وَغَيْرُهُ أَنَّا حَيْثُ جَوَّزْنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَوَازَ أَخْذِهِ لِلدَّوَاءِ وَالْعَلَفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ حَتَّى يَجُوزَ أَخْذُهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضَهُمْ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَمْنَعُ ذَلِكَ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى النَّبَاتِ يُفْهِمُ عَدَمَ التَّعَدِّي لِغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَيَحْرُمَ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحَجَرِهِ إلَى الْحِلِّ فَيَجِبَ رَدُّهُ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَامٍ فَأَشْبَهَ الْكَلَأَ الْيَابِسَ، وَنَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحَرَمِ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِئَلَّا يُحْدِثَ لَهُ حُرْمَةً لَمْ تَكُنْ، وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّهْيِ فِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةِ بِنَاءٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ ذَهَبَ فِي الرَّوْضَةِ إلَى الْكَرَاهَةِ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ سُتْرَتِهَا، وَيَجِبُ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْهُمَا فَإِنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِهَا أَتَى بِطِيبٍ مَسَحَهَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ، وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ: الْأَمْرُ فِي سُتْرَتِهَا إلَى الْإِمَامِ يَصْرِفُهَا فِي بَعْضِ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقِسْهُمَا عَلَى الْحَاجِّ وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ لِئَلَّا تَتْلَفَ بِالْبِلَى.
ثُمَّ نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ وَلَهُ لُبْسُهَا وَلَوْ لِنَحْوِ حَائِضٍ وَكَذَا اسْتَحْسَنَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنْ نَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْوَقْفِ أَنَّهَا تُبَاعُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا وُقِفَتْ لِلْكِسْوَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَعَلَى مَا إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا فِي مَصَالِحِ الْكَعْبَةِ جَزْمًا، وَأَمَّا إذَا مَلَّكَهَا مَالِكُهَا لِلْكَعْبَةِ فَلِقَيِّمِهَا مَا يَرَاهُ مِنْ تَعْلِيقِهَا عَلَيْهَا أَوْ بَيْعِهَا وَصَرْفِ ثَمَنِهَا لِمَصَالِحِهَا، فَإِنْ وُقِفَ شَيْءٌ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ رِيعِهِ وَشَرَطَ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ إعْطَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ اُتُّبِعَ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَقِفْهَا النَّاظِرُ فَلَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُ ثَمَنِهَا فِي كِسْوَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ وَقَفَهَا فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ.
قَالَ: وَبَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ وَهُوَ الْوَاقِعُ الْيَوْمَ، وَهُوَ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا وَشَرَطَ تَجْدِيدَهَا كُلَّ سَنَةٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ بَنِي شَيْبَةَ كَانُوا يَأْخُذُونَهَا كُلَّ سَنَةٍ لَمَّا كَانَتْ تُكْسَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَرَجَّحَ فِي هَذَا أَنَّ لَهُمْ أَخْذَهَا الْآنَ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَخُبَّيْزَةٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَوَّزَنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) مُعْتَمَدٌ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ عِوَضٍ فِي مُقَابَلَةِ رَفْعِ الْيَدِ عَنْ الِاخْتِصَاصِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحَجَرِهِ إلَى الْحِلِّ) أَيْ دُونَ مَائِهِ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ الْكَلَأَ الْيَابِسَ) أَيْ فِي مُجَرَّدِ عَدَمِ الضَّمَانِ فَلَا يُنَافِي الْكَلَأَ الْيَابِسَ لَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ لَكِنْ هَلْ يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى غَيْرِ الْحَرَمِ كَتُرَابِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةِ بِنَاءٍ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ سُتْرَتِهَا) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْآحَادِ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا، وَأَمْرُهَا لِلْإِمَامِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ) أَيْ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا) مُعْتَمَدٌ وَلَيْسَ مِنْ وَقْفِهَا مَا اُعْتِيدَ فِي زَمَانِنَا مِنْ أَخْذِ غَلَّةِ مَا وُقِفَ عَلَيْهَا ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ وَالْأَمْرُ فِيهَا لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ هُنَا حِكَايَةُ خِلَافٍ
[حاشية الرشيدي]
بَيْنَ مَا فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهَا الصَّرِيحُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ الْمُؤْذِي بِالْفِعْلِ أَوْ الْقُوَّةِ
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ سُتْرَتِهَا) أَيْ اسْتِبْدَادًا وَإِلَّا فَالْأَمْرُ فِي ذَاكَ لِلْإِمَامِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ) مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا فِي مَصَالِحِ الْكَعْبَةِ جَزْمًا) سَقَطَ قَبْلَهُ كَلَامٌ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ، وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا وُقِفَتْ لِلْكِسْوَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَلَى مَا إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهَا إمَّا أَنْ تُوقَفَ عَلَى الْكَعْبَةِ وَحُكْمُهَا مَا مَرَّ وَخَطَّأَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ مَا مَرَّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كُسِيَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute