للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَبُولِ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِهَا لِلْوَصِيِّ فَيَأْخُذُهَا الْحَاكِمُ إلَى أَنْ يَسْتَقِرَّ أَمْرُهَا

وَمَعْنَى قَوْلِهِ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ: أَيْ بِفَرْضِ عَدَمِ الْقَبُولِ فَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِيمَنْ تَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ لِذَلِكَ وَصِيًّا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي دَخْلٌ فِيهِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحِسَابِ وَمَنْعُ إعْطَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ، وَإِلَّا تَوَلَّى هُوَ أَوْ نَائِبُهُ الصَّرْفَ، وَلَوْ أَخْرَجَ الْوَصِيُّ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ رَجَعَ إنْ كَانَ وَارِثًا وَإِلَّا فَلَا: أَيْ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ حَاكِمٌ أَوْ جَاءَ وَقْتُ الصَّرْفِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْحَاكِمُ وَفَقَدَ الْحَاكِمُ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ بَيْعُ التَّرِكَةِ فَأَشْهَدَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ، وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ.

وَلَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ وَإِخْرَاجِ كَفَنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَاقْتَرَضَ الْوَصِيُّ دَرَاهِمَ وَصَرَفَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِيَحْفَظَهَا إلَى حُضُورِ الْمُوصَى لَهُ، فَإِنْ قَبِلَ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِنْ رَدَّ دَفَعَهَا لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: دَخَلَ فِيمَنْ تَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ إلَخْ) أَيْ وَفِي مُدَّةِ الِانْتِظَارِ هَلْ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ لَا، وَعَلَى وُجُوبِهَا عَلَيْهِ هَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ إذَا قَبِلَ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ وَلَمْ يَفْعَلْ لَا رُجُوعَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ طَلَبِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ لِيَعْلَمَ هَلْ يَقْبَلُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَوَلَّى هُوَ أَوْ نَائِبُهُ الصَّرْفَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ وُجِدَ وَارِثٌ، لَكِنَّ قَوْلَ الْعُبَابِ الْآتِي مُطَالَبَةُ الْوَرَثَةِ بِالْفِعْلِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْوَارِثِ تَوَلِّيَ الصَّرْفِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَوْ قَالَ اجْعَلْ كَفَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهَا أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَيَقْضِي مِنْهَا وَلَوْ أَوْصَى بِتَجْهِيزِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَالًا فَأَرَادَ الْوَارِثُ بَذْلَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ الْوَصِيُّ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَ بَعْضٍ لِذَلِكَ وَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَتَعَاطَاهُ فَأَيُّهُمَا أَحَقُّ؟ وَجْهَانِ انْتَهَتْ.

فَانْظُرْ قَوْلَهُ فَأَيُّهُمَا أَحَقُّ هَلْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ لِلْوَصِيِّ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مُطَالَبَةُ الْوَرَثَةِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِإِعْطَائِهِ التَّرِكَةَ لِيَفْعَلَ، فَإِنْ بَاعَ بِلَا مُرَاجَعَةٍ بَطَلَ، فَإِنْ غَابُوا اتَّجَهَ مُرَاجَعَتُهُ لِلْقَاضِي لِيَأْذَنَ لَهُ فِيهِ اهـ.

فَإِنَّهُ إذَا وَجَبَتْ الْمُرَاجَعَةُ فَكَيْفَ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْبَيْعِ مَعَ مُنَازَعَةِ مَنْ تَجِبُ مُرَاجَعَتُهُ حَتَّى يَكُونَ أَحَقَّ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ هَذَا أَوْ يَكُونَ ذَاكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ مُرَاجَعَتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ إمْسَاكَ التَّرِكَةِ وَالصَّرْفَ مِنْ مَالِهِ، وَعِنْدَ إرَادَةِ بَيْعِ الْبَعْضِ لِذَلِكَ انْدَفَعَ هَذَا الِاحْتِمَالُ فَجَازَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَحَقِّ مِنْهُمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ الْوَصِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالْوَصِيِّ أَنَّ غَيْرَهُ إذَا أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بَدَلِ مَا صَرَفَهُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَا وِصَايَةَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْحَاكِمَ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: فَأَشْهَدَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ هُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ.

(قَوْلُهُ: فَاقْتَرَضَ الْوَصِيُّ دَرَاهِمَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ وَارِثًا وَيَخْرُجُ بِهِ غَيْرُ الْوَصِيِّ مِنْ الْوَرَثَةِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُ هُنَا لَمَّا عَيَّنَ لِلْكَفَنِ عَيْنًا وَعَلَّقَهُ بِخُصُوصِهَا كَانَ ذَلِكَ آكَدُ مِمَّا لَوْ قَالَ أَعْطُوا زَيْدًا كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا فَغَلَّظَ عَلَى الْوَصِيِّ حَيْثُ خَالَفَ غَرَضَ الْمُوصِي فَأُلْزِمَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ وَارِثًا.

بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ فِيهَا جِهَةً كَانَ الْأَمْرُ أَوْسَعَ فَسُومِحَ لِلْوَارِثِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فِي الْجُمْلَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

ذَكَرَ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ حَاكِمٌ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ إذْنَ الْحَاكِمِ يَكْفِيهِ فِي الرُّجُوعِ إذَا صَرَفَ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ مَا يَتَيَسَّرُ الصَّرْفُ مِنْهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ إذْ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ قِيَاسَ النَّظَائِرِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ وَإِخْرَاجِ كَفَنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ مِنْ أَنَّ إذْنَ الْحَاكِمِ إنَّمَا يُفِيدُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا، إذْ هَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ لَا يَكُونُ نَظِيرَهُ إلَّا إنْ سَاوَاهُ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: الَّذِي عَيَّنَهُ الْحَاكِمُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ انْتَهَتْ وَلَعَلَّهَا الصَّوَابُ

(قَوْلُهُ: بِبَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>