بَيْتِهِ مَاشِيًا وَالثَّانِي مِنْ الْمِيقَاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِتْيَانُ بِالنُّسُكِ فَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ (وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْمَشْيَ فَرَكِبَ لِعُذْرٍ أَجْزَأَهُ) حَجُّهُ عَنْ نَذْرِهِ لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ عَجَزَ بِالرُّكُوبِ (وَعَلَيْهِ دَمٌ فِي الْأَظْهَرِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا وَحَمَلُوهُ عَلَى عَجْزِهَا» ، وَالثَّانِي لَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَائِمًا فَصَلَّى قَاعِدًا لِعَجْزِهِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْبَرُ بِالْمَالِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالدَّمِ شَاةٌ مُجْزِئَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ كَنَظِيرِهِ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَالْعَجْزِ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالْمَرَضِ، وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَ الدَّمِ بِمَا إذَا رَكِبَ بَعْدَ إحْرَامِهِ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ مَشْيًا وَإِلَّا فَلَا، إذْ لَا خَلَلَ فِي النُّسُكِ يُوجِبُ دَمًا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إذَا أَوْجَبْنَا الْمَشْيَ عَمَّا إذَا لَمْ نُوجِبْهُ فَلَا يَجْبُرُ تَرْكَهُ بِدَمٍ (أَوْ) رَكِبَ (بِلَا عُذْرٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مَعَ عِصْيَانِهِ لِإِتْيَانِهِ بِأَصْلِ الْحَجِّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا هَيْئَتُهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا الْتَزَمَهُ (وَعَلَيْهِ دَمٌ) عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْضًا كَدَمِ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ مَعَ الْعُذْرِ فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى، وَلَوْ نَذَرَ الْحَفَاءَ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، نَعَمْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ لُزُومَهُ فِيمَا يُنْدَبُ فِيهِ كَعِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ.
(وَمَنْ) نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَزِمَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ) إنْ كَانَ صَحِيحًا وَيَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ الْحَجُّ بِالْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَيَجُوزُ لَهُ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ (فَإِنْ كَانَ مَعْضُوبًا اسْتَنَابَ) وَلَوْ بِمَالٍ كَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَيَأْتِي فِي اسْتِنَابَتِهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِيهِمَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَنِيبُ مَنْ عَلَى دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَمَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوُهَا، وَلَوْ نَذَرَ الْمَعْضُوبُ الْحَجَّ بِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ أَوْ أَنْ يَحُجَّ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَطْلَقَ انْعَقَدَ (وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ) مُبَادَرَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، فَإِنْ خَافَ نَحْوَ عَضْبٍ أَوْ تَلَفِ مَالٍ لَزِمَتْهُ الْمُبَادَرَةُ (فَإِنْ تَمَكَّنَ) لِتَوَفُّرِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ السَّابِقَةِ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّمَكُّنِ قُدْرَتُهُ عَلَى الْحَجِّ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَشْيٍ قَوِيٍّ فَوْقَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الشُّرُوطَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِاسْتِقْرَارِ وَالْأَدَاءِ مَعًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْأَوَّلِ (فَأَخَّرَ فَمَاتَ حُجَّ) عَنْهُ (مِنْ مَالِهِ) لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ. (وَإِنْ) نَذَرَ الْحَجَّ) أَوْ الْعُمْرَةَ (عَامَهُ) أَوْ عَامًا بَعْدَهُ مُعَيَّنًا (وَأَمْكَنَهُ) (لَزِمَهُ) فِي ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ إسْلَامٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ عُمْرَتُهُ لِأَنَّ زَمَنَ الْعِبَادَةِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ عَامًا لَزِمَهُ أَيَّ عَامٍ شَاءَ، وَأَمَّا إذَا عَيَّنَهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهِ فِيهِ كَأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الذَّهَابُ وَلَوْ بِأَنْ كَانَ يَقْطَعُ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ كَمَا هُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْحَجِّ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ،
وَلَوْ حَجَّ عَنْ النَّذْرِ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عَنْهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ مِنْ الْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَكَرَّرَ الدَّمُ بِتَكَرُّرِ الرُّكُوبِ قِيَاسًا عَلَى اللُّبْسِ بِأَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الرُّكُوبَيْنِ مَشْيٌ (قَوْلُهُ: وَتُهْدِي هَدْيًا) أَيْ وَكَانَتْ نَذَرَتْ الْمَشْيَ (قَوْلُهُ: أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ يَعْنِي فِيمَا لَوْ قَالَ أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، أَمَّا لَوْ قَالَ أَحُجُّ مَاشِيًا فَلَا يَأْتِي فِيهِ الْقَيْدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) جَاوَزَ الْمِيقَاتَ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ) أَيْ أَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّمَتُّعُ أَوْ الْقِرَانُ فَيَجِبُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ انْعَقَدَ) أَيْ وَيَسْتَنِيبُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ) أَيْ الْحَجُّ الْمَنْذُورُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الْمَعْضُوبِ.
(قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْهَا) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ نَذَرَ الْحَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ حُمِلَ مِنْهُ عَلَى التَّعْجِيلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَطْلَقَ فِي نَذْرِهِ لَزِمَهُ حَجٌّ آخَرُ فَيَأْتِي بِهِ بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقَضَاءِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: حَجُّهُ) أَيْ أَوْ عُمْرَتُهُ
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ) أَيْ وَإِنْ لَزِمَهُ دَمُ الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ
(قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْهَا) كَذَا فِي النُّسَخِ بِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ، وَلَعَلَّ صَوَابَهُ عَنْهُمَا بِتَثْنِيَتِهِ وَلْيُرَاجَعْ مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute