّفْظِ لَكِنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالْوَصِيَّةِ الْأُولَى بِأَنْ أَخْبَرَ بِهَا ثُمَّ وَصَّى بِهَا لِلثَّانِي بِلَا تَرَاخٍ يُحْتَمَلُ مَعَهُ النِّسْيَانُ (قَوْلُهُ وَمِنْ كَوْنِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ النَّصِّ عَلَى الْأُولَى وَقَوْلُهُ الثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ ثُمَّ أَوْصَى بِبَيْعِهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا سَبَقَ هُوَ قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ سُئِلَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ابْتَدَأَ بِالْإِنْكَارِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ أَحَدٍ كَانَ رُجُوعًا مُطْلَقًا وَلَعَلَّهُ غَيْرَ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: فِي جَحْدِ الْوَكَالَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ نَحْوِهِ لَا يَكُونُ عَزْلًا وَإِلَّا كَانَ عَزْلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَبُولٌ) وَمِثْلُهُمَا جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّيَغِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى نَحْوِ الْبَيْعِ أَوْ التَّوْكِيلِ فِيهِ رُجُوعٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَسَدَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ) أَيْ كَاشْتِمَالِهِمَا عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَوْكِيلٌ فِي بَيْعِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَوَسُّلٌ إلَخْ أَنَّ مِثْلَ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ التَّوْكِيلُ فِي كُلِّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا جَرُّهُ) وَهُوَ أَوْلَى لِإِفَادَتِهِ حُصُولَ الرُّجُوعِ بِالْعَرْضِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِمَا بِهِ الرُّجُوعُ) أَيْ وَهُوَ الْإِحْبَالُ (قَوْلُهُ: وَخَلْطُ حِنْطَةٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْخَلْطِ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ مِنْهُ) صِلَةٌ لِخَلْطِ (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْغَيْرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ غَيْرِهِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ مَا سَبَقَ) قَالَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ هُوَ قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْهَدْمِ وَنَحْوِ الطَّحْنِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِمَا فِي التُّحْفَةِ لَكِنَّ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ مَذْكُورٌ فِي التُّحْفَةِ بَعْدُ وَأَغْفَلَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الْغَاصِبِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ انْتَهَتْ، فَلَعَلَّ لَفْظَ غَيْرٍ سُقُط مِنْ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ وَإِنْ كَانَ إثْبَاتُهُ غَيْرَ ضَرُورِيٍّ وَكَتَبَ الشِّهَابُ سم عَلَى عِبَارَةِ التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ لَوْ صَدَرَ خَلْطٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ إلَى قَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute