للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَرَّرْنَاهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ فِيهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ فِيمَا ذُكِرَ زَجْرًا لَهُ عَنْ الْقَتْلِ لِتَضَرُّرِهِ بِإِخْرَاجِ مَالِهِ فِي كَفَّارَتِهِ مَعَ عِظَمِ الْقَتْلِ وَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِحِفْظِ النُّفُوسِ (وَ) لَا (هِبَةَ) مِنْهُ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْهِبَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْوِيتٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَحْصِيلٌ، وَيَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ دُونَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ، كَذَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَد، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِتَمَلُّكٍ بِعَقْدٍ وَقَبُولُهُ الْوَصِيَّةَ تَمَلُّكٌ وَلَيْسَ فَوْرِيًّا فَأُنِيطَ بِالْوَلِيِّ وَصَحَّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَتِهِ لِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِ قَبُولِهَا بِإِيجَابِهَا مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ بِمُمَلَّكٍ، وَقَدْ يُوجَدُ إيجَابُهَا مَعَ غَيْبَةِ وَلِيِّهِ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا صَحَّحْنَا قَبُولَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الْمَوْهُوبِ وَالْمُوصَى بِهِ إلَيْهِ، فَإِنْ سَلَّمَهُمَا إلَيْهِ ضَمِنَ الْمُوصَى بِهِ دُونَ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمُوصَى بِهِ بِقَبُولِهِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ (وَ) لَا (نِكَاحَ) يَقْبَلُهُ لِنَفْسِهِ (بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْمَالِ أَوْ مَظِنَّةُ إتْلَافِهِ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ قَالَ الشَّارِحُ: قَيْدٌ فِي الْجَمِيعِ لِرِعَايَةِ الْخِلَافِ الْآتِي لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَصَحَّ الْمَفْهُومُ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ إلَى عَوْدِهِ لِلنِّكَاحِ خَاصَّةً إذْ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ بِالْإِذْنِ دُونَ مَا قَبْلَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ أَوْضَحُ.

أَمَّا قَبُولُهُ النِّكَاحَ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَصَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَكَالَةِ.

وَأَمَّا الْإِيجَابُ فَلَا مُطْلَقًا لَا أَصَالَةً وَلَا وَكَالَةً وَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَخْ) مِنْهُمْ حَجّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِعِصْيَانِهِ بِهِ فَاسْتُحِقَّ التَّغْلِيظُ عَلَيْهِ بِوُجُوبِ الْإِعْتَاقِ

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهِبَةِ لَهُ) أَيْ فَإِنَّ صِيغَتَهَا مِنْ الْوَاهِبِ الرَّشِيدِ صَحِيحَةٌ مَعَ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ بِهَا سَفِيهًا، وَقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إلَخْ بَيَانٌ لِصِحَّةِ قَبُولِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِهِ) أَيْ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمُمَلَّكٍ) أَيْ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ فِيهِمَا بِالْقَبْضِ وَهُوَ مِنْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِذَا صَحَّحْنَا قَبُولَ ذَلِكَ) وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ الْهِبَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الْمَوْهُوبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَبُحِثَ فِي الْمَطْلَبِ جَوَازُ تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ إلَيْهِ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَنْزِعُهُ مِنْهُ عَقِبَ تَسَلُّمِهِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ

(قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْمُوصِي) أَيْ الدَّافِعُ مِنْ وَارِثِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: بِقَبُولِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا بِقَبُولِ وَلِيِّهِ، وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُوصَى بِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْقَبُولَ مِنْ وَلِيِّهِ لَا مِنْهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْمَالِ) أَيْ بِالْفِعْلِ حَيْثُ يُزَوَّجُ بِلَا مَصْلَحَةٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَظِنَّةُ إتْلَافِهِ) أَيْ إنْ فُرِضَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ) أَيْ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْضَحُ) بَلْ الْأَوْلَى بِفَرْضِ الْمُصَنِّفِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ مَعْنًى، وَلَأَدَّى إلَى التَّنَاقُضِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ حَيْثُ اقْتَضَى مَا هُنَا عَدَمَ صِحَّتِهَا قَطْعًا وَمَا يَأْتِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا قَبُولُهُ النِّكَاحَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَصَحِيحٌ) أَيْ إذَا كَانَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إذْنِ الْوَلِيِّ وَعَدَمِهِ، وَيُوَافِقُهُ مَا يَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي الْوَكَالَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشُرِطَ فِي الْوَكِيلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ غَالِبًا مِنْ قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِي غَالِبًا مَا اُسْتُثْنِيَ كَالْمَرْأَةِ فَتَتَوَكَّلُ فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا وَالسَّفِيهِ وَالْعَبْدِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ فَيَتَوَكَّلُ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَالسَّيِّدِ اهـ

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِيجَابُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) لَمْ يُمَهِّدْ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ هَذَا فَانْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّعْبِيرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَتِهِ حَزَازَةٌ أَنَّهُ إنَّمَا صَحَّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ دُونَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْوَصِيَّةِ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْقَبُولِ؛ وَلِأَنَّ قَبُولَهَا غَيْرُ فَوْرِيٍّ فَيَتَدَارَكُهُ الْوَلِيُّ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا صَحَّحْنَا قَبُولَ ذَلِكَ) أَيْ: قَبُولَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الذَّاهِبِينَ إلَى صِحَّتِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَظِنَّةُ إتْلَافِهِ) لَا وَجْهَ لِهَذَا الْعَطْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>