مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ فَأَشْبَهَ الِاحْتِلَامَ وَإِنْ كَانَ تَكَرُّرُهُ بِشَهْوَةٍ حَرَامًا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَحَسَّ بِانْتِقَالِ الْمَنِيِّ وَتَهْيِئَتِهِ لِلْخُرُوجِ بِسَبَبِ اسْتِدَامَةِ النَّظَرِ فَاسْتَدَامَهُ أَنَّهُ يُفْطِرُ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّرَدُّدُ إذَا بَدَرَهُ الْإِنْزَالُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ مِنْ نَفْسِهِ
(وَتُكْرَهُ) (الْقُبْلَةُ) فِي الْفَمِ وَغَيْرِهِ (لِمَنْ حُرِّكَتْ شَهْوَتُهُ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ لِلشَّيْخِ وَهُوَ صَائِمٌ وَنَهَى عَنْهَا الشَّابَّ وَقَالَ: الشَّيْخُ يَمْلِكُ إرْبَهُ وَالشَّابُّ يُفْسِدُ صَوْمَهُ» فَفَهِمْنَا مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ دَائِرٌ مَعَ تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِهَا (وَالْأَوْلَى لِغَيْرِهِ تَرْكُهَا) حَسْمًا لِلْبَابِ إذْ قَدْ يَظُنُّهَا غَيْرَ مُحَرِّكَةٌ وَهِيَ مُحَرِّكَةٌ، وَلِأَنَّ الصَّائِمَ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُ الشَّهَوَاتِ مُطْلَقًا، وَضَابِطُ تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ خَوْفُ الْإِنْزَالِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قُلْت: هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فِي الْأَصَحِّ، اللَّهُ أَعْلَمُ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا لِإِفْسَادِ الْعِبَادَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ فِي فَرْضٍ إذْ النَّفَلُ يَجُوزُ قَطْعُهُ بِمَا شَاءَ وَالْمُعَانَقَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ بِالْيَدِ كَالتَّقْبِيلِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَعَدَلَ هُنَا، وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ قَوْلِ أَصْلَيْهِمَا تَحَرَّكَ إلَى حُرِّكَتْ لِمَا يَخْفَى ظَاهِرٌ لِأَنَّ (حُرِّكَتْ) مَاضٍ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ جَرَّبَ نَفْسَهُ وَعَرَفَ مِنْهَا ذَلِكَ بِخِلَافِ تَحَرَّكَ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ
(وَلَا يُفْطِرُ بِالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ) لِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» ، وَقِيسَ بِالْحِجَامَةِ الْفَصْدُ، وَخَبَرُ «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» مَنْسُوخٌ بِالْأَوَّلِ أَوْ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَيُعَضِّدُهُ أَيْضًا الْقِيَاسُ وَيُكْرَهَانِ لَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَجَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فَقَدْ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ. اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضَةِ
(وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يَأْكُلَ آخِرَ النَّهَارِ إلَّا بِيَقِينٍ) لِيَأْمَنَ الْغَلَطَ وَذَلِكَ بِأَنْ يَرَى الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ، (فَإِنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُرُوبِ حَائِلٌ فَبِظُهُورِ اللَّيْلِ مِنْ الْمَشْرِقِ) لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» (وَيَحِلُّ) الْأَكْلُ آخِرَهُ (بِالِاجْتِهَادِ) بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَوَقْتِ الصَّلَاةِ.
وَالثَّانِي لَا لِإِمْكَانِ الصَّبْرِ إلَى الْيَقِينِ وَيَجِبُ إمْسَاكُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ لِيَتَحَقَّقَ الْغُرُوبُ (وَيَجُوزُ) الْأَكْلُ (إذَا ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ) بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ (وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) أَمْسَكَ كَمَا مَرَّ (قُلْت: وَكَذَا لَوْ شَكَّ) فِيهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ (وَلَوْ) (أَكَلَ بِاجْتِهَادٍ أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلَ الْيَوْمِ (أَوْ آخِرًا) أَيْ آخِرَ الْيَوْمِ (وَبَانَ الْغَلَطُ) (بَطَلَ صَوْمُهُ) لِتَحَقُّقِهِ خِلَافَ مَا ظَنَّهُ (وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ) ، فَإِنْ لَمْ يَبِنْ الْغَلَطُ بِأَنْ بَانَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَّهُ أَوْ لَمْ يَبِنْ لَهُ خَطَأٌ وَلَا إصَابَةٌ صَحَّ صَوْمُهُ (أَوْ بِلَا ظَنٍّ) بِأَنْ هَجَمَ وَهُوَ جَائِزٌ فِي آخِرِ اللَّيْلِ حَرَامٌ فِي آخِرِ النَّهَارِ (وَلَمْ يَبِنْ الْحَالُ صَحَّ إنْ وَقَعَ فِي أَوَّلِهِ) يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ (وَبَطَلَ فِي آخِرِهِ) أَيْ آخِرِ النَّهَارِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ فِي الْأُولَى وَالنَّهَارِ فِي الثَّانِيَةِ.
قَالَ الشَّارِحُ:
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ بِشَهْوَةٍ فَأَمْذَى بَطَلَ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ تَكَرُّرُهُ بِشَهْوَةٍ) خَرَجَ بِهِ عَدَمُ التَّكَرُّرِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ يُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ حَرُمَ قِيَاسًا عَلَى الْقُبْلَةِ الْآتِيَةِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: بِانْتِقَالِ الْمَنِيِّ وَتَهْيِئَتِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُفْطِرُ قَطْعًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّرَدُّدُ إذَا بَدَرَهُ الْإِنْزَالُ) قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ بَعْدَ مَا ذُكِرَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي الضَّمِّ بِحَائِلٍ مَرَّ.
نَعَمْ اُعْتُرِضَ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ مُنَافٍ لِتَزْيِيفِهِمْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إنْ اعْتَادَ الْإِنْزَالَ بِالنَّظَرِ أَفْطَرَ
(قَوْلُهُ: خَوْفَ الْإِنْزَالِ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ انْتِصَابُ الذَّكَرِ وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ مَذْيٌ
(قَوْلُهُ: «احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» ) وَلَيْسَ هُوَ مَكْرُوهًا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كُرِهَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ بَلْ فِعْلُهُ الْمَكْرُوهُ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ، (قَوْلُهُ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى، بَلْ هُمَا بِمَعْنًى عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَبِنْ لِلْغَلَطِ) هَلْ يَجِبُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ) يَعْنِي خُرُوجَ الْمَنِيِّ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ لِأَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مِنْ الْمَكْرُوهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ كَرَاهَتَهُ خَفِيفَةٌ