النُّسُكِ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ فِي النَّذْرِ صَارَ مَوْضُوعًا شَرْعًا عَلَى الْتِزَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَمَنْ بِالْحَرَمِ يَصِحُّ نَذْرُهُ لَهُمَا فَيَلْزَمُهُ هُنَا أَحَدُهُمَا وَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ الْمَسْجِدِ حَوْلَهَا (فَإِنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَشْيٌ) لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ لَهُ فَيَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ (وَإِنْ) نَذَرَ الْمَشْيَ) إلَى الْحَرَمِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ (أَوْ) نَذَرَ (أَنْ يَحُجَّ أَوْ أَنْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا) فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمَشْيِ) مِنْ الْمَكَانِ الْآتِي بَيَانُهُ إلَى الْفَسَادِ أَوْ الْفَوَاتِ أَوْ فَرَاغِ التَّحَلُّلَيْنِ وَإِنْ تَأَخَّرَ رَمَى بَعْدَهُمَا أَوْ فَرَاغِ جَمِيعِ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ، وَلَهُ رُكُوبٌ فِي خِلَالِ النُّسُكِ فِي حَوَائِجِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ جَعْلَهُ وَصَفًّا لِلْعِبَادَةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا، وَكَوْنُ الرُّكُوبِ أَفْضَلَ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْ الْمُلْتَزَمِ فَغَيْرُ شَرْطٍ اتِّفَاقًا فَانْدَفَعَ دَعْوَى التَّنَافِي بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْيِ مَقْصُودًا وَكَوْنِهِ مَفْضُولًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ بِالْمَشْيِ دَمُ تَمَتُّعٍ كَعَكْسِهِ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُتَغَايِرَانِ فَلَمْ يَجُزْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخِرِ كَذَهَبٍ عَنْ فِضَّةٍ وَعَكْسِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَذْرِ الصَّلَاةِ قَاعِدًا حَيْثُ أَجْزَأَهُ الْقِيَامُ بِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ الْمُلْتَزَمَةِ، فَأَجْزَأَ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى لِوُقُوعِهِ تَبَعًا، وَالْمَشْيُ وَالرُّكُوبُ خَارِجَانِ عَنْ مَاهِيَّةِ الْحَجِّ وَسَبَبَانِ مُتَغَايِرَانِ إلَيْهِ مَقْصُودَانِ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ، وَأَيْضًا، فَالْقِيَامُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ فَوُجِدَ الْمَنْذُورُ هُنَا بِزِيَادَةٍ وَلَا كَذَلِكَ فِي الرُّكُوبِ وَالذَّهَابِ مَثَلًا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ نَذَرَ شَاةً أَجْزَأَهُ بَدَلُهَا بَدَنَةٌ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ بَعْضَ الْبَدَنَةِ مُجْزِئًا عَنْ الشَّاةِ حَتَّى فِي نَحْوِ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ فَإِجْزَاءُ كُلِّهَا أَوْلَى، بِخِلَافِ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَعَكْسِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي نَحْوِ الزَّكَاةِ فَلَمْ يَجْزِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَلَوْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ أَوْ فَاتَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِ مَشْيٌ بَلْ فِي قَضَائِهِ إذْ هُوَ الْوَاقِعُ عَنْ نَذْرِهِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ أَحُجُّ) أَوْ أَعْتَمِرُ (مَاشِيًا) أَوْ عَكْسَهُ (فَ) يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ (مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ) مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ وَكَذَا مِنْ حَيْثُ عَنَّ لَهُ فِيمَا إذَا جَاوَزَهُ غَيْرَ مَرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ عَنَّ لَهُ (وَإِنْ قَالَ أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى) بِقَيْدِهِ الْمَارِّ (فَ) يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مَعَ النُّسُكِ (مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِشِدَّةِ تَشَبُّثِهِ وَلُزُومِهِ كَمَا يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ لَا يَتَأَثَّرُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُضَادَّةِ لِضَعْفِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَرَاغُ التَّحَلُّلَيْنِ) وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ مَعَ السَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ رَمَى) أَيْ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَالْقِيَامُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْقُعُودَ جَعْلُ النِّصْفِ الْأَعْلَى مُنْتَصِبًا وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقِيَامِ مَعَ زِيَادَةٍ وَهِيَ انْتِصَابُ السَّاقَيْنِ وَالْفَخِذَيْنِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَوُجِدَ الْمَنْذُورُ هُنَا بِزِيَادَةٍ) قَالَ حَجّ: كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ نَذَرَ شَاةً) أَيْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ بَعْضَ الْبَدَنَةِ) وَهُوَ السُّبُعُ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاتَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِ مَشْيٌ) أَيْ فِيمَا يُتِمُّهُ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ الْوَاقِعُ عَنْ نَذْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ عَنْ نَذْرِهِ لَمْ يَكُنْ الْمَشْيُ فِيهِ مَنْذُورًا فَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْمَشْيِ فِيهِ بِوُجُوبِ الْمُضِيِّ فِي فَاسِدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ كَأَنْ قَالَ أَمْشِي حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ مُقَيِّدًا لَهُ بِالْحَرَامِ أَوْ نَوَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مَعَ النُّسُكِ)
[حاشية الرشيدي]
صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَقْصُودٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إتْيَانًا لِلْحَرَمِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ) أَيْ وَكَوْنُهُ قُرْبَةً مَقْصُودَةً فِي نَفْسِهَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ النَّذْرِ فَالضَّمِيرُ فِي صِحَّتِهِ لِلنَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ بِالْمَشْيِ) أَيْ إذَا نَذَرَ الرُّكُوبَ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُجْزِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ تَبَعًا) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ مِنْ إجْزَاءِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَبَبَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ أَوْ فَاتَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِ مَشْيٌ) لَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَى الْفَسَادِ أَوْ الْفَوَاتِ بَلْ هَذَا مَفْهُومُ ذَاكَ وَأَيْضًا قَدْ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مَعَ النُّسُكِ) أَيْ مَعَ لُزُومِ النُّسُكِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّلَبُّسُ بِالنُّسُكِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute