وَلَا مُبَالَاةَ بِالتَّسَمُّحِ فِي هَذَا الْكَلَامِ بِظُهُورِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ: أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى عَدَمِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأَكَلَ أَوْ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأَكَلَ، وَإِنْ بَانَ الْغَلَطُ قَضَى فِيهِمَا أَوْ الصَّوَابُ صَحَّ صَوْمُهُ فِيهِمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ إذَا تَرَكَ الِاجْتِهَادَ فَأَصَابَهَا أَنَّهُ هُنَاكَ شَكَّ فِي شَرْطِ انْعِقَادِ الْعِبَادَةِ وَهَهُنَا شَكَّ فِي فَسَادِهَا بَعْدَ انْعِقَادِهَا
(وَلَوْ) (طَلَعَ الْفَجْرُ) الصَّادِقُ (وَفِي فَمِهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ) (صَحَّ صَوْمُهُ) وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ لِانْتِفَاءِ الْفِعْلِ وَالْقَصْدِ وَلَوْ أَمْسَكَهُ فِي فِيهِ فَكَمَا لَوْ لَفَظَهُ لَكِنَّهُ لَوْ سَبَقَهُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ أَفْطَرَ كَمَا لَوْ وَضَعَهُ فِي فِيهِ نَهَارًا فَسَبَقَ إلَى جَوْفِهِ كَمَا مَرَّ (وَكَذَا لَوْ) (كَانَ) طُلُوعُ الْفَجْرِ (مُجَامِعًا فَنَزَعَ فِي الْحَالِ) أَيْ عَقِبَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِمَا عَلِمَ بِهِ صَحَّ صَوْمُهُ إذَا كَانَ قَاصِدًا بِنَزْعِهِ تَرْكَ الْجِمَاعِ لَا التَّلَذُّذَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُمْ وَإِنْ أَنْزَلَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ، وَلِأَنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ لِلْجِمَاعِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَهُ حَالًا، وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُحِسَّ وَهُوَ مَجَامِعُ بِتَبَاشِيرِ الصُّبْحِ فَيَنْزِعُ بِحَيْثُ يُوَافِقُ آخِرُ النَّزْعِ ابْتِدَاءَ الطُّلُوعِ (فَإِنْ مَكَثَ) بَعْدَ الطُّلُوعِ مُجَامِعًا (بَطَلَ) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ لِوُجُودِ الْمُنَافِي كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا، لَكِنْ لَمْ يُنَزِّلُوا مَنْعَ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِفْسَادِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَيُفَرَّقُ أَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَأَنَّ الصَّوْمَ انْعَقَدَ ثُمَّ أُفْسِدَ بِخِلَافِهَا ثُمَّ وَلِهَذَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِاسْتِدَامَتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ كَالْجَامِعِ بَعْدَ الطُّلُوعِ بِجَامِعِ مَنْعِ الصِّحَّةِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ، بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلَّقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ لَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ هُنَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَتَعَلَّقَتْ بِآخِرِهِ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعُ نَهَارِ رَمَضَانَ عَنْهَا وَالْوَطْءُ ثُمَّ غَيْرُ خَالٍ عَنْ مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ إذْ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ يُقَابِلُ جَمِيعَ الْوَطَآتِ.
نَعَمْ إنْ اسْتَدَامَ لِظَنِّ أَنَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَمَّا يَبِينُ غَلَطُهُ أَوْ عَدَمُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ صِحَّةُ صَوْمِهِ (قَوْلُهُ: فَأَصَابَهَا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَقَالَ حَجّ: وَالْمُرَادُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ، وَصَحَّ هُنَا الْحُكْمُ بِهِمَا وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ شَيْءٌ) غَايَةٌ وَيُعْلَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالسَّبْقِ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا بِمَا لَوْ وَضَعَهُ فِي فِيهِ لَا لِغَرَضٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ لِحَمْلِ مَا فِيهِ عَلَى مَا لَوْ وَضَعَهُ لِغَرَضٍ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ قَاصِدًا بِنَزْعِهِ تَرْكَ الْجِمَاعِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لَا التَّلَذُّذَ خِلَافُهُ، وَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّلَذُّذِ مَا عَدَا قَصْدَ التَّرْكِ فَيَدْخُلُ فِيهِ حَالَةُ الْإِطْلَاقِ اسْتِصْحَابًا لِمَا هُوَ مَقْصُودُهُ مِنْ الْجِمَاعِ فَيَبْطُلُ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَكَثَ بَعْدَ الطُّلُوعِ مُجَامِعًا بَطَلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ اللَّيْلِ إلَّا مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ لَا النَّزْعَ فَعَنْ ابْنِ خَيْرَانَ مَنْعُ الْإِيلَاجِ وَعَنْ غَيْرِهِ جَوَازُهُ اهـ.
وَقَالَ الزِّيَادِيُّ: وَقَيَّدَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِمَا إذَا ظَنَّ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْجِمَاعِ أَنَّهُ بَقِيَ مَا يَسَعُهُ: فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ أَفْطَرَ وَإِنْ نَزَعَ مَعَ الْفَجْرِ لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمْ يُنَزِّلُوا) أَيْ فِي الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلِّقِ الطَّلَاقِ) كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: جَمِيعَ الْوَطَآتِ) أَيْ وَمِنْ جَمِيعِ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ الْغَلَطُ قُضِيَ فِيهِمَا إلَخْ) مَفْهُومُ الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ قَاصِدًا بِنَزْعِهِ تَرْكَ الْجِمَاعِ لَا التَّلَذُّذِ) سَكَتَ عَمَّا لَوْ أَطْلَقَ وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلِأَنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ لِلْجِمَاعِ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَوَجْهُ فَهْمِهِ مِنْهُ أَنَّ النَّزْعَ مَوْضُوعُهُ التُّرْكُ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِهِ إلَّا بِقَصْدِ التَّلَذُّذِ فَلْيُرَاجَعْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute