للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» وَفِي رِوَايَةٍ: «لَهُ فِي أَرْضٍ أَوْ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ» : أَيْ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ إذْ لَا إثْمَ فِي عَدَمِ اسْتِئْذَانِ الشَّرِيكِ.

وَالرَّبْعُ الْمَنْزِلُ وَالْحَائِطُ الْبُسْتَانُ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُقْسَمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ إذْ الْأَصْلُ فِيمَا نُفِيَ بِلَمْ كَوْنُهُ فِي الْمُمْكِنِ بِخِلَافِ مَا نُفِيَ بِلَا، وَاسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا مَكَانَ الْآخَرِ تَجَوُّزٌ، أَوْ إجْمَالٌ قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَالْعَفْوُ عَنْهَا أَفْضَلُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي نَادِمًا أَوْ مَغْبُونًا.

وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: آخِذٌ، وَمَأْخُوذٌ، وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ، وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ فِي التَّمَلُّكِ كَمَا سَيَأْتِي

(لَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ) ابْتِدَاءً كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ وَإِنْ بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِأَنَّهُ لَا يَدُومُ بِخِلَافِ الْعَقَارِ فَيَتَأَبَّدُ فِيهِ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ، وَخَرَجَ بِابْتِدَاءٍ تَهَدُّمُ الدَّارِ بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فَيُؤْخَذُ نَقْضُهَا بِهَا (بَلْ) إنَّمَا تَثْبُتُ (فِي أَرْضٍ وَمَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ) وَتَوَابِعِهِ الدَّاخِلَةِ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ كَأَبْوَابٍ مَنْصُوبَةٍ وَرُفُوفٍ مُسَمَّرَةٍ وَمِفْتَاحِ غَلَقٍ مُثَبَّتٍ وَكُلِّ مُنْفَصِلٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُتَّصِلٌ (وَشَجَرٍ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْقِسْمَةِ يَسْتَلْزِمُ الشَّرِكَةَ، وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ: «فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقَسَّمْ» (قَوْلُهُ: وَصُرِّفَتْ) أَيْ مُيِّزَتْ وَبُيِّنَتْ، وَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ حَيْثُ قَالَ مِنْ الصِّرْفِ بِكَسْرِ الصَّادِ وَهُوَ الشَّيْءُ الْخَالِصُ اهـ شَرْحُ الْمِشْكَاةِ بِالْمَعْنَى، وَنَصُّهَا: وَفُسِّرَتْ صُرِّفَتْ بِبُيِّنَتْ لِقَوْلِ مَالِكٍ مَعْنَاهُ خُلِّصَتْ وَبُيِّنَتْ مِنْ الصِّرْفِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي أَرْضٍ) لَعَلَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقَسَّمْ، وَحِينَئِذٍ فَيُوَافِقُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ قَوْلِهِ «فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ» ، وَقَوْلُهُ: إذْ لَا إثْمَ فِي عَدَدِ إلَخْ لَا يَصْلُحُ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ صَارِفًا عَنْ الْحُرْمَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهَا، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذْ لَا إثْمَ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ بِالدَّلِيلِ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُؤْذِنَ) أَيْ يُعْلِمَ (قَوْلُهُ: وَالرَّبْعُ الْمَنْزِلُ) أَيْ فَهُوَ مُفْرَدٌ، وَقِيلَ اسْمُ جَمْعٍ.

قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ: وَالرَّبْعُ وَالرَّبْعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ وَالرَّبْعُ الدَّارُ وَالْمَسْكَنُ وَمُطْلَقُ الْأَرْضِ وَأَصْلُهُ الْمَنْزِلُ الَّذِي كَانُوا يَرْبَعُونَ فِيهِ، وَالرَّبْعَةُ تَأْنِيثُ الرَّبْعِ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ، وَالْجَمْعُ الَّذِي هُوَ اسْمُ الْجِنْسِ رَبْعٌ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا نُفِيَ بِلَا) أَيْ فَيَكُونُ فِي الْمُمْكِنِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إجْمَالٌ) أَيْ لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ وَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تُنْصَبْ قَرِينَةٌ عَلَى الْمُرَادِ، فَالْمَعْنَى هُوَ مَجَازٌ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ وَإِجْمَالٌ إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ الْمُرَادَ مَعَ كَوْنِهَا صَارِفَةً عَنْ إرَادَةِ الْحَقِيقِيِّ بِخُصُوصِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُنْصَبْ قَرِينَةٌ أَصْلًا فَيَجِبُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَنْفِيِّ بِلَمْ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمُمْكِنِ فَلَا يَكُونُ فِي الْكَلَامِ تَجَوُّزٌ وَلَا إجْمَالٌ.

وَأَمَّا الْمَنْفِيُّ بِلَا فَحَيْثُ لَا قَرِينَةَ هُوَ مُجْمَلٌ (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ عَنْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اشْتَدَّتْ إلَيْهَا حَاجَةُ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِيثَارِ، وَهُوَ أَوْلَى حَيْثُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَالِاحْتِيَاجِ لِلْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى التَّرْكِ مَعْصِيَةٌ، فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مَشْهُورًا بِالْفُجُورِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ مُسْتَحَبًّا بَلْ وَاجِبًا إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ مَا يُرِيدُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفُجُورِ ثُمَّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَغْبُونًا) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ: أَيْ فَيَكُونُ الْأَخْذُ أَفْضَلَ

(قَوْلُهُ: وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ إلَى عَدِّهَا رُكْنًا بَلْ لَا يَصِحُّ

(قَوْلُهُ: فَيَتَأَبَّدُ فِيهِ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ) قَدْ يُقَالُ: الَّذِي اعْتَبَرَهُ فِيمَا سَبَقَ ضَرَرُ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَهُوَ لَا يَتَكَرَّرُ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ ثَمَّ عَلَى ضَرَرِ الْقِسْمَةِ بَلْ ذَكَرَ التَّعْلِيلَيْنِ مَعًا، فَقَوْلُهُ هُنَا لِلْخَبَرِ نَاظِرٌ لِلتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَدُومُ نَاظِرٌ لِلتَّعْلِيلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ نَقْضُهَا) وَإِنْ نَقَلَ، وَفِي حَجّ خِلَافُهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ مَا ذَكَرْته، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ مِنْ أَخْذِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ قُطِعَتْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَوْ قُسِمَ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ كَحَمَّامٍ وَرَحًى صَغِيرَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْآتِي، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي ثَبَتَتْ؛ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ مَا الْمَانِعُ مِنْ الْقَوْلِ بِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>