للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْعَلَائِيُّ: لَا تَرَدُّدَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَحُدُودُ الْحَرَمِ مَعْرُوفَةٌ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَسَافَتَهَا بِالْأَمْيَالِ فِي قَوْلِهِ:

وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضٍ طَيْبَةَ ... ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ

وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ ... وَجُدَّةُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ

بِتَقْدِيمِ السِّينِ فِي الْأُولَى بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ:

وَمِنْ يَمَنٍ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينِهِ ... وَقَدْ كَمُلَتْ فَاشْكُرْ لِرَبِّك إحْسَانَهْ.

(وَصَيْدُ) حَرَمِ (الْمَدِينَةِ) وَأَخْذُ نَبَاتِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (حَرَامٌ) وَكَذَا وَجُّ وَادٍ بِالطَّائِفِ لِخَبَرِ «إنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ» أَيْ أَحْدَثْت حُرْمَتَهَا «كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ» أَيْ أَظْهَرَ حُرْمَتَهَا إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا حُرِّمَتْ مِنْ حِينِ خُلِقَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَعَرْضُ الْحَرَمِ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا وَهِيَ الْحِجَارَةُ السُّودُ، وَطُولُهُ مَا بَيْنَ عَيْرٍ وَثَوْرٍ وَهُوَ جَبَلٌ صَغِيرٌ وَرَاءَ أُحُدٍ (وَلَا يُضْمَنُ) الصَّيْدُ وَلَا النَّبَاتُ (فِي الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ بِخِلَافِ حَرَمِ مَكَّةَ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِسَلْبِ الصَّائِدِ وَالْقَاطِعِ لِشَجَرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الشَّجَرِ وَأَبُو دَاوُد فِي الصَّيْدِ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ إنَّهُ كَسَلْبِ الْقَتِيلِ الْكَافِرِ، وَقِيلَ ثِيَابُهُ فَقَطْ، وَقِيلَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُتْرَكُ لِلْمَسْلُوبِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّلْبَ لِلسَّالِبِ، وَقِيلَ لِفُقَرَاء الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَالنَّقِيعُ بِالنُّونِ وَقِيلَ بِالْبَاءِ لَيْسَ بِحَرَمٍ، وَلَكِنْ حَمَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ فَلَا يُمْلَكُ شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِهِ وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَلَا يُضْمَنُ، وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَبَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَمَصْرِفُهَا مَصْرِفُ نَعَمِ الْجِزْيَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَبَحَثَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا لِبَيْتِ الْمَالِ

، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إمَّا مُخَيَّرٌ أَوْ مُرَتَّبٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مُعَدَّلٌ أَوْ مُقَدَّرٌ، وَسَتَأْتِي مَجْمُوعَةٌ آخِرَ هَذَا الْبَابِ.

وَقَدْ بَدَأَ بِالْمُخَيَّرِ الْمُعَدَّلِ فَقَالَ (وَيُتَخَيَّرُ فِي) جَزَاءِ إتْلَافِ (الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ بَيْنَ) ثَلَاثَةِ أُمُورٍ (ذَبْحُ) بِمُعْجَمَةٍ (مِثْلِهِ) بِمُثَلَّثَةٍ (وَ) بَيْنَ (الصَّدَقَةِ بِهِ) بِأَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَهُ مَعَ النِّيَّةِ حَتْمًا (عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ) وَعَلَى فُقَرَائِهِ أَوْ يُمَلِّكَهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا، وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ حَيًّا وَلَا أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ (وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ) بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ (دَرَاهِمَ) أَوْ غَيْرَهَا (وَيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا لَهُمْ) مِمَّا يُجْزِي فِي الْفِطْرَةِ أَوْ يُخْرِجَ مِقْدَارَهَا مِنْ طَعَامِهِ إذْ الشِّرَاءُ مِثَالٌ (أَوْ يَصُومَ) فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ (عَنْ كُلِّ مُدٍّ) مِنْ الطَّعَامِ (يَوْمًا) وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] الْآيَةَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ ذَبْحُ الْمِثْلِ مَا لَوْ قَتَلَ صَيْدًا مِثْلِيًّا حَامِلًا فَلَا يَجُوزُ ذَبْحُ مِثْلِهِ كَمَا مَرَّ بَلْ يُقَوِّمُ الْمِثْلَ حَامِلًا وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ اخْتِصَاصِ التَّقْوِيمِ بِالدَّرَاهِمِ.

وَقَوْلُهُ لَهُمْ: أَيْ لِأَجْلِهِمْ إذْ الشِّرَاءُ لَا يَقَعُ لَهُمْ، وَدَرَاهِمَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الطَّعَامِ أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ صَامَ عَنْهُ يَوْمًا تَكْمِيلًا لِلْمُنْكَسِرِ، وَقَدْ مَرَّ مُسَاوَاةُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ فَيُتَخَيَّرُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَقَطْ (وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ) مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ مِنْ الصَّيْدِ يُتَخَيَّرُ فِي جَزَاءِ إتْلَافِهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَقَالَ الْعَلَائِيُّ لَا تَرَدُّدَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا) مُعْتَمَدٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ وَهُمْ بَنُو شَيْبَةَ (قَوْلُهُ: وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ) وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ حُدُودَ الْحَرَمِ دُونَ الْمَوَاقِيتِ إذْ أَقَلُّ مَوَاقِيتِهِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ وَلَا شَيْءَ مِنْ الْحُدُودِ يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجُدَّةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ.

(قَوْلُهُ: وَصَيْدُ الْمَدِينَةِ حَرَامٌ) وَيَصِيرُ حَرَامًا كَمَذْبُوحِ الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخَانِ وَمَصْرِفُهَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنَّهَا لِبَيْتِ الْمَالِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ نَعَمَ الْجِزْيَةِ تُصْرَفُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ خَاصَّةً

ــ

[حاشية الرشيدي]

إلَخْ

(قَوْلُهُ: بِنَزْعِ الْخَافِضِ) أَيْ وَيُعْرَبُ فِيمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ بَدَلًا مِنْ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الطَّعَامِ أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ) أَخْرَجَ الْحَمَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>