للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْأَضْعَفِ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ اللَّحْظَةَ مِنْهُ تَضُرُّ كَالْجُنُونِ لَأَلْحَقْنَا الْأَضْعَفَ بِالْأَقْوَى، فَتَوَسَّطْنَا وَقُلْنَا إنَّ الْإِفَاقَةَ فِي لَحْظَةٍ كَافِيَةٌ، وَالثَّانِي يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ أَوَّلَ النَّهَارِ.

وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا: لَوْ شَرِبَ دَوَاءً لَيْلًا فَزَالَ عَقْلُهُ نَهَارًا فَفِي التَّهْذِيبِ إنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ فِي الْإِغْمَاءِ فَهَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ: أَيْ إذَا أَفَاقَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَعَلَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَا يُزِيلُ الْعَقْلَ رَأْسًا بَلْ يَغْمُرُهُ كَالْإِغْمَاءِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا يُزِيلُهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَغْرِقِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ، وَقِيلَ لَا كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ نُسُكِهِ؛ وَلَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَيْلًا وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ صَحَّا فِي بَعْضِهِ فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ عَقْلَهُ هُنَا لَمْ يَزُلْ

(وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْعِيدِ) أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَلَوْ عَنْ وَاجِبٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (وَكَذَا التَّشْرِيقُ فِي الْجَدِيدِ) وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى لِمَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا (وَلَوْ كَانَ صَوْمُهَا لِمُتَمَتِّعٍ عَادِمٍ لِلْهَدْيِ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهُ) ، وَفِي الْقَدِيمِ لَهُ صِيَامُهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِيهَا

(وَلَا يَحِلُّ) (التَّطَوُّعُ) بِالصَّوْمِ (يَوْمَ الشَّكِّ بِلَا سَبَبٍ) يَقْتَضِي صَوْمَهُ لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ.

قِيلَ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْقُوَّةُ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ، وَضَعَّفَهُ السُّبْكِيُّ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ صَوْمِ شَعْبَانَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ إدْمَانَ الصَّوْمِ يُقَوِّي النَّفْسَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي صَوْمِ شَعْبَانَ إضْعَافٌ بَلْ تَقْوِيَةٌ، بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُضْعِفُ النَّفْسَ عَمَّا بَعْدَهُ فَيَكُونُ فِيهِ افْتِتَاحٌ لِلْعِبَادَةِ مَعَ كَسَلٍ وَضَعْفٍ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ الصَّوْمُ بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ بِلَا سَبَبٍ مِمَّا يَأْتِي إنْ لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ لِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ (لَوْ صَامَ الْخَامِسَ عَشْرَ وَتَالِيَهُ ثُمَّ أَفْطَرَ السَّابِعَ عَشَرَ) حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ صَوْمُ يَوْمٍ بَعْدَ النِّصْفِ لَمْ يُوصَلْ بِمَا قَبْلَهُ (فَلَوْ صَامَهُ) تَطَوُّعًا مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بَطَلَ صَوْمُهُ) أَيْ فَلَا يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الصَّائِمِينَ فِي الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ بَلْ يُسْتَعْمَلُ الطِّيبُ وَنَحْوُهُ فِي كَفَنِهِ مِمَّا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلصَّائِمِ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ) أَيْ فَلَا يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهَا ثَوَابُ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ يُثَابُ عَلَى مُجَرَّدِ الذِّكْرِ فَقَطْ، وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ حَيْثُ أَحْرَمَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ أَمْ لَا وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى بَهْجَةٍ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ أَيْضًا فِي الْإِغْمَاءِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: مَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ وَفِي مُسْلِمٍ «إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» اهـ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَيُرْوَى أَيْ قَوْلُهُ وَشُرْبٌ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَالْفَتْحُ أَقَلُّ اللُّغَتَيْنِ وَبِهَا قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو {شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: ٥٥] وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: أَيْ الْإِبِلِ الَّتِي بِهَا الْهُيَامُ: أَيْ بِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ دَاءٌ يُشْبِهُ الِاسْتِسْقَاءَ جَمْعُ أَهْيَمُ وَهَيْمَاءُ يُرِيدُ أَنَّهَا أَيَّامٌ لَا يَجُوزُ صَوْمُهَا

(قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ) أَيْ فَشَرْطُ الْجَوَازِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْجِمَاعِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ النِّسْيَانُ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا هُوَ مَوْضُوعُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ إذْ صُورَتُهُ أَنَّهُ أَفَاقَ بَعْضَ النَّهَارِ وَإِلَّا لَمْ تَأْتِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْلِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ أَصْلُ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْفَهْمَ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الْإِغْمَاءِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْمُقْتَضِي لِلْبُطْلَانِ بِهِ حَيْثُ جَعَلْنَا الْإِغْمَاءَ غَيْرَ مُبْطِلٍ، إلَّا أَنَّهُ بِفِعْلِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْبَغَوِيّ تَجَوَّزَ فِي قَوْلِهِ فَزَالَ عَقْلُهُ فَعَبَّرَ بِالزَّوَالِ عَنْ التَّغْطِيَةِ، عَلَى أَنَّ حَمْلَ الزَّوَالِ فِي كَلَامِهِ حَقِيقَتُهُ يُنَافِيهِ حِكَايَةُ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا قُلْنَا إنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَيْلًا) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَبِهِ صَرَّحَ الشِّهَابُ سم

<<  <  ج: ص:  >  >>